تحقيقات وتقارير

حلايب أو مثلث برمودا السوداني – المصري !

[JUSTIFY]في العام 1958 سمع العالم الخارجي لأول مرة، باسم المثلث الغريب، حلايب، عندما أرسل الرئيس جمال عبد الناصر قواته إلى المثلث في محاولة لاحتلاله وضم قرى حلايب وشلاتين وأبو رماد إلى الدولة المصرية بصورة نهائية.. ولكن رد رئيس وزراء السودان في ذلك الوقت، السيد عبد الله خليل بك، على خطوة الرئيس ناصر كان قويا وحاسما.. وتمثل في إرسال قوة حربية إلى المثلث بأوامر للتصدي للقوة المصرية.. فتراجع الرئيس ناصر وسحب قواته بدون تعليل تصرفه في حالتي الاقتحام والانسحاب.. صحيح أن المثلث يقع شمال خط العرض 22 شمالا، ويكون في هذه الحالة أرضا مصرية، ولكن الصحيح أيضاً أن الحكومة الاستعمارية المشكلة من دولتي بريطانيا ومصر كانت قد غيرت رأيها في تبعية هذا المثلث لمصر في العام 1902 وألحقته إداريا بالسودان وبررت قرارها بأن المثلث أقرب إلى السودان منه إلى مصر.. منذ ذلك التاريخ السحيق اعتبر السودانيون المثلث أرضا سودانية.. غير أن المشكلة ظلت تطفو إلى السطح كلما حانت مواسم الانتخابات في كل من مصر والسودان.. إذ كانت كل دولة تعترض على محاولة الدولة الأخرى جعل حلايب دائرة انتخابية تابعة لها.. ولكن ظل المثلث دائرة انتخابية سودانية في جميع الدورات الانتخابية السودانية قبل أن تحتله مصر بعد حادثة محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك التي اتهم السودان بتخطيطها، هذه المرة لم يرسل السودان جنودا لإيقاف الغزو المصري بسبب حالة الوهن العسكري والسياسي التي كان يمر بها بسبب حروب الجنوب، ودارفور، وبسبب تشقق الجبهة الداخلية السودانية..

قطعا لا أحد يدعو إلى الحرب بين البلدين الجارين، ولكننا ندعو إلى المدافعة والمناجزة القوية لاستعادة الحق المسلوب.. إن السودان يجب أن لا يحاكم بجريرة المجرمين الذين حاولوا اغتيال حسني مبارك ولم ينجحوا مثلما نجحوا في فصل الجنوب لكي يحققوا النقاء العرقي والديني والثقافي.

الأمل يبدو ضعيفا جدا في وصول البلدين إلي حل سلمي للنزاع لسبب جوهري، هو رفض مصر بصورة متعنتة الحديث حول تبعية المثلث باعتباره أرضا مصرية لا يسمح بالنقاش حولها أي طرف أجنبي.. كذلك ترفض مصر بصورة أكثر تعنتا فكرة التحكيم الدولي، وينشأ سؤال مهم هنا هو إذا كانت مصر واثقة من ملكيتها للمثلث فلماذا لا تقبل التحكيم حلا للإشكال مع دولة كانت تصفها حتى الأمس القريب بأنها دولة شقيقة يسكنها شعب شقيق. سماح السلطات المصرية لإعلامها الرسمي بالتفلت في حق الشعب السوداني ومهاترته ببذاءة مقيتة هو تصرف سلبي ومضر بمحاولات التسوية والتهدئة، الجانب السوداني الرسمي ظل حتى الآن أكثر اتزانا وأكثر تعقلا في طرح الخلاف الحدودي.. أقصى ما بلغه مسؤول سوداني من نقد للتجاوزات الإعلامية المصرية هو وصف وزير الخارجية السوداني مسلك الإعلام المصري بالمسلك المهرج، ودعوته لمصر لضبط سلوك إعلامها حفاظا على الوشائج المتينة التي تربط البلدين والشعبين، مسارات هذه القضية الحساسة تبدو ضيقة وغير جالبة للتفاؤل.. يزيد من صعوبة الوصول إلى حلول سريعة أن المثلث موضع النزاع غني بالثروات الكامنة من ذهب وبترول ومعادن وثروة سمكية.. ولن يهون على أي طرف التنازل عنه.. لعلها خسارة فادحة أن نرى الشعبين اللذين كانا يبشران بالوحدة الاندماجية، أن نراهما يتعاركان حول ملكية بضع كيلومترات من الأرض.. رحم الله الأزهري ومحمد نور اللذين كادا يبيعان شعبنا في سوق النخاسة السياسية بغفلتهما السياسية التي كادت أن تلحق السودان بتاج الملك فاروق لاعتقادهما أن ذلك العمل هو عمل وطني.. صحيح أنها لا تعمي الأبصار، ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.

المصدر: الشرق القطرية
بقلم: د. علي حمد إبراهيم
ع.ش[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. حلايب سوانية وأسوان كمان سودانية والنوبيين كلهم سودانيين ومافي نوبي مصري بس نعمل شنو في السلبطة.