[JUSTIFY]كان ملخصاً كافياً لإنهاء ضبابية المشهد.البيان الممجوج الذي صدر منتصف ليلة أمس من رئاسة الجمهورية والذي نعى الحوار قبل أن يبدأ مضافاً لذلك بدء حملة الاعتقالات السياسية على ضوء شموع الحوار الوطني المدعى،لخص الجملة المفيدة.البيان الصادر من الرئاسة أعلن دون لبس التراجع الكامل عن الحوار،الرئاسة تطالب بضبط الإعلام في شأن تناول قضايا الفساد،حلو، لكن الرئاسة هي ذاتها من أطلقت الحريات الإعلامية بل وحتى السياسية وليس أي جهة أخرى،كما أن الرئاسة تعلم تمام العلم من أين جاءت الصحافة بملفات الفساد،هل تظن أنها اجتهاد صحفيين.؟ مؤكد هي تدرك وبالإسم من أوصل ملفات الفساد إلى الصحافة وما هدفه،ولا تقل لي انها خطوات فعلية لمكافحة الفساد لكنها تقاطعت مع ذات المصالح،لأن الفساد ليس هناك من هو كفء لمكافحته،وما أُثير في الصحافة من قضايا فساد لا يُمثل شيئاً أمام ما ترقد عليه المؤسسات الكبرى بنافذيها من فساد امتد لسنوات،وهذا قولهم وليس قول الصحافة،لكن في نهاية الأمر والمهم أن يعلمه الناس هو أن الحوار الذي شرعت فيه الرئاسة تراجعت عنه بدرجة 100% ودون عودة..السؤال المهم على الإطلاق وإيجاد إجابة له ربما يجعل الصورة أكثر وضوحاً،وهو كيف وصلت الأمور إلى هذا المنقلب في غضون سبع ليالي أو يقل وتزامنا مع دخول الرئيس إلى المستشفى وخروجه منها،بدءً باعتقال رئيس حزب الأمة الصادق المهدي دون أسباب موضوعية ومقنعة بلوغاً بيان الرئاسة الذي وضع النقاط على الحروف بشكل جلي وأنهى عبث الحوار الوطني قبل أن يبدأ،والذي لم يكن ليقدم حلاً..ما يدعو للريبة أكثر أن هناك رسائل عديدة ومتناقضة صمتت الألسن وتحدثت البيانات فقط،نشر 3 ألوية من قوات الأمن حول الخرطوم دون تفسير،رغم أن إدارة الإعلام قالت أن الخرطوم آمنة وهو ما جعل احتمال هجوم وشيك عليها من الخارج أمر مستبعد،أذن لما الخطوة وما الهدف من الرسالة،ألحق ذلك بيان من الشرطة بوضع القوات داخل الخرطوم في حالة استعداد أيضا دون توضيح لدواعي نشر أو استعداد هذه القوات،ليس هناك مهدد خارجي سوف يجتاح العاصمة،بل أن مهدد داخلي ربما محتمل،هذا المشهد الأمني غير مبرر الدواعي بالنسبة للجميع فسره بشكل واضح بيان الرئاسة المضطرب بشأن الحريات الإعلامية وتحديداً الصحفية والتلميح لعودة الرقابة على الصحف،والذي بدأ فعلياً بمصادرة عدد الأمس من صحيفة “الصيحة” وتعليق صدورها لأجل غير مسمى على خلفية حملتها الشعواء ضد الفساد،الرسالة وصلت وانجلت الضبابية،سيطرة المشهد الأمني مع تراجع كامل للمشهد السياسي طيلة الأيام الفائتة يعني مباشرة أمر جلل ربما ينفجر،كل هذه الخطوات هي إجراءات توطئة لشيء ما.