قير تور

عروق من وُلِدُوا في غزة


[ALIGN=CENTER]عروق من وُلِدُوا في غزة [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]في زمن لم أحضره باي من الحواس : السمع والبصر واللمس والذوق…
حدث الآتي: قتل وحرق وتشليع الأجساد. كانت الأفران تملأ بالغاز ويشرف على ذلك العمل أشخاص مهمتهم القيام بذلك العمل الموصوف بالوطني حسب قاموس رئيس دولتهم في ذلك الزمان.
كان وقود تلك النيران المشتعلة تحرق أجساد جنسين معينين، لا يريد قائد تلك الدولة القوية آنذاك وجودهم على وجه الأرض…فذبحوا وقتلوا وتم التمثيل بجثثهم.
لم أحضر تلك الأحداث…حاشا والله…ولم يكن والدي موجوداً في الزمان والمكان حتى إذا قلت بأن روايته لا اشك فيها ابداً مهما كانت الظروف…. ولا اعرف هل والد أحدكم كان في تلك الحقبة شاهداً…؟.
لا… فلم اكن حاضراً، لكن الكتب والوثائق الكثيرة التي وجدناها أخبرتنا وحدثتنا واعادت لنا كثيراً.
وما قرأته…أو سمعته ممن قرأته…أو الإثنين معاً… أو سمعته ممن سمع عن راوٍ آخر يفيد بأن ذلك القائد الذي لم يعرف حتى الآن مات منتحراً أم قتل هو: هتلر.
وأما الأحداث تلك فقد تم تسميتها بالهولوكوست…
والهولوكوست التي لم نراها أو اي من زملائنا… إنما جاءتنا أحداثها عبر روايات متواترة صدقناها وصرنا نحتفل بها لأننا إقتنعنا بأنها كانت مجازر تنتهك (الإنسانية)..
إذن فالدماء التي سالت في عهد بعيد اثارت فينا عاطفة الإنسانية وتعاطفنا ضد النازية تضامنا مع اليهود.
والوقوف مع الضحية جاء وفق رواية وليست حقائق شاهدناها….
والذي يقف مع الموقف الإنساني لا يهمه لون ولغة وعقيدة ومكان وزمان الضحية، بل عليه الوقوف ضد سفك الدماء.
وعلى تلك الشاكلة فكاتب هذه السطور عندما سمع بما حدث في جبال النوبة ايام الحرب بالبلاد لم يعجبه، وفي أي من مدن واو وجوبا وملكال لا يعجبه كذلك…
وإذا كانت نفس الأمور تستمر في بعض الأماكن كما حدثت في ابيي في الشهور الماضية ولا تزال كذلك مستمراً في دارفور فهي غير مقبولة… والسبب في عدم القبول: عروق كل من يروح ضحية هناك تجري فيها الدماء بنفس اللون غير المتغير في اي مكان.
إذن…. فالسؤال الصعب هو هل تختلف دماء أطفال ونساء غزة عن دماء كل من ذكرنا شأنه أعلاه؟.
أنا على يقين تام بأن الفلسطينيين في غزة… هذا إذا ما بقي فلسطيني فيها لحظة وصول هذا المقال إليك ولم تحصده آلات القتال الإسرائيلية… دماؤهم وأرواحهم ليست مختلفة عن دماء اي مخلوق بشري آخر في هذا العالم. واقسى ما في الحياة إنهم يسالون أنفسهم :هل ذنبنا أننا ولدنا في غزة؟..
وفي هذا الزمان والمكان….
ونحن حضور بكل حواسنا حتى غير المرئية منها…. وبشهادة العالم كله…
لم ينفعل مع الحقائق والوقائع الماثلة أمامنا التي تقول بأن الذين يموتون وتتدفق دماؤهم في غزة بشرٌ مثلنا سوى شخص واحدٌ فقط من بين الجالسين على كراسي الحكم في العالم هو رئيس فنزويلا لأنه لم يتحمل ما يحدث..
ماذا نتخيل لو أي واحد منا وُلد يهودياً في زمن هتلر أو فلسطينياً في زمن اولمرت؟.[/ALIGN] لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1140- 2009-1-15