منى سلمان

‫بنات السرور

‫بنات السرور
[JUSTIFY] هناك العديد من برامج الحوار الشبابية اتابعها ما استطعت على قناتي ام درمان والنيل الازرق، والتي تهتم بعكس اهتمامات الشباب وطريقة تفكيرهم، وتطرح لهم مواضيع حيوية معاصرة لتستطلع رأيهم فيها ..
حسنا، قيل (الله يكفينا شر قلنا وقالوا) أن أحد الوجهاء كان يرتدي ملابس انيقة وجميلة ظل يمشي ويتبختر أمام الفيلسوف سقراط اعجابا بنفسه واستعراضا، فما كان من سقراط إلا ان افحمه بمقولة صارت مثلا وحكمة .. قال: تكلم حتى أراك !
ليس الشكل الخارجي وحده هو ما يجعلنا نتعرّف على الاخرين لنحكم عليهم، ولكن ما يخرج من افواههم وتنطق به ألسنتهم هو ما يفضح حقيقة النفوس ويعكس جوهرها، الكلام هو ما يميزنا كبشر، وهو الذي يحدد اي نوعية من البشر نحن ..
هذا الفهم السقراطي الراقي كان دافعا لي في محاولة فهم الجيل الجديد من اليافعات (تحديدا)، بحكم ان لي ابنة تاشراتية أحاول تلمس طريقي في التفاهم معها ومد جسور التواصل الانساني والتربوي معها لنتجاوز معا تلك المرحلة الحساسة من حياة البنات .. فكم شعرت بالارتباك وحيرة الالتباس في مقارباتي الفكرية مع الجيل الجديد من البنات .. يصدمني المظهر فأكاد ابصم بالعشرة على تهمة الاستلاب والخواء الفكري وانقطاع تواصل الاجيال، الذي يزود كل جيل بموروثات وقيم واخلاق الجيل الذي يسبقه بما يحفظ الهوية ويمنع طمسها بجديد الصرعات والموضات، ولكن حكمة سقراط كانت تلزمني بالجلوس للاستماع لهؤلاء الصبايا حتى اتمكن من الحكم لهن أو عليهن بعدل ..
النصيحة لـ الله، الكثير من تلك الحوارات مع الصبيات التي تابعتها على الشاشة، أو أدرتها بنفسي عبر المراسلة مع صديقاتي الصغيرات، أرتنى منهن الكثير من الوعي والنضج الفكري بل والكثير من الدردحة والفلاحة التي كانت تنقصنا ونحن في مثل سنهن ..
قبل أيام كنت اتحاور مع احدى صديقاتي، وكانت تشتكي من أنها توفر ما استطاعت لابنتها التي تصغر ابنتي قليلا أنواع من الكتب التي تناسب سنها، وتجتهد في اختيار ما يمكن ان ينفعها ويوسع مداركها، ولكن الصغيرة عازفة تماما عن الاقتراب من تلك الكتب وتقضي جل وقتها في حمل الموبايل والبعبصة بازراره في تواصلها الاسفيري المتواصل ليل نهار مع صديقاتها في الشاتات ، فأخبرتها أنني عندما كنت في عمر ابنتي الأن، كنت قد قرأت تقريبا كل ما اخرجته المطابع العربية من الروايات، بالاضافة لما ترجمه المترجمون من الادب الاجنبي، بجانب كل كتب المغامرين والمخبرين والشياطين وادهم صبري واجاثا كرستي وارسين لوبين ووو ..
بل لم يكن هناك رقيب أو حسيب ليحدد لي ما يصلح وتصح مطالعته لمن هم في سني، مع العلم بان تلك الرقابة كانت مفقودة حتى في متابعة سيرنا الاكاديمي ومستوى تحصيلنا .. الكثير من الاباء في زمنا كانوا لا يعرفون حتى في اي سنة دراسية يدرس ابناءهم، ومع ذلك فأنا الان كحال الكثير من الاباء والامهات، أمارس رقابة لصيقة على ما اسمح لابنتي بمطالعته، خاصة وان لها ميلا للقراءة في كتب السيرة والفقة وشيوخ الدعاة فأحاول أن اطمئن على وسطية المصادر التي تستقي منها ثقافتها الاسلامية، كي لا تقع في شباك التطرف ..
حسنا تاني، فالنعترف .. أي نعم جيلنا والاجيال الاسبق كانوا أكثر ثقافة واطلاعا مقارنة مع اضمحلال هواية القراءة وعزوف الشباب عن الكتب والمكتبات، إلا ان هذا الجيل اكثر مقدرة على التواصل واقدر على التعبير عن نفسه ومكنوناته وله منهجية في التفكير ليس من الانصاف ان ننكرها .. بالجد في بنات يشرحوا القلب بنضجهن وتفتح عقولهن ..
تلك المقدرة الاستثنائية على التعبير عن الذات، هي التي افرزت الكثير من الشابات صغيرات السن الموهوبات بصورة استثنائية في مجال الشعر، أما في الكتابة فأسكت وكب هناء ابراهيم .. هند الجيلي .. ثويبة العجيمي .. عبير زين ووو ، حتى في مجال فن الكاركتير هناك من تميزت وبذت الرجال والكاركتيرست الكبار مثل الدكتورة رنا عامر ..
بس شنوووو .. كلما سمحت لي الفرصة بالجلوس في احدى قاعات الافراح وتابعت بعيني الدهشة طريقة اللبس واطنان المساحيق والبدر والارواج يحتار مني الشاويش واردد مقولة أخواتنا المصريات غير المقرفات (اسمع كلامك اصدقك .. اشوف عمايلك استغرب) !!‬

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email][/JUSTIFY]

تعليق واحد