زاهر بخيت الفكى: لغمين..أحلاهما مُر..!!
كفاءات هاجرت عبر وكالات الاستقدام والتعاقدات الشخصية وأخرى فى طريقها للهجرة متى ما سنحت الفرص وما أكثرها هى الفرص لمثل هؤلاء والدولة غائبة تماماً عن المشهد وبعض منسوبيها يؤكدون أن هجرة هذه الكفاءات من الأساتذة الأجلاء والأطباء لن تؤثر سلباً مهما ازدادت على جامعاتنا ومستشفياتنا..
هل منكم من يُصدق مثل هذا القول ومؤسساتنا أصبحت خاوية ..؟
هؤلاء ذهبوا عبر الطرق الشرعية وبالبوابة الرسمية للدولة وغيرهم ذهب عبر طرق أخرى غير شرعية وبلا هوية تُثبت خروجهم من هنا ودخولهم إلى أراضٍ أخرى منهم من وصل إلى حيث يُريد ومنهم من لم يصل حتى الآن ولن يصل إذ ظل تائهاً فى صحارى لا حدود لها أودت بهم إلى نهاية مأساوية ومازالت أسرهم تنتظر من يُحدِث عنهم أأحياء هم أم أموات وقد طال الغياب…
أحدهم عاد للتو وقد أنقذته عناية ربنا سبحانه ليعود سالماً إلى أهله لم يغنم شئ من رحلته تلك لكنه عاد قانعاً بالعيش هنا رغم الضنك وحالنا الذى يُغنى عن كلِ سؤال..عاد يحكى عن معاناة حقيقية عاشها ومجموعة من رفاقه وقد ذهبوا سوياً إلى القاهرة ومنها للحدود المصرية الليبية على أمل أن يتجاوز الحدود هو ومن معه بسلام والدخول إلى أرض الرفاهية المزعومة ليبيا(ما بعد القذافى)وبالفعل بدأت رحلتهم وسط صحراء مليئة بألغام زُرِعت منذ عهدٍ بعيد جداً ربما من أيام الحرب العالمية وما زالت باقية وقد أزهق بعضها أرواح الكثير من المغامرين ، ذهبوا يتبعون قائداً فظاً غليظ القلب كثير الاساءة لهم ولكنه خبيراً بالدروب الآمنة التى تؤدى بهم إلى بر الأمان نظير مبلغ مالى محترم يُدفع له قبل الرحلة.
كانت رحلة شاقة لم يستطع صاحبنا هذا من متابعتها بعد أن أُصيب بعلة اضطرته للعودة إلى داخل الحدود المصرية بعد أن فقد ماله ومستنداته التى يُثبت بها هويته وقد حمد الله كثيراً أن قيض له من يُعينه فى الوصول إلى السفارة السودانية فى القاهرة وهو خالى الوفاض ومن بعد تم ترحيله إلى أرض الوطن سالماً وقد وصل رفاقه إلى داخل الحدود الليبية أعادهم الله وغيرهم إلى وطنهم بالسلامة..كالمستجير بالنار من الرمضاء أصبحنا نحن..
والله المستعان..
زاهر بخيت الفكى
بلا أقنعة…
صحيفة الجريدة السودانية…