منى سلمان
جفاء الحبان
تذكرت الحبوبة اقتراب مواعيد سفر ابنتها (سناء) وابنائها لديار غربتهم بعد انتهاء اجازة الشهر التي مرت كلمح البصر، غمرها شعور بالحزن وقاومت رغبتها في البكاء، عندما تخيلت ما سيحدث بعد سفرهم وخلو البيت من انسهم وضجيجهم المحبب الى قلبها، وكيف سيعود الحال بها لايام طويلة من (عدم الموضوع)، تقضيها وزوجها في انتظار زيارة بقية الابناء في نهاية الاسبوع، بعد أن انفصلت فروعهم من شجرتها، وانغرست في الارض لتنمو معتمدة على نفسها ..
ابعدت (شادن) عن حضنها لتمسح على وجهها بيدين حانيتين وسألتها باسمة:
يا حليلكم يا شوشة حبيبتي .. خلاص مسافرين ومخلين حبوبة براها ؟
ردت الصغيرة ويديها ما زالت تعبث بوجه جدتها:
ايوة .. بابا قال بكرة الساعة ستة حا نمشي المطار
سألتها حبوبة (خديجة) وهي تعيدها لاحضانها:
رايك شنو تقعدي معاي .. خلي ناس امك وابوك واخوانك يسافروا وانتي اقعدي معاي هنا عشان تونسيني .. ادخلك المدرسة و…..
سحبت (شادن) نفسها بعيدا عن حضن جدتها وقاطعتها بحدة:
لاااا لا يا حبوبة .. ابيت ما بقعد هنا .. مش عندك بناتك ناس خالتو سمية ؟ بتتشربكي في بنات الناس مالك ؟ كل أم تقعد مع بناتا !!
اجابة الصغيرة البريئة التي جرحت خاطر حبوبة بغير قصد، شكلت اضاءة على تغير النفوس وانكماش مساحات التواصل الأسري .. ليس بين الاحفاد والاجداد وحدهم، بل وحتى بين الابناء والاباء .. وبين الابناء وبعضهم البعض، فقديما كان ما طلبته الحبوبة واستنكرته الحفيدة يعتبر من ضمن البديهيات .. (فلانة مدفوعة لحبوبتا) و(علانة مربياها خالتا)، كانت (دفيعة) محنة تقتضيها حوجة الحبوبة للونيس، وحرمان الخالة من الخلف ولكن ..
الجفاء أو الجفوة التي بتنا نعاني منها كمجتمع، امتدت لتصل لإنقطاع التواصل الأسري وبرود العلاقات بين افراد الأسرة الواحدة احيانا .. شكت لي الكثير من صديقاتي مؤخرا، من الجفاء الذي ادى لان (تكش) علاقاتهن بأسرهن بما فيهم الأم والأب، لمستوى التواصل بالهاتف لمن استطاعت الى رصيده سبيلا .. وكتر خير الخدمات التي تتيحها شركات الاتصالات ..
هذا الإنقطاع الذي نتج عن مشقة الحياة وانشغال الكل بالجري من أجل لقمة العيش، قد يدمر العلاقات ويخلق من الجفاء ما يهدد النسيج الأسري المترابط الذي عرف عنا كمجتمع ويضع علاقاتنا الأسرية في مهب الريح !
أهم أساسات العلاقة الأسرية وجود التراحم والتواد والتواصل، الذي بات مهددا بـ انشغال الكبار وتشاغل الصغار .. فـ الأجهزة الحديثة من وسائل إتصال وجوالات وقنوات تلفزيونية أوجدت خللاً كبيراً وفجوة في منظومة التواصل الأسري .. صار من الممكن جدا ان تجتمع العائلة في مكان واحد ، ولكنه اجتماع بالأجساد بينما العقول غائبة مع تلك الملهيات، وكل منهم في عوالمه الخاصة والصمت هو سيد المكان، حتى صار افراد الأسرة الواحدة كالغرباء لا يعلم بعضهم عن بعض شيئا !
فتح نوافذ التواصل مع الأبناء ضرورة يحتمها جفاء ومادية عصرنا الحالي بكل سلبياته وإيجابياته، وعلى الوالدين الدور الأكبر والأساسي في فتح هذه النوافذ من خلال المبادرة بمد قنوات التواصل بالكلام الطيب والعبارات الجميلة للأبناء، ومحاولة انتزاع بضع ساعات من براثن وحش المشغوليات وتخصيصها لمد ما انقطع من حبال الود بين جيل الاحفاد والاجداد ..
مخرج: عندما حكت حبوبة (خديجة) بالواقعة لجارتها حاجة (السرة) التي جاءت لتتفقد وحشتها بعد سفر ابنتها وصغارها .. هزت رأسها بعد انتهائها من اعادة ما قالته حفيدها وعقبت في حيرة:
هسي الكلام دا لو قالتو بت ولدي أكان قلنا أمها محرشاها .. يا كافي البلا جاني من بت بتي !!
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]
رائعه ياأستاذه كل مقالاتك تضرب فى وتر حساس الله يحفظك
[FONT=Arial]جعل الله صِلَةَ الرحم توجب صِلَتَه سبحانه للواصل، وتتابع إحسانه وخيره وعطائه عليه، وذلك كما دَلَّ الحديث القدسي الذي رواه عبد الرحمن بن عوف قال: سمعتُ رسول الله يقول: قال الله: “أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ”
وبَشَّرَ الرسولُ الذي يَصِلُ رحمه بسعة الرزق والبركة في العمر، فروى أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يقول: “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ[3]؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ” إن الله تعالى خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم، قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت بلى، قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: اقرؤوا إن شئتم:{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} محمد 22-23[/FONT]
كنت احكي دائما لصديقاتي عن عماتي وحبي لهن وكن يستنكرن ويقلن لي انتي من زمن العمات والله عماتنا ماعارفنهم ساكنات وين !!! كنت اندهش جدا لكن للاسف عندما كبرت وتزوجت لقيت مع صديقاتي الف بل مليون حق !!! تري هل الخطا مني ام من عماتي ؟