وسط قلق أممي.. جنوب السودان يواجه مجاعة وكوليرا

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الأول عن قلقه البالغ إزاء العنف في جنوب السودان، منددا في الوقت نفسه بإراقة الدماء التي تنتهك الاتفاقيتين، وحث طرفي الصراع على وقف كل العمليات العسكرية التزاما بتعهداتهما السابقة وذلك في اتصال هاتفي أجراه بان مع الرئيس سلفا كير.
وقال المكتب الصحفي بالأمم المتحدة عبر «بان» خلال الاتصال الهاتفي عن قلقه البالغ من ان أعمال العنف وتواصل انتهاك اتفاق 23 يناير بشأن وقف الأعمال العدائية واتفاق 9 مايو بين الرئيس كير ونائب الرئيس السابق ريك مشار لحل الازمة في جنوب السودان.
وقال المكتب الصحفي: أكد «بان» الحاجة لأن يلتزم الطرفان بهذه الاتفاقيات وإنهاء كل العمليات العسكرية على الفور.
وقالت الأمم المتحدة بالفعل إن الالتزام بوقف إطلاق النار مسألة أساسية لجهود تخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في أحدث دولة في العالم.
وفي 6 مايو الماضي زار الأمين العام للأمم المتحدة جوبا عاصمة جنوب السودان ليوم واحد، واجتمع مع القادة السياسيين والدوليين.
كما قام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال الفترة نفسها بزيارة إلى جنوب السودان استبقها بالتحذير من انزلاق الصراع في البلاد إلى «إبادة جماعية» وهدد بفرض عقوبات على طرفي الصراع.
وقتل آلاف الأشخاص في أعمال العنف ونزح أكثر من 1.3 مليون آخرين من ديارهم.
واندلعت أعمال العنف منذ منتصف ديسمبر الماضي واتفقت قوات الحكومة والمتمردون على وقف إطلاق النار في مايو بعد انهيار الاتفاق الأول في يناير الماضي.
وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان إن مزيداً من الاشتباكات وقعت يوم الإثنين في ولايتي الوحدة وأعالي النيل وهما منطقتان منتجتان للنفط ومن النقاط الساخنة في الصراع.
وقال مسؤول رفيع بالأمم المتحدة إن جنوب السودان يمكنه تجنب حدوث مجاعة فقط إذا التزم باتفاق وقف إطلاق النار وتمكن الأشخاص الذين نزحوا نتيجة للقتال المستمر منذ خمسة أشهر من العودة الى ديارهم في الأسابيع القليلة القادمة قبل بدء هطول الأمطار.
ويحتمي عشرات آلاف المدنيين منذ عدة أشهر بقواعد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أنحاء البلاد.
وموازاة مع ذلك تعهدت الدول المانحة بعد منتصف الشهر الماضي بمنح جنوب السودان مساعدة قيمتها 600 مليون دولار لمواجهة المجاعة التي تهدد سكان البلاد.
وقال وزير الخارجية النرويجي بورغ براند، إن هذا الرقم يشكل ضعف الموارد المتاحة لمواجهة الأزمة في جنوب السودان.
وسيضاف هذا المبلغ إلى 536 مليون دولار تعهد بها مانحون بالفعل، إلا أن إجمالي المبلغ أقل من واحد فاصل ثمانية مليار دولار تقول الأمم المتحدة إن جنوب السودان بحاجة إليها.
وكان رئيس جنوب السودان، قال إن بلاده تواجه “واحدة من أسوأ المجاعات” ما لم توضع نهاية للنزاع الذي تشهده البلاد.
واتهم سلفا كير نائبه المقال ريك مشار بتأجيج التوتر الطائفي وخرق وقف إطلاق النار.
وحذر مسؤول في الأمم المتحدة، جان إيغيلند، الشهر الماضي من أن نحو 7.3 مليون شخص في جنوب السودان قد يتعرضون للمجاعة بحلول شهر أغسطس المقبل.
واندلعت الاضطرابات في جنوب السودان بعدما أعلن سلفا كير أن نائبه السابق مشار، تورط في مؤامرة انقلابية ضد حكمه، لكن مشار نفى الاتهامات الموجهة إليه.
واتهمت الأمم المتحدة الطرفين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومنها القتل الجماعي، محذرة من أنها قد تفرض عقوبات على الأشخاص المسؤولين عن العنف.
ووصفت الولايات المتحدة اتفاق السلام في جنوب السودان بأنه بداية لـ«رحلة صعبة» لإنهاء الصراع في البلاد. وطالبت بتطبيق نصوص الاتفاق فورا.
بينما أعلن الطرفان تشكيل لجان متخصصة لبحث آليات تنفيذ الاتفاق، دعت الأمم المتحدة الحكومة والمتمردين في جنوب السودان إلى تسهيل إيصال المعونات الإغاثية العاجلة بعد توقيع الاتفاق.
وكان سلفا كير ورياك مشار قد وقع اتفاق السلام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الجمعة في 9 مايو الماضي.
وينص الاتفاق على وقف القتال في الجنوب بعد 24 ساعة من التوقيع، ونشر مراقبين من الدول الأعضاء في هيئة التنمية الحكومية لدول شرق افريقيا “إيقاد” فورا، والتزام الأطراف بعزل قواتهما عن بعضهما البعض وعدم تحريكها حتى يتم التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.
وتحذر وكالات الإغاثة من أن جنوب السودان الآن على شفا أسوأ مجاعة في إفريقيا منذ الثمانينات. وكان جنوب السودان قد انفصل عن الدولة الأم السودان بعد استفتاء شعبي أقيم سنة 2011م.
وكان جنوب السودان يأمل عند استقلاله في طي صفحة واحدة من أطول وأكثر الحروب دموية في إفريقيا جرت من 1983 إلى 2005 بين الخرطوم والحركة الشعبية التي باتت تحكم في جوبا.
لكن النزاع الجديد الذي اندلع في ديسمبر الماضي أودى بحياة الآلاف ان لم يكن عشرات الآلاف من الأشخاص.
ورأت الأمم المتحدة أن طرفي النزاع ضالعان بمجازر تسببت بالهلع والتشريد للسكان. إذ كشفت المنافسة السياسية بين كير ومشار عن عداوات قديمة بين قبيلتي الدينكا والنوير اللتين ينتميان إليهما.
صحيفة الإنتباهة