ثقافة وفنون

أكثر من 220 هرماً…وأكثر من 40 مقبرة للملوك تاريخ السودان.. تفاصيل حضارات (لا تموت)

[JUSTIFY]كنتُ واقفةً في فناء المنزل، تتلألأ النجوم في صفحة السماء والقمر يحكي ألف قصة وقصة، مر شهاب في السماء وراودتني أمنية أن لو كان بمقدوري السفر عبر الزمن في فرصة هي أقرب لمعاينة التاريخ ورؤية الحضارات عن قرب، فبعد زيارتي للمتحف وقفت أمام شواهد الحضارة التي كنت أراها حجارة صماء وقد كانت هذه اللحظة إحدى أدق اللحظات الفاصلة في حياتي، فما بين نشوء الحضارات وانهيارها لحظاتٌ دقيقة ما إن تفلت من أيدينا حتى تتدحرج كبكرة الخيط، وما بين إدراكنا ووعينا للتاريخ لحظات أكثر دقة، فها أنا الآن، أرى التاريخ صراع أمة ومجد حاضر، ورؤية مشرقة للمستقبل والإهرامات ليست إلا شواهد على الوجود في عصر لم نشهده، مغرم هذا الإنسان منذ الأزل وشغوف بما يخلد ذكراه، نُحتت التماثيل وصور الإنسان حياته وذكرياته وما حوله من مظاهر الحياة، كتب على الحجر وبقى خالدًا لتبقى حضارة امتد تاريخها منذ عصور ما قبل التاريخ.
حضارات قديمة
تمتد جذور تاريخ السودان وحضارته إلى عصور موغلة في القدم، فقد شهد حضارات لما قبل التاريخ، وأخرى من العصور التاريخية المبكرة جدًا، ويرى باحثون أن الحضارة النوبية في السودان هي اول حضارة قامت على وجه الأرض وأعرق حضارة شهدها التاريخ في مدينة كرمة حاضرة النيل وعاصمة أول مملكة في العالم، وأن ملوك النوبة الفراعنة السود حكموا مصر لعدة قرون من الزمان، فما قبل التاريخ لم يكن غريباً على السودان، بحكم موقعه الجغرافي في شمال شرقي إفريقيا، واحتوائه على آثار لحضارات قديمة تعود إلى المراحل المبكرة من العصر الحجري القديم، بسبب مجاورته لأقدم مواطن الحضارات الإنسانية، فإلى الشرق والجنوب الشرقي منه، في أثيوبيا وكينيا وتنزانيا، وقد ظهرت أقدم الأدلة المعروفة لدى الباحثين حتى الآن لبدايات الحضارة البشرية. وعلى الرغم من أن دراسات العصور الحجرية وما قبل التاريخ في السودان لا تزال في بدايتها، فإن ما عثر عليه كافٍ لإعطاء صورة عن تلك المرحلة، وعلى ضفاف نهر النيل وفروعه في أواسط السودان وشماله عثر على مواقع حَوَت أدوات حجرية أشولية مبكرة، تعود إلى الدور الثاني من حقبة العصر الحجري القديم الأسفل، ربما يتجاور تاريخها المليون عام.
أهرامات السودان
اهرامات السودان وهي الاكثر عددًا في العالم كما أثبت العلماء حيث يصل عددها إلى أكثر من 220 هرما ويشكل الجزء الشمالي من السودان مسرحا لمخزون أثري ‏امتد لآلاف السنين ويقف اكثر من 98 مبنى من الاهرامات في مناطق متفرقة على الشريط النيلي الضيق ‏ويرى باحثون ان تاريخها يمتد منذ عصور ما قبل التاريخ إلى الفي عام قبل ‏الميلاد طبقا لاستنتاجات الكتابات الهروغلوفية المكتوبة على جدرانها في مناطق ‏كانت تمثل عمق دويلات النوبة في الزمان القديم.
ممالك تاريخية
قد خلفت الحضارة النوبية 50 هرما في عاصمة مملكة مروي على بعد 200كم شمال الخرطوم وفي ممالكها القديمة في نوري والكرو، وحوت تلك الأهرامات رفات 20 ملكا و 8 ملكات و 3 من الأمراء و 10 من النبلاء حكموا بلاد النوبة، والتي عرفت بالسودان فيما بعد، أكثر من تسع قرون بين أعوام 592 قبل الميلاد و350 بعد الميلاد، وخلفت ملكة مروي مملكة كوش، ومملكة نبتة التي امتد حكمها إلى مصر لنصف قرن من الزمان وسقطت المملكة في القرن الرابع الميلادي وورثتها مملكتان مسيحيتان هما علوة, وعاصمتها سوبا على بعد 10 كم جنوب الخرطوم، والمقرة في دنقلا.
مروي وتاريخها
مروي هي مدينة قديمة بدأ النشاط البشري فيها منذ القرن العاشر قبل الميلاد تكونت المدينة من ثلاثة أجزاء: المدينة الملكية المسورة ومعبد آمون الكبير ومساكن العامة، تزخر بالأراضي الشاسعة والسهول والمراعي الطبيعية وقد بنيت المدينة من الحجر والطوب الأحمر، اعتمد سكانها بطبيعة حياتهم على الترحال الدائم، واعتمدوا على الزراعة النهرية، وكانوا يمارسون صيد الحيوانات البرية، صناعة الفخار أبرز صناعاتهم وأبقاها أثراً، وأهرامات البجراوية إلى الشرق من المدينة الملكية بها مقبرتان ملكيتان قامتا فوق هضبة من الصخر الجيري، المقبرة الجنوبية والشمالية وتضم هذه الأخيرة معظم ملوك مروي، أما عن المعادن فقد بقيت في آثارهم أنواع مختلفة منها الذهب والنحاس والبرونز والحديد، والنقوش التي نراها الآن تدل على أن النساء حظين بمكانة كبيرة في المملكة وقد كان توارث الملك عن طريق النسب إلى الأم، ولكن مكانتهن لم تتسامَ في المملكة إلا في القرن الثالث الميلادي، ومن الملكات أماني شاخيتي وهي أشهر ملكة سودانية على مرّ التاريخ.
آثار باقية
أهرامات نوري، تدل الآثار الباقية الآن على إجادتهم لبعض الفنون متمثلة في التماثيل المنحوتة من الحجر والمصنوعة من المعادن والرسومات والزخارف المنقوشة والمصورة على جُدُر المعابد والأهرامات وصناعة الحُلي والفخار، وقد شيدت الأهرامات على أرض صخرية مرتفعة على هضبتين متوازيتين، وعلى الضفة الغربية أول وأكبر أهرامات ملوك كوش تهارقا، وتم تنظيم المقبرة حيث تدفن النساء الملكيات في الهضبة الغربية والملوك الرجال في الهضبة الشرقية.

صحيفة السوداني
خ.ي[/JUSTIFY]