تحقيقات وتقارير

التعديلات الدستورية تدخل حيز الإجازة صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.. أزمة الأيام القادمة

تحصلت (الصيحة) على التعديلات الدستورية، المزمع عرضها على السادة نواب البرلمان في الـ (26) من ديسمبر الجاري، بواسطة اللجنة الطارئة لتعديل الدستور، برئاسة بدرية سليمان، عقب انقضاء شهرين من دراسة مستفيضة على يد (90) خبيرا قانونياً.
وفيما يلي نعرض لقارئنا الأغر هذه التعديلات الدستورية، إضافة ونزعاً وتعديلاً، وذلك لأهميتها بحسبان أن الدستور ما يزال يعتبر السلطة الأعلى في البلاد، أو (أبو القوانين).
بدأت التعديلات الدستورية بالمادة (58) من الدستور الانتقالي المتعلقة بمهام وسلطات رئيس الجمهورية مبتدئة بنزع صلاحية ترؤس جلسة مجلس الوزراء القومي، إلا أن يكون ذلك وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة أو عند الضرورة، وأضافت له (4) صلاحيات جديدة أعطته الحق في أن يبتدر الخطة الإستراتيجية العامة للدولة، ويشرف على تنفيذها، ويوافق على سياسات الأمن والدفاع والاقتصاد الكلي، ويشرف على أجهزة ومؤسسات الحكم الاتحادي، ويحل مجلس الوزراء القومي.
كما أن التعديلات الدستورية قلصت صلاحيات نائبي رئيس الجمهورية الواردة في الماد (63) بأن منعت عنهما القيام بمهام رئيس الجمهورية في حالة غيابه وفقاً لنصوص هذا الدستور، فيما يتعلق بعضوية مجلس الوزراء القومي.
وألغت التعديلات الدستورية المواد المتعلقة بتكوين مجلس الوزراء القومي وصلاحياته واستعاضت عنها بمواد تتماهى مع وجود رئيس الوزراء، وقررت أن يعين رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء القومي يكون مسؤولاً عن أدائه أمام رئيس الجمهورية والمجلس الوطني، ويشكل رئيس الجمهورية مجلس الوزراء القومي من عدد من الوزراء القوميين يتم تعيينهم بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء القومي، ويكون مجلس الوزراء القومي مسؤولاً بالتضامن والانفراد عن أداء مهامه أمام رئيس الجمهورية والمجلس الوطني. وقالت المادة (4) دون الإخلال بالاختصاصات التي يسندها هذا الدستور لرئيس الجمهورية تسود قرارات مجلس الوزراء القومي على جميع القرارات التنفيذية الأخرى على أن يكون مجلس الوزراء القومي السلطة التنفيذية القومية في الدولة وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون، ويجيز قرارات بتوافق الآراء أو الأغلبية البسيطة كما يجوز لرئيس الجمهورية بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء تعيين وزراء دولة يعاونون الوزراء القوميين ويصرفون أعباءهم في غيابهم.
أما المادة (71) فتتعلق بقسم رئيس الوزراء والوزراء القوميين ووزراء الدولة عند توليهم مناصبهم، وتتعلق المادة (72) بمهام مجلس الوزراء القومي التي تتكون من تخطيط سياسات الدولة وفقًا لموجهات رئيس الجمهورية، وابتدار مشاريع القوانين القومية والموازنة القومية والمعاهدات الدولية والاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف، تلقي التقارير حول أداء الوزارات القومية واتخاذ الإجراء الناسب بشأنها، وتلقي التقارير حول الأداء التنفيذي للولايات للعلم أو التنسيق، تلقي التقارير بشأن المسائل المشتركة أو المتبقية والتقرير وفقاً للجدولين (هـ) و(و) من الدستور الانتقالي، فيما إذا كانت له صلاحية ممارسة هذا الاختصاص، فإذا ما قرر اختصاصه بها يقوم بإخطار مستوريات الحكم الأخرى برغبته في ممارسة ذلك الاختصاص، وفي حالة الاعتراض على ذلك من أي مستوى حكم تشكل لجنة بواسطة المستويات المعنية للتسوية ودياً قبل اللجوء إلى المحكمة الدستورية، كما أن من مهام مجلس الوزراء أيضاً القيام بأي مهام أخرى يسندها له رئيس الجمهورية.
كما قررت التعديلات الدستورية إضافة مادة أخرى على المادة (72) بالرقم (ا) تحدد مهام رئيس مجلس الوزراء القومي بأن يرأس مجلس الوزراء القومي ويدعو مجلس الوزراء القومي للانعقاد ويضع جدول أعماله وينفذ السياسات العامة التي يضعها مجلس الوزراء القومي وينفذ القوانين ويعمل على حماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة بالتنسيق مع الجهات المختصة، ويشرف ويتابع مع الجهات المختصة لإعداد الموازنة العامة للدولة. ويشرف ويتابع مع الجهات المختصة لإعداد مشروعات القوانين، ويتابع أعمال الوزرارات والهيئات العامة، وينسق بين الوزراء ويصدر التوجيهات العامة لضمان سير العمل ويصدر القرارات الإدارية وفقاً للقانون، ويتابع تنفيذها، ويطرح السياسات العامة للحكومة أمام المجلس الوطني، ويوصي لرئيس الجمهورية بإعفاء أي وزير قومي أو وزير دولة كما يقوم بأي مهام أخرى يكلفه بها رئيس الجمهورية.
أما التعديل الدستوري المتعلق بالوزراء فإنه ألغى البند (1) في المادة (73) الذي ينص على أن الوزير القومي هو المسؤول الأول في وزارته وتعلو قراراته فيها على أي قرارات أخرى، ومع ذلك فإنه يجوز لمجلس الوزراء القومي مراجعة تلك القرارات، ويجوز لرئيس الجمهورية تعليق أي قرار يصدره وزير قومي لحين مراجعته. واستعاض عنها بمادة جديدة، تنص على استبدال سلطة تعليق القرارات التي يصدرها الوزراء من رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس الوزراء القومي لتصبح سلطة تعليق أي قرار يصدره ي وزير قومي منعقدة لرئيس مجلس الوزراء لحين مراجعته من قبل مجلس الوزراء.
كما أعطى التعديل الدستوري رئيس مجلس الوزراء مهام بذات اختصاصات رئيس الجمهورية فيما يتعلق بالمادة 74 ليكون الوزير القومي مسؤولاً أمام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء القومي ومجلس الوزراء القومي والمجلس الوطني.
كما حظرت التعديلات الدستورية رئيس الوزراء من العمل في أي مهنة أخرى خلال تقلده منصبة أسوة ببقية الدستوريين، إذ أدخلت تعديلات فى المادة (75) 2 لتقرأ “لا يجوز لرئيس الجمهورية، أو لأي من نائبيه أو لرئيس مجلس الوزراء القومي أو مساعدي رئيس الجمهورية أو مستشاريه أو الوزراء القوميين أو أي من شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية الأخرى، مزاولة أي مهنة خاصة أو ممارسة أي عمل تجاري أو صناعي أو مالي أثناء توليهم مناصبهم، كما لا يجوز لهم تلقي أي تعويض مالي أو قبول عمل من أي نوع من أي جهة غير الحكومة القومية أو حكومة جنوب السودان أو حكومة ولائية كيفما يكون الحال.
حكومة الوفاق الوطني
ألغت التعديلات الدستورية الفصل الخامس من الباب الثالث للدستور الانتقالي المتعلقة بسلطات رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة واستعاضت عنه بمواد جديدة تبين كيفية تشكيل حكومة الوفاق الوطني، بأن يشكل رئيس الجمهورية حكومة وفاق وطني قومية تتولى السلطة التنفيذية لحين قيام الانتخابات وتكوين الحكومة الجديدة في العام 2020م على أن يراعى في تشكيلها توسيع المشاركة وتعزيز الوفاق الوطني وحماية السيادة الوطنية، كما أعطى التعديل رئيس الجمهورية سلطة تخصيص مقاعد حكومة الوفاق الوطني وفقًا لمقررات مؤتمر الحوار الوطني بالتشاور مع آلية متابعة تنفيذ مقررات الحوار الوطني، على أن يحدد رئيس الجمهورية بمرسوم جمهوري عدد الوزارات في حكومة الوفاق الوطني واختصاصاتها وعلاقاتها وفقًا لهذا الدستور والقانون.
وحدد التعديل الدستورى واجبات حكومة الوفاق الوطني بإدارة أعمال السلطة التنفيذية القومية ووضع وإنفاذ السياسات القومية وفقًا لنصوص هذا الدستور والقانون ومقررات الحوار الوطني واتخاذ كل التدابير اللازمة ليسود الأمن والسلام والتنمية والاستقرار البلاد وإيجاد حلول شاملة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية بالبلاد.
الهيئة التشريعية
أعطى التعديل الدستوري الهيئة التشريعية الحق في استدعاء رئيس مجلس الوزراء لتقديم تقارير عن الأداء التنفيذي للحكومة بصورة عامة أو لوزارات بعينها أو لنشاط معين، فضلاً عن إعطائها الحق في توجيه أسئلة لرئيس مجلس الوزراء القومي حول أي موضوع يتعلق بالمهام المسندة إليه، وعلى رئيس مجلس الوزراء أن يوافي المجلس المعني بالإجابة على وجه السرعة، كما أعطى رئيس الوزراء الحق في أن يطلب الإدلاء ببيان أمام أي من مجلسي الهيئة التشريعية القومية.
وأعطى التعديل الدستوري المجلس الوطني أو مجلس الولايات الحق في أن يطلب من رئيس مجلس الوزراء القومي أو اي وزير قومي أن يدلي شخصياً ببيان حول أي موضوع من اختصاصه كما جوّز لأي من لجان مجلسي الهيئة التشريعية القومية أن تطلب من أي وزير قومي الإدلاء شخصياً ببيان حول أي موضوع من اختصاصه.
واعتمدت التعديلات الدستورية تكويناً جديداً للهيئة التشريعية القومية ينص على أن يتكون المجلس الوطني من الأعضاء المنتخبين حالياً والذين تم انتخابهم من الدوائر الجغرافية وأعضاء يعينهم رئيس الجمهورية حسبما يحدده قانون الانتخابات القومية، أما فيما يختص بمجلس الولايات، فقد أشارت التعديلات الدستورية إلى أن الممثلين المنتخبين حالياً بمجلس الولايات والذين يتم انتخابهم من المجالس التشريعية للولايات وفق المادة 85/1 من الدستور وقانون الانتخابات، وأكدت التعديلات إضافة (18) عضواً جديداً بمجلس الولايات بتعيين رئيس الجمهورية ممثلاً إضافياً من كل ولاية ليصبح عدد ممثلي كل ولاية بالمجلس (4)، على أن يكون لأعضاء مجلس الولايات الذين يتم تعيينهم نفس الاختصاصات والصلاحيات والامتيازات والحصانات الممنوحة بموجب الدستور ودستور الولاية المعنية لرصفائهم المنتخبين.
تكوين المجالس التشريعية الولائية
ونصت المادة (118/1) من الدستور بحسب التعديلات الجديدة على: “بالرغم من أحكام المادة 180 من هذا الدستور ولحين قيام الانتخابات القومية لسنة 2020م تتكون مجالس التشريعية الولائية من” (أ) الأعضاء المنتخبون حالياً والأعضاء الذين يتم انتخابهم عن الدوائر الجغرافية الولائية والقوائم النسبية الحالية وفقاً للمادة 180 من هذا الدستور ودستور الولاية وقانون الانتخابات القومية، (ب) عدد من الأعضاء يعينهم رئيس الجمهورية حسبما يحدده قانون الانتخابات القومية).
بينما ألغت التعديلات الدستورية المادة (133) من الدستور وتم الاستعاضة عنها بالمادة الجديدة، التي تتعلق بالمستشارين القانونيين، وتنص المادة 133/1 ” يكُون وزير العدل هو المستشار القانوني للدولة ويعمل لضمان سيادة حكم القانون ويؤدي أي مهام ذات طبيعة قانونية غير جنائية وفقاً للقانون، ونص البند (2) من ذات المادة 133 على “يتولى وزير العدل والمستشارون القانونيون تقديم الرأي القانوني والفتاوى والخدمات القانونية للدولة في المحاكم المدنية والتحكيم والتوصية بمراجعة القوانين وتقديم النصح بشأن المسائل غير الجنائية وتقديم المساعدة القانونية للمواطنين والسعي للتعبير عن قيم العدالة والحق والشرعية وصيانة حقوق الإنسان وحماية الحقوق العامة والخاصة.
بينما نص البند 3 من ذات المادة على: “يؤدي المستشارون القانونيون واجباتهم بصدق وتجرد وفقاً لهذا الدستور والقانون”، ونص البند الرابع على “يحدد القانون شروط خدمة المستشارين القانونيين ومهامهم اختصاصاتهم وسلطاتهم وحصاناتهم ومخصصاتهم”.
فصل النيابة العامة عن وزير العدل
وأضافت التعديلات الدستورية الجديدة المادة 133/أ، ونصت الفقرة (1) من البند (أ) على: ” تنشأ نيابة عامة مستقلة تتولى تمثيل الدولة والمجتمع في الادعاء العام والتقاضي في المسائل الجنائية واتخاذ إجراءات ما قبل المحاكمة والإشراف القانوني على إجراءات الأجهزة العدلية المساعدة وفقاً للقانون، ويحدد القانون مهامهات وسلطاتها واختصاصاتها، ونصت الفقرة (2) على: “يرأس النيابة العامة نائب عام يعينه رئيس الجمهورية، ويكون مسؤولاً أمامه”، ونصت الفقرة (3) على “يمارس وكلاء النيابة سلطات واختصاصات النائب العام الواردة في القانون ويؤدون واجباتهم بصدق وتجرد وفقاً لهذا الدستور والقانون”، بينما نصت الفقرة (4) على “يحدد القانون شروط خدمة النائب العام ووكلاء النيابة ومخصصاتهم وحصاناتهم”.
اللجنة القومية لإعداد مشروع الدستور القومي.
وألغت التعديلات الدستورية الجديدة المادة 140 من الدستور، وأستعيض عنها بالمادة 140 والبند (1) على: ” يكون رئيس الجمهورية لجنة قومية لإعداد مشروع دستور السودان القومي ويتم تشكيلها وتحديد مهامها واختصاصاتها وصلاحياتها بمرسوم جمهوري يصدره رئيس الجمهورية بعد التشاور مع آلية متابعة مقررات الحوار الوطني”، ونص البند (2) على “يودع رئيس الجمهورية مشروع الدستور الذي تعده اللجنة القومية لدى الهيئة التشريعية القومية التي يتم انتخابها سنة 2020م.

الصيحة