تحقيقات وتقارير

سوق ود نوباوي: تجارة وشطارة وفن وذوق .. ثلاثة من رؤساء السودان مروا من هنا


[JUSTIFY]سوق ود نوباوي أو السوق الجديد كما يطلقون عليه، يُعدُ من أقدم الأسواق بمدينة أم درمان. يقع في شمال سوق أم درمان ومنطقة الشهداء، ويضم العديد من المحلات التجارية والمرافق العامة والحكومية التي تُشكّل أهميّة قصوى لمواطني المنطقة والمناطق المجاورة لها، ويرجع تاريخ إنشاء السوق الى عهد المستعمر الإنجليزي، وتحديداً مع أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.
بداية نشاط السوق التجاري عبارة عن «مَلَجَة» للخُضار يأتي به الخُضرجية من سوق أم درمان. ويضم أيضاً عدداً من القهاوي والطواحين وورش الحدادة والنجارة التي ظهرت حديثاً، إلى جانب ذلك المطاعم الشهيرة التي يقصدها المواطن المقيم أو الزائر لأم درمان.

(1)
غالب التجار يقطنون بالقرب من السوق حتى يزاولون أعمالهم باكراً مع بداية العمل اليومي بالسوق، ويتسوّق من هذا السوق عدد من المشاهير الذين يقطنون بالحي والأحياء المجاورة له، الشعراء محمد علي أبو قطاطي ومحمود فلاح وبادي محمد الطيب، والمشير سوار الذهب، والفنان كمال ترباس وصديق متولي وعائلة الرئيس الأسبق جعفر نميري، والكاتبة الصحفية آمال عباس والممثلة فائزة عمسيب، والفنان أبو عركي البخيت والعديد من المشاهير الذين لا تسع المساحة لذكرهم.
سيف الدين الصادق قال إنه يعمل بالسوق منذ عدة أعوام، وأشار أن السوق يتكون من (جملون)، يقسم على أجزاء منها للخضرجية وآخر للجزارين، وذكر سيف الدين ان أقدم من عملوا بهذا السوق النوراني والبصير أولاد عبد اللطيف موسى الماحي، وأولاد أحمد حامد والصادق البصير، ومن التجار الحاليين الخضرجية محمد علي بليلة، وصلاح محمد نور، وشمس الدين الماحي، والجزارين عثمان علي حامد الشهير بـ(كايرو)، ومحي الدين سليمان (حُمري)، ومن الطواحين محمد الحسن النور والصادق عبد اللطيف، وأوضح أن السوق فقد بريقه وحركة انتعاشه مع مرور الزمن الذي جعل البكاسي تدور بالأحياء لبيع الخضار واللحمة، الأمر الذي جعل الكثير من المواطنين يعزفون عن التسوق من السوق والأسواق الكبيرة إلا إذا كانت لدى أحدهم مناسبة (أفراح أو أتراح)، وعن التجارة التي يعمل بها قال الصادق إن البقوليات هي التي تنعش عمل المحلات والدكاكين، فمثلاً الكبكبي يأتي من الحواتة بولاية الجزيرة، والمحريب والويكة من مناطق الجموعية وولايات جنوب كردفان والقضارف، بينما البصل من شندي والجميعاب، وفي هذه الأيام التى تسبق شهر رمضان يكثر الطلب على شراء البقوليات مثل الفول المصري والعدسية والتوابل، وأشار أن رواد السوق كثيرون نذكر منهم الشعراء عمر البنا ومحمد على أبو قطاطي ومحمود فلاح وبادي محمد الطيب ومن لعيبة المستديرة محمد عبد الله مازدا وعثمان الصبي، ودريسة.

(2)
في السياق قال حمدون النور إنه يعمل بهذا السوق منذ اكثر من عشرة أعوام، مشيراً أن عمل المكتبات بالسوق منتعش بحكم الثقافة والفكر الذي يتسم به سكان منطقة وحي ود نوباوي العريق، وأضاف حمدون أن المكتبة تشمل كل الكتب والإصدارات الدورية والمجلات مثل (زهرة الخليج والعربي وعالم المعرفة والدومة)، إلى جانب ذلك دينمو ومحرك المكتبات السودانية، الصحف السيارة ويتصدر وينعش بيع الصحف الرياضية السوق إذا كانت هنالك مباراة حامية الوطيس مثل مباراة فريقي القمة، أو أحدهما إذا كان يتبارى مع فريق آخر، أما الصحف السياسية تنتعش حركة الشراء لها إذا كانت هنالك أحداث مستجدة فى الشأن السياسي الداخلي والخارجي، وذكر حمدون من أشهر الزبائن المترددين على المكتبة هم الشيخ عابدين درمة والممثلة فائزة عمسيب وآخرون لا أذكر أسماءهم.
من جانبه قال محمد عامر (فكهاني)، إنه أمتهن مهنة والده الذي سبقه فى هذا المجال منذ عدة أعوام، وأشار أن الفواكه يأتون بها من سوق ام درمان وفي بعض الأحيان السوق المركزي الخرطوم، ويكثر الطلب والإقبال هذه الأيام على فاكهة البرتقال عازياً ذلك لارتفاع درجات الحرارة وانخفاض سعره، ويليه فى المرتبة من الشراء الليمون بالاضافة إلى فاكهة الشعب (الموز)، ولفت عامر أن شهر رمضان ينعش سوق الفاكهة رغم أن المواطنين بدأوا التجهيزات مبكراً لاستقباله بصناعة مشروب الشعب السوداني (الحلو مر) الآبري، موضحاً أن أيام الأحد والخميس من أفضل الأيام التي تنعش سوق الفاكهة بودنوباي.

(3)
من جهته قال السيد البلة السيد (صاحب بقالة)، وبعض الأعمال الهامشية أنه يعمل بسوق ود نوباوى منذ أكثر من سنة، مضيفاً أن السوق تاريخه قديم جداً منذ عهد الإنجليز، وأشار أن التجارة تحتاج لشطارة ولباقة، لذلك عرف أبواب التجارة والعمل بالسوق من أوسع مداخله، وأضاف أن السوق نائم ولا تنعشه إلا المناسبات المختلفة وأيام العطل والأعياد، وما يميز السوق موقعه المميز، ولفت البلة أن المواطن إذا قدم للسوق سوف يجد كل ما يلزم منزله من سلع تموينية وغذائية، وخضروات وفواكه.
من ناحيته عوض الله حسين الشهير بأبو طه قال إنه يمتهن هذه المهنة ويعمل بالسوق منذ أكثر من عشرين عاماً خلت، وأضاف أن السوق كان بسيطاً جداً فى كل النواحي ويرتاده جميع المواطنين من جميع أم درمان وأحيائها الطرفية، مؤكداً أن سوق الخضروات بات يغط فى سبات عميق وكساد، ولا يوجد إقبال كبير على الشراء، متعجباً من عزوف المواطنين عن شراء الطماطم السلعة الأساسية لكل البيوت موضحاً إن الشائعات طالتها من بعض المغرضين بأنها تسبب أمراضاً فى الصيف، لذلك أصبحنا نشتري كمية قليلة من أجل العرض وقلة الطلب عليها توقف حركة البيع، وأشار عوض الله أن البرتقال والموز من أكثر الفواكه التي يتهافت عليها الزبائن في موسم الصيف، وأن يومي الخميس والجمعة هي أكثر أيام الأسبوع التي تنعش السوق، مضيفاً أن زبائن السوق كٌثر منهم الدكاترة والمهندسون والمثقفاتية والفنانون والمسؤولون بالحكومة ورجال الأعمال، ولكني لا أعرف أسماءهم.

(4)
اما الصادق عبد اللطيف صالح (صاحب أقدم طاحونة بالسوق)، قال لـ(ناس وأسواق) إنه يعمل بالسوق منذ أكثر من أربعين عاماً، مشيراً أن السوق كان سوقاً صغيراً ويضم ملجة الخضار وعدداً من القهاوي والطواحين، تعاقب عليه العديد من التجار فى البيع ونذكر منهم عثمان حامد وعلي كايرو وعبد الغني عبد الله، وكشف الصادق أن شهري رجب وشعبان (قصير أو الويحيد)، كما يطلق عليه المواطنون هذا الإسم، باعتبارها من الأشهر التى ينتعش فيها سوق الطواحين، موضحاً أن النساء يعكفن على التحضير باكراً لشهر رمضان، ويكثر الطلب على الذرة التي يأتون بها من سوق العيش بأم درمان، ولفت عبد اللطيف أن (الأبري) أصبح مكلفاً فى صناعته وتجهيزه فى السنوات الأخيرة.
ويرى ياسين محمد (صاحب مغلق) أن سوق ودنوباوي من الأسواق المميزة ويمتاز بموقع يجعله قِبلة للمتسوقين بأم درمان، وأشار ياسين أن السوق تتوفر به جميع مستلزمات المنزل من (سلع تموينية وخضروات وفواكه والمواد الكهربائية)، وأوضح أن عمل المغالق لا ينتعش إلا بوجود المواد الأساسية مثل الأسمنت الذي طاله لهيب الأسعار فى الفترة الأخيرة، وعزا ذلك لارتفاع سعر الدولار وتقلباته اليومية، وأكثر ما يشتريه الزبائن يومياً هي الأدوات الكهربائية مثل (لمبات، مفاتيح كهربائية)، إلى جانب الأسمنت وخاصة هذه الأيام مع مقدم فصل الخريف الذي يستنفر فيه الجميع لترميم المنازل لمجابهة الخريف.

(5)
أما عيسى أحمد آدم (بائع الثلج) قال إنه يعمل بالسوق فى فترة العطلة المدرسية لتوفير احتياجته عند بداية العام الدراسي، وأشار عيسى أن بيع الثلج تنتعش حركة شرائه في فصل الصيف لارتفاع درجات الحرارة، وزبائنه من المتسوقين، بالإضافة إلى ذلك يعتمد عمل الكافتيريات والمطاعم وستات الشاي على شراء الثلج بكميات كبيرة.
ويقول الجزار حامد الفادني، إنه يعمل منذ أشهر قليلة ممارساً لهذه المهنة في سوق ود نوباوي، وأشار حامد أنهم يشترون اللحم بكافة أنواعه (خراف وعجول) من السلخانة بسوق أم درمان، وبين حامد أن هنالك استقراراً نسبياً في أسعار اللحوم، موضحاً أنهم يشترون كميات قليلة من اللحوم فى اليوم الواحد عكس أيام زمان، التي كان معظم الجزارين يذبحون فى اليوم الواحد أكثر من (15) بهيمة، ويضيف الفادني أن زبائن السوق كُثر ويأتون من شتى مناطق أم درمان.

صحيفة حكايات
رصد : ياسر مبارك[/JUSTIFY]


‫3 تعليقات

  1. يا كاتب المقال هل أنت متأكد بان الفنان الكبير ابوعركي البخيت والفنانة القديرة فايزة عمسيب من ساكني ود نوباوي ؟ والا بس جليط منك ساكت …. أعتقد المسألة ما صعبة أنك تسأل وتعرف قبل ان تكتب

  2. الاخ ياسر مبارك
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    معلومات مفيده وجيدة عن واحد من اقدم الاسواق في امدرمان كان يعتبر السوق الاساسي لسكان ودنوباوي والمناطق المجاورة لها خصوصاالثورات بحاراتها المختلفة وكرري والريف الشمالي
    المهم في الامر اردت افيدك بما انني كنت من سكان ودنوباوى ولايزال محل الوالد بسوق ودنوباودي وهو مغلق يسمى مغلق السوق الجديد وهو اقدم مغلق في هذا السوق وفي هذه المنطقة على الاطلاق ومعلومة اخيرة هناك الكثير من الشخصيات التي لم تذكرها في المقال وقد يكون ذلك نسبة لضيق المساحة المخصصة للمقال لكن على العموم وليس على سبيل الحصر العجلاتية عمنا الجيلي امد الله في ايامة والمرحومين عبادي وبشير ومن المالم المجاورة للسوق والتي تعتبر جز منه مركز صحي ودنوباوي شمال وقسم الشرطة الشمالي
    واخيرا تصحيح صغير لمعلومة ذكرتها وهي ان منطقة الحواتة تقع في ولاية القضارف وهي احدى محليتها وليس ولاية الجزيرة

    ولك الشكر على المعلومات الثرة

    د/ طارق عبدالرؤوف احمدالطيب
    الجامعة الاميرية – ماليزيا

  3. نعم كما ذكرت ان سوق ودنوباوى من اقدم الاسواق والحمد لله نحن من مواليد ودنوباوى الحى العريق ولكن للاسف ذكرت بعض الاسماء التى لا تنتمى لهذا الحى وتناسيت اسماء مهمة كانت معلومة لكل ناس الحى امثال ال سوار الدهب وال الجاك تبيدى
    وحوشهم المشهور لكل سكان ناس ودنوباوى وال مبارك سنادة واشهر سائق تكسى الملقب (باحمد الحرامى) وشهرة الحرامى
    اتت من حبه للاطفال فكان فى بعض الاحيان ياخذ الاطفال بعربته يفسحههم فى الحى ويعود بهم وقتها كان اهل الاطفال فى قلق
    من اختفاء اطفالهم لذلك سمى بالحرامى . وكذلك هنالك عائلة ال نميرى واحمد سعد اشهر بائع فول فى امدرمان وال ود البصير
    وعائلة يوسف زمراوى ولا ننسى اقدم قابلة فى حى ودنوباوى (الداية سكينة) رحمة الله عليها وايضاً لا ننسى اشهر بائع (برسيم)
    العم عبدالماجد وعائلة سيد مكى التى كانت تمتهن صناعة حلوى المولد وايضاً من السكان القدام الفنان الراحل عوض الجاك رحمة
    الله عليه والفنان صلاح محمد عيسى عليه الرحمة وشقيقه (شيتة) وكما لاننسى الشخصيه المرحة الهادى (الضلالى ) الذى فاقت
    شهرته كل ناس امدرمان وليس ناس ودنوباوى لوحدهم .وكان من ابرز معالم ودنوباوى مربط الجمال فى سوق ودنوباوى والذى تم
    بناء المركز الصحى مكانه. وايضاً مدرسة ودنوباوى الابتدائية والتى درس بها غالبية ابناء ودنوباوى كانت وقتها بجوار عائلة الاستاذ
    الخلوق الفنان نجم الدين الفاضل والذى تشرفنا بالدراسه معه فى نفس المدرسة بعده انتقلت الى موقعها الحالى خلف كلية التربية
    معهد المعلمين العالى وقتها