رأي ومقالات

منى سلمان : العلاقة الحساسة بين الزوجة وام زوجها

[JUSTIFY]حفزني تقرير طالعته على صحيفة حكايات، لتسليط الضوء على العلاقة الحساسة بين الزوجة وأم زوجها، ووقوع الزوج الدائم بين مطرقة هذه وسندان تلك، فبالرغم من فوران العلاقة بين الأم والزوجة بنيران حب التملك والتنازع على السلطة، نجد في المقابل أن علاقة الزوج ونسيبته (والدة زوجته) محفوفة بالاحترام والتقدير من جانبه، والتحفظ المخلوط بالكثير من المحاذير والقيود من جانبها، فلا يجب أن تكشف عن شعرها في حضوره ولا تتخلى عن ثوبها اثناء وجوده في البيت .. كانت أمي تعتقد بأن (النسيبة المالية مركزاً)، لا يجب أن يرى زوج ابنتها أسنانها مطلقاً، وهذه الكناية أطلقت المحل وأرادت الحال، فعدم رؤية الأسنان يعني أن لا تضحك أمامه أو تتناول معه الطعام وتلك هي الحالتان التي تستوجب فتح الفم والكشف عن الأسنان !
وكانت رحمة الله عليها تقول في تلك العلاقة عندما تدعوها إحدانا لتبيت معها في بيتها:
المرة الواعية لا في بيت النسيب بتنوم ولا قدام صينيتو بتحوم.
قديماً كنت إذا أردت أن تمنع أحدهم عن فعل شيء أو تحفزه عليه فما عليك سوى أن تقول له (نسيبتك يا فلان) فقدسية اسم النسيبة تلزمه بفعل المستحيل كسر رقبة وفي غناء الحماسة قالوا (البجري نسيبتو .. ومرتو طلقانة) !
مقابل تلك العلاقة المحروسة بالأعراف والتقاليد الصارمة، نجد علاقة الأم وزوجة ابنها في مراعي الصدامات المسلحة على السلطة ، فبعد أن كانت الأم هي الآمر الناهي دون منازع، تأتيها الزوجة لتقتطع لها أرضية (حكم ذاتي)، ما لم تعمد للإنفصال (دون استفتاء ووجع دماغ) وتكوين دولة جديدة مناوئة على طريقة قلع الإيد !
وقد تطور شكل الخلاف بين الطرفين وطفا على السطح إبان هوجة الاغتراب الأولى وبريق خيراته قبل أن تحول الأزمة المالية والمكوس والضرائب فوائده الجمة لكسور وبواقي .. ما علينا، المهم حينها كانت أم المغترب لا تحبذ أن تلحق به عروسته فذلك يعني استفرادها به وبقلبه الضعيف بفعل ألم الغربة، فتشغله بها عن من هم سواها خاصة من تعبت فيه تسعة وتسعة، فتتحجج الحاجة بضرورة عدم سفر العروسة ليتمكن الإبن من تأسيس نفسه بأعجل ما تيسر .. باقي لي لو ركّزت الأمهات على تلك الحجة لما غنى كثير من مغتربينا (ما بنفع كلام يا ريت) !
– تجمعت الفتيات ومعهن أشواق بت صفية، حول الدلوكة بعد انتهائهن من الإفطار في يوم صباحية إحدى صديقات طفولتهن .. إنشغلن بالغناء والرقص بينما وغير بعيد عنهن
رقدت في البرندة، مجموعة من النسوة كانت بينهن (فاطمة بت حسب الرسول) والدة (محمد) العريس المرتقب لـ (أشواق) بعد أن أعلن خطبته منها وحدد مواعيد الزواج بعد العيد الكبير .
كانت النسوة يتسامرن ويستمتعن بشرب القهوة، بينما يتناهى إليهن غناء الصبيات في الداخل وأصوات ضحكاتهن ومناكفاتهن لبعضهن البعض .
لم تنتبه حاجة (فاطمة) لبداية الحوار الدائر في الداخل، ولكن استرعى انتباهها تكرار كلمة نسيبة من الفتيات .. تنصتت قليلاً فسمعتهن يتناوبن في التحدث عن علاقاتهن المستقبلية مع نسيباتهن، ومنهن من كانت نسيبتها ضمن الحاضرات لمناسبة الزواج، وفجأة شق صوت (أشواق) المميز أصوات رفيقاتها وعلا وهي تضحك عندما صرحت بنهجها في معاملة نسيبتها المستقبلية .. قالت دون أن تنتبه أن يصل صوتها لمن في البرندة و(فات قعر اضنينهم):
أنا غايتو نسيبتي السهتانة دي .. حأشق ليها حنكا واحشيهو ليها شطة لو عملت معاي حركات الكهنتة بتاعة الحموات دي .. أي عنكبة عضلات تبش طوالي!
أطبق الصمت الرهيب على النسوة في الخارج وتسمرت أعينهن على وجه حاجة (فاطمة)، وهو يتلون وتلمع عينيها ببريق دمعة ألم أبت عزتها أن تسمح لها بالنزول .. وضعت فنجان قهوتها وقامت من مرقدها في تؤدة وتوجهت في هدوء نحو الغرفة وهي تعالج موجات الغضب التي تصاعدت نحو وجهها الناير .. وقفت بباب الغرفة فغاص قلب (أشواق) رعباً وحرجاً .. وقفت برهة تلتقط أنفاسها ثم قالت في تأنٍ وهي توجه كلامها لخطيبة ابنها:
استعجلتي يا بت صفية أختي .. بشّرتي في الواطة قبال يشدو ليك وتركبي !
أكان تستني لمن تجيني داخلة عشان تشقي لي حنكي الشقي – الطلبك من أمك وأبوك – وتمليهو شطة .. ثم هزت رأسها في أسف وأعقبت بالقول وهي تغادر المكان:
قادر الله يا بتي!

صحيفة حكايات
[/JUSTIFY]