حاتم أرباب : أعملوا حسابكم من الطلاق !
مرافعة أستاذ:
“راتبه الشهري مليون جنية وفرضت المحكمة علية نفقة اثنين مليون جنية”
سيدي القاضي: لا شك أن هدف كل والد، سليم العقل، سليم الخلق هو توفير حياة كريمة لاولاده، ومعظم الاباء هدفهم الأساسي من جمع المال توفير حياة كريمة لاولادهم، إلا البخلاء من الناس يجمعون المال لا لشئ إنما حباً لجمع المال،والحمدلله انني سليم العقل والخُلق، والبخل ليست من صفاتي، والمدعية هي ادري الناس بي، فلك أن تسألها إن كنت يوماً قصرت في وأجبي أتجاه اطفالي بسب بخل مني، او إن كانت رأتني يوماً سكران، اوسمعت بي العب القمار، او لي علاقة مشبوهة، فأصحاب هذه الصفات؛ منهم من يضنون بالمصروف ويتهربون من واجباتهم إتجاه ابنائهم.
سيدي القاضي : لقد ذكر الشاهد الاول ان طفلي اللذان يعيشان مع والدتهم (واعمارهم بين سنة واربع سنوات) يحتاجان الي مبلغ 12400 جنية سنوياً، وعندما سئل عن تفصيل هذه النفقة أجاب؛ بأن هذين الطفلين يحتاجان في اليوم الواحد الي (1) كيلو لحم ب 40 جنية (5) ارطال لبن ب20 جنية ورغيف ب5 جنية زبادي ب10 جنية و طعمية و مربي ب10جنية وبسكويت وايسكريم ب 10 جنيه بالاضافة لملابس داخلية وملابس برد وملابس حر، بينما ذكر الشاهد الثاني؛ إن دخل دكاني اليومي 5 مليو جنية (بالقديم والتسعيرة قديمة قبل سنة)
سيدي القاضي: من خلال إفادة الشاهدان يتضح جلياً ان هدف المدعية ليس الحصول علي حق مشروع لأطفالي إنما هدفها هو الابتزاز والمكائدة والحقد الأعمي الذي نساها انني والد لأطفالها الخمسة، وان ثلاثة منهم يعيشون معي ويحتاجون لمصروف أكثر لأنهم طلبة في المدرسة!
و كأنه الشاهدان أتيا من كوكب غير كوكب السودان..! فهم يعلمون بانني اعمل مدرس في مرحلة الأساس، والاساتذة معروف بأن العدس والفول هما مجاديف ماهيتهم في بحر الشهر المتلاطم الأمواج يعانون الويلات ليصلوا الي شواطئه، وهم يعلمون انني اعيش في قرية غالبية أهلها مزارعية، وتلك القرية كانت بيوت معدودة عندما كنت انا طفل، وكل أسرة كانت تمتلك حواشة مساحتها عشر فدان او أكثر، وكل حواشة كانت تنتج علي الاقل (40 شوال) من الذرة ومثلها من القمح ومحصول قطن يعتبر مصدر الدخل الاساسي لسكان القرية ، منه يحجون ومنه يتزوجون ويبنون بيوتهم، وفي القرية محلان لبيع اللحمة يذبح كل جزار منهما (خروفين او ثلاثة يوميا)ً وفي يوم الجمعة (يذبحان ثور ويتقاسمانه). كانت هذه هي حالة القرية قبل 30 عاماً..اما اليوم (فالبويتات) زادت اضعاف مضاعفة و الحواشة تدني إنتاجها ليصل الي (بضع شوالات) وان كانت الاسرة تملك عشرة فدان فاليوم نصيب الاسرة اصبح فدان واحد، و اختفي القطن من حياتهم وما زال الجزاران هما الجزاران (ومازال يتقاسمان الثور يوم الجمعة)..!! فهل في وضع كهذا يكون دخل دكان يبيع البصل بالكوم، والزيت بجنية وجنيهين، والسكر بربع الرطل، والعدس بنصف الكيلو والشاي حب بالوقية، والصابون بالقطعة ،ومعظم زبائنه يشترون بالدين منهم اسر اصحاب المواهي الذين يدفعون كل نهاية شهر، ومنهم من ينتظرون (حوالة) من الخارج، ومنهم من يدفعون بعد حصاد الموسم ومنهم من لا يدفعون ولو بعد عام، فنحن أهل و أسر مترابطة فمن المستحيل ان يمتنع صاحب الدكان عن الدين الان المتدين اما ان يكون أخاك او خالك او خالتك او عمك او صديقك او قريب تكن له الحُب والإحترام وتعرف ظروفه المعيشية فلا تسطيع رده. فهل مثل هذا الدكان يبيع صاحبه كل يوم خمسة ملاين؟!!
سيدي القاضي : هذه دفاتر ديون دكاني لسنتين توضح ماذكرت عليها تواريخ الدين وتواريخ السداد وعليها توقيعاتهم، وهذه إفادة من اصحاب محلات الجزارة بالقرية وهما محلان لا ثالث لهم، وهم ادري الناس بمن يشتري اللحمة بالكيلو او بالربع، فهم يؤكدان فيها انني من أصحاب ربع كيلو اللحم في الايام العادية، ونص الكيلو في يوم الجمعة، كما افادوا ايضاً بأن الشاهد الاول والذي يسكن في نفس القرية يكاد ان لا يمر طوال الشهر امام محلاتهما مع إن له اطفال مثلي! وربما دخله الشهري أكثر من دخلي، من الواضح انه يدعي المعروف وينسي نفسه ! القفز فوق الواقع يدل علي إن المقصود ليست نفقة الاطفال إنما بهدف الإنتقام مني.
إن إستأنفي ضد هذا القرار الذي الزمني دفع نفقة وقدرها (إثنين مليون جنية ) ليس لان هذا المبلغ يزيد عن حاجة اطفالي او لأن تقديرات مصروفات النفقة كانت خاطئة، فمن العيب أن أجادل في ان كان طفلي اللذان يعيشان مع والدتهم لا يستحقان كيلو لحم او خمسة ارطال لبن يومياً..!! إنما سبب إستنافي ضد هذا القرار لانه يفتقر الي الحمكة والعدل وبالتالي يعارض القوانين المستنبضة من الشريعة الاسلامية التي لا تكلف فيها نفس، إلا وسعها.
اولاً- القرار إستند الي إفادات شهود المدعية لتحديد دخلي الشهري الذي قدر بحوالي 150 مليون(بالقديم) في الشهر وعلي ضوء هذا التقدير حددت النفقة. ! الشهود لم يقدموا اي مستند قانوني يثبت صحة إدعائهم ككشف حساب شهري من البنك او فواتير توضح معاملات دكاني الذي تشاركني فيه الاسرة! كيف لهم ان يعرفوا دخل دكاني اليومي وهم لم يعملوا في الدكان يوماً؟! ولا تربطني بهم صلة صداقة لابوح لهم عن اسرار الدكان!، وكيف لهم إثبات ملكيتي الكاملة لدكان وانا الاخ الاكبر لاسرة تتكون من اربعة بنات وستة اخواة واحد منهم يعمل في دولة الامارات العربية وواحد خريج حديث واب مزارع نعيش كلنا في بيت واحد يديره الوالد وحياتنا مشتركة في المعيشة والمسكن واولادي هم اولاد الاسرة يحظون بالرعاية ويتمتعون بحياة اولاد المغتربين الذين يلبسون الجديد في كل مناسبة بل مع كل مغترب عائد من ابناء القرية من الامارات ولا يعيشون حياة أستاذ ماهيته مليون جنيه سوداني لو إشتري كيلو لحم كل يوم لخلصت ماهيته من اول إسبوع! فكيف لهولاء ان يميزوا بين ما يودعه اخواتي من راس مال في الدكان وبين ما ادخله انا من ماهيتي الشهرية؟! تحديد دخلي الشهري بناءً علي إفادات الشهود اللذان لم يقدما اي مستند إثبات ولم يكونا شركاء او عاملين في دكان الاسرة، خطأ يخالف المنطق والقوانين فلا يصح بناء حكم عليه.
ثانياً- تحديد النفقة تم بناء علي احتياجات اطفالي وكان من المفترض ان يحدد بناء علي مرتبي الشهري الثابت وهو مليون جنية ومائة وعشرون( بالقديم) ثم يقتطع من ذالك ثمن وجبتين يومياً لي وثمن وجبتين لكل من ابنائي الثلاثة الذين يعشون معي وتحدد الوجبة بمعيار مسكين (5 الف طلب فول) فذالك يعني انا وابنائي الثلاثة نحتاج الي( 60*4= 240 وجبة شهرياً )5xالف جنية = 00 1,2 (مليون ومائتين الف جنية) وهذا المبلغ يزيد قليلاً عن راتبي الشهري..!! فهل يا تري هناك اساتذة لا دكان لهم ويدفعون نفقة تكفي حاجيات اطفالهم؟ وهل كل الموظفين والعمال الذي يتقاضون مثل راتبي او أقل يلبون حاجيات أطفالهم ان كانوا يعيشون معهم تحت سقف واحد او مع والدتهم؟ مع العلم بأن متطلبات كل أسرة ليست فقط وجبتان لكل فرد، فهناك من يصرف علي طلاب جامعين وطلاب ثانوي وابتدائي، و بالاضافة لذالك الامراض التي لا تنقطع شهراً من غير ان تصيب فرد من البيت، ربما تحمل طفل للمستشفي لارتفاع درجة حرارة فيطلبو منك فحص الملاريا في ثلاثة معامل وإن كنت غير محظوظ لان نتيجة الفحوصات الثلاثة قالت لا توجد ملاريا عندها يسألك الطبيب بأجرا صور اشعة للكيلي وصور مقطعية وصور شمسية ودربات تجد فاتورة حسابك بعد اسبوع زادت عن المليونين جنية، وليست هي الامراض وحدها التي لا تنقطع لشهر فمجاملات الأعراس والعزاء لا تنقطع ايضاً لشهر. كل هذه التفاصيل القليلة من كثير لاثبت لك ان مصروف معيشة السودانين اصحاب الدخل المحدود لاتخدع للمنطق ولغة الارقام؛ لذالك تحديد النفقة بناء علي احتياجات الاطفال فيه ظلم للوالد صاحب الراتب المحدود، وتحديد النفقة وفقاً للراتب فيه ظلم وإجحاف بحق الأطفال ..فالظلم في تلك الحالتين واقع(ربما يكون “لغسان” وأمثاله ضلع كبير في الظلم) ولئن يقع الظلم علي الوالد خير من ان يقع علي الاطفال وظلمي فيه ظلم لاطفالي اللذين يعيشون معي. سيدي القاضي: اجعل لهم نصيب النصف من ماهيتي ودع ما يأتي من الدكان للملاريا والتعليم والمستقبل القاتم، سيدي القاضي: اود ان ألفت إنتباه سيادتكم الي انني مربي قبل ان اكون والد وانني أعمل مدرس بمرحلة الاساس لأكثر من خمسة عشر عاماً ،وانني ابن فلاح متمسك بعاداته وتقاليده ،وابنائي يهموني اكثر من نفسي فإن مرض احدهم فلن اقول دفعت النفقة الي والدتهم و هي المسؤولة عن مصروفات علاجهم، ولن ازورهم (ويد وراء ويد قدام )ولن تنقطع هدايا أخواني عنهم لانهم يعشون مع امهم، فهم اولادي ولو لا إستحالة العيشة مع أمهم لما قبلت لهم هذا الوضع الغير مريح.
سيدي القاضي: يبدو واضحاً ان دوافع المدعية من المحاكم ليست مصلحة أطفالي إنما الإنتقام مني، وقد قال أهلها لي صراحة (سنبهدلك) بالمحاكم وقد نجحوا في ذالك، فلي أكثر من سنة لم أغيب فيها شهراً من غير ان اقف بين يدي محامي او قاضي، وقد ترتب علي ذالك اضرار كثيرة صحية منها إصابتي بمرض السكري، وحالة نفسية سلبية انعكست سلبياً علي اداء وظيفتي كمدرس واضرار مادية تضررت منها اسرتي واولادي الخمسة، فليس من العدل ان يحصل كل ذالك تحت مسمي (نفقة الاطفال) ووالد الاطفال يدمر معنوياً ومادياً.
النيلين – حاتم ارباب