عبد الباسط سبدرات وزير العدل في حوار حول القضايا الراهنة : أحمد هارون لم يقدم لمحاكمة داخلية ولن نحاكمه بناءاً على إتهامات أوكامبو

أحمد هارون لم يقدم لمحاكمة داخلية ولن نحاكمه بناءاً على إتهامات أوكامبو
فرنسا دولة مؤثرة وتتعاطى مع قضية دارفور, ويجب أن نتصل بها لأنها طرف أساسي
الجامعة العربية أرسلت لجنة للتعرف على الأوضاع العدلية بالبلاد ولم ترفع تقريرها بعد
المؤتمر الشعبي نسيج سوداني آخر يعترض على أي شئ وكل شئ
جدد عبد الباسط سبدرات وزير العدل موقف السودان الرافض للتعامل القانوني مع المحكمة الجنائية الدولية, مشيراً إلى أن القانون السوداني الآن يتضمن فقرات عن جرائم الحرب والإنسانية, وأنه سيناقش في المجلس الوطني في دورته الجديدة لإجازته, نافياً ماتردد عن مثول أحمد هارون وزير الشئون الإنسانية للمحاكمة, موضحاً أن الجامعة العربية أرسلت لجنة للتعرف على النظام العدلي بالسودان منذ أسابيع برئاسة المستشار القانوني للجامعة ولم ترفع تقريرها بعد,، رافضاً الحديث عن تطبيق أي محاكم مختلطة بالبلاد.
وقال سبدرات في حوار خاص لـ آخر لحظة: ليس من حق الحركة الشعبية الحديث عن التحكيم في أبيي قبل إصدار القرار بشأنها, مضيفاً أن المؤتمر الشعبي نسيج سوداني آخر لوحده يعترض على أي شئ وكل شئ. وفيما يلي نص الحوار:
أجرته : صباح موسى
* في البداية سيادة الوزير هل هناك خطوات قانونية اتخذتموها لإجهاض قرار الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس؟
نحن كنا ومانزال نرى أن هذه القضية سياسية, وليست قانونية, وأنها لبست مسوح القانون, وقرار الإحالة نفسه صدر من مؤسسة سياسية, به خمسة أعضاء فقط لهم الحق, وبالتالي تبقى الإحالة للدولة التي لا تملك, والتي لم تجد نصيراً لها, وأول مرة تطبق فيها المادة 13 ب في الفصل السابع من قانون المحكمة, وهي محكمة ظلت عاطلة من يوليو 2002 حتى يوليو 2005, وهي محاولة لإرساء أول سابقة لتطبيق الإتفاق الذي وقع من مجلس الأمن, لذلك قلنا أنها سياسية, ولم نتعامل معها بعد القرار, فهي لم تراعِ القانون المنشئ لها.. المدعي العام للمحكمة ناشط سياسي, ظل يتحدث في وسائل الإعلام أثناء وقبل وبعد القرار, وبالتالي المقصود هو إدانة سياسية عبر أجهزة الإعلام, ولذلك موقفنا واضح, ومعنا في ذلك الجامعة العربية, والإتحاد الإفريقي, ودول عدم الإنحياز, ومنظمة المؤتمر الإسلامي, ومجموعة الـ 77, وباقي الاحرار في العالم الذين رفضوا المحكمة, وهي لا تحكم بأي آليات للتنفيذ, فقط عن طريق الدول الأعضاء بها, وهي لا تستطيع أن تنفذ أمر قبض إلا برضاء الدول المعنية, وهذا وفقاً للمادة 58 من المحكمة نفسها, وهي لا تملك أي أجهزة, ولا منظمات إقليمية, أو عالمية, ولابد أن يصدر قرار بذلك من مجلس الأمن, ولايمكن أن يصدر هذا القرار.
إذن ما هو المخرج في تقديركم؟
– بإنفاذ قرارات مؤتمر أهل السودان, وتأمين مناطق العودة في دارفور, وتوفير كافة المستلزمات لتكون العودة طوعية ميسرة, والإهتمام بالمسائل الإنسانية, بالإضافة إلى قضية التنمية في دارفور, ووقفنا فيها على عقود عدة في الطرق والمياه والصحة وغيرها, وقضية الحوار مع الفصائل, ونقوم بذلك من خلال المبادرة القطرية, وسنمد اليد لكافة الأطراف التي تريد سلاما بدارفور.
السودان أعلن من قبل أنه سيضمن قوانين جرائم الحرب في الدستور ماذا تم في هذا الموضوع؟
-قانون القوات المسلحة الذي صدر في عام 2007- 2008 يتضمن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية, وفي إجتماع وزراء العدل العرب كان هناك قرار بضرورة تضمين جرائم الحرب في القوانين العربية, وتم تعديل القانون السوداني وهو مودع الآن أمام المجلس الوطني, وسيجاز ضمن القوانين في الدورة القادمة.
* عينتم مدعياً عاماً للجرائم بدارفور هل هناك محاكمات تمت في هذا الصدد؟
-منذ عام 2004 تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق, ولجنة أخرى للتحقيق, وأسفرت عن جرائم إرتكبت, وتم تكوين محاكم ونيابات, وقدم عدد من المتهمين, وتمت محاكمتهم. لكن في ظل الحرب تسيير عمل المحاكمات وفق ما تريد يكون أمراً صعباً. وتم فتح 13 بلاغاً على أفراد من القوات الحكومية, والمتمردين, وكانت هناك ضرورة لمباشرة هذا العمل, وتم تنصيب مدعٍ عام لذلك, وهو الآن يباشر عمله, وهناك عدد كبير من القضايا على وشك الإنتهاء فيها إذا ما قبض على المتهمين.
* تردد من قبل أن السيد أحمد هارون وزير الدولة للشئون الإنسانية سيقدم للمحاكمة. ما صحة هذا الكلام؟
-هذا الكلام غير صحيح. أحمد هارون لا يوجد إتهام تجاهه من أي جهة, ولا يمكن إتهامه بحديث أوكامبو, فهو لا يواجه أي إتهام لدينا.
* وكوشيب؟
كوشيب الآن أمام واجهة إتهام بناءاً على لجنة تحقيق مولانا محمد عبد الرحيم التي جاءت بعد تقرير لجنة الحقائق لمولانا دفع الله الحاج يوسف, وهو الآن رهن الإعتقال.
* البعض يقول: إن تقرير لجنة مولانا دفع الله الحاج يوسف جاءت فيه إنتهاكات جسيمة وأنتم تكتمتم عليه؟
-لا لم يحدث ذلك, فقد تم عمل لجنة للتحقيق فيما جاء في تقرير لجنة مولانا دفع الله برئاسة مولانا محمد عبد الرحيم فهي التي لها الإختصاص في التحقيق فيما ورد في لجنة تقصي الحقائق.
* هل كانت للجامعة العربية إقتراحات بمحاكمات معينة؟ وهل وافقتم على هذه الإقتراحات؟
-الجامعة لم يكن لديها أي إقتراح بمحاكمات, فهي أرسلت لجنة للتعرف على النظام القضائي في السودان قبل أسابيع برئاسة بوخضرة المستشار القانوني للجامعة, ومعه عدد من كبار المستشاريين القانونيين, وقابلوا وزارة العدل, والقضائية ولجان التحقيق, ولم يرفعوا تقريرهم حتى الآن.
* كان هناك إقتراح برفع دعوة ضد الجنائية الدولية أمام محكمة العدل الدولية. كيف تعاملتم مع هذا الإقتراح؟
-هذا الأمر ما زال محل نقاش, فكرنا فيه من قبل, فهو أمر استشاري وليس ملزماً.
هناك أيضا حديث عن محاكم مختلطة؟
– لا نقبل الحديث عن محكمة مختلطة فهذا لا يستند لأية سابقة قانونية في العالم. وهو عمل سياسي وليس قانوني.
* يقال أن مصر لديها تحركات في هذا الملف, ولديها مشاورات غير معلنة معكم في هذا الإطار؟
-ليس هناك أي مشاورات غير معلنة بيننا وبين مصر في هذا الموضوع, فهي معنا في كافة الحلول التي نطرحها, وليس لديها حلول سرية.
* هل كانت القمة العربية الأخيرة بالدوحة على قدر المخاطرة وتحدي الرئيس بالذهاب إليها؟
-الرئيس لم يتحدي , بل هو مارس إختصاصاته, وتحركنا من منطلق أننا دولة ذات سيادة, ورئيسها يجب أن يمارس كافة مهامه. وقمة الدوحة دعمتنا بـ 21 فقرة في القرار بدعم السودان سياسياً ومادياً, فنحن حظينا بموقف عربي ممتاز في القمة. وأتحدث هنا عن قطر وأقول أن الشعب السوداني ممتن, وحافظ ومقدر للدور القطري الكبير, فكانت قمة الدوحة أنجح قمة ساندت السودان, بموقف قوي وواضح, وهذا ليس غريباً على قطر, فهي تشاركنا منذ عقود في الهم السوداني, وتسعى معنا لحل كافة قضايا السودان, فكان ضرورياً أن نتواجد بالدوحة, حتى نحظى بهذا الدعم العربي الكبير والمساند لنا.
* سيادة الوزير كنت ضمن الوفد المصاحب للرئيس في قمة الدوحة. كيف كان الوضع داخل الطائرة؟
-كنا في معية الله, ومطمئنين تماماً, ولم يكن هناك أي خوف, وكان معظم الوفد نائماً معظم الرحلة, والذي ينام لا يمكن أن يكون قلقاً أو خائفاً.
* دعنا ننتقل إلى ملف آخر.. الحركة الشعبية قلقة من أنكم من الممكن أن تتنصلوا من التحكيم بشأن أبيي إذا جاء في غير صالحكم. بماذا ترد؟
-ليس من حق الحركة الشعبية أن تتحدث مسبقاً عن قرار لم يصدر بعد, فنحن إلتزمنا بالتحكيم الدولي وهم إلتزموا, ونحن أكثر الناس حرصاً, ولم ننقض عهوداً, ونحن ملتزمون بالقرار الذي سوف يخرج من محكمة التحكيم الدولية بشأن أبيي.
* وما تعليقك على تصريحات دينق ألور وزير الخارجية والقائد البارز بالحركة الشعبية حول هذا الموضوع بتوجسه من المؤتمر الوطني بعدم الإلتزام في أبيي؟
– لا أريد أن أخوض في أمور سياسية مع الوزير ولا أريد التعليق.
* كانت هناك مجموعة من التصريحات لـ دينق ألور هاجم فيها المؤتمر الوطني بشدة. وكان هناك حديث عن مساءلته. ماذا تم في ذلك؟
– لم أقرأ تصريحاته, ولا أريد أن أناقشها. والمساءلة هنا سياسية وليست قانونية, فهو لم يرتكب جريمة حتى نسأله قانونياً, هو أبدى رأياً سياسياً, وهناك جهات سياسية هي التي تقدر هذا الأمر.
* بخصوص المنظمات البعض يرى ومنهم الحركة الشعبية يرون أنه كان من الممكن محاكمة أفراد داخل المنظمات إذا تأكد لكم أنهم عملاء بدلاً من طردهم. ما رأيك؟
– المنظمات دخلت السودان وفق إتفاق والعقد شريعة المتعاقدين, وعلى المنظمات التي أبعدت أن تتحمل ذلك لأنها خرقت العقد بيننا, فقد خرقت نطاق تخصصها ومسئولياتها وتدخلت في شأن يمس سيادة الدولة وأمنها, وكان ضرورياً إبعادها, ولا توجد أية دولة تجبرنا على غير ذلك. وعموماً نحن لم نطرد منظمة فنحن طردنا أفراداً في منظمة. ولا أريد أن أناقش منطق الحركة الشعبية في هذا الأمر, فلا أملك حكراً على إبداء رأي وهذا رأيها.
تأجيل الإنتخابات عن الميعاد المحدد في الإتفاقية هل يخالف الدستور؟
– مفوضية الإنتخابات هي الجهة المنوط بها الإنتخابات بكافة إجراءاتها, وكيفية إدارتها, الدستور حددها في نهاية السنة الرابعة, وقررت المفوضية لظروف فصل الخريف, رأت أن شهر فبراير هو أنسب وقت يمكن أن تجرى فيه, وحتى تتيح الفرصة لكافة الأحزاب أن ترتب أوضاعها لخوض الإنتخابات, وقرارها نراه صائباً.
* وإذا رفضت بعض الأحزاب هذا التأجيل؟
– الكل وافق
* لكن المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي معترض على التأجيل؟
– الشعبي هذا نسيج آخر لوحده فهو يعترض دوماً على أي شئ وكل شئ, فهذا رأيه وهو رأي أحادي تماماً كما كان رأيه في الموافقة على تسليم الرئيس للجنائية, على أية حال هذا رأيه وله الحق في إبداء رأيه.
* ماهو تعليقكم على الزيارة الأولى للمبعوث الأمريكي الجديد للسودان؟
– نحن نمد يد العون للذي يمد يده إلينا, والمبعوث أتى للإستماع لقضيتنا, ونؤمل في إدارة أوباما, على أن يكون شعار التغيير الذي أتى به في حملته الإنتخابية شعاراً حقيقياً, ليغير تماماً ما رسخ من سياسات ضاره في فترة بوش, ولذلك نحن نؤمل بأن تكون السياسة الأمريكية الجديدة تخالف السياسة السابقة للمسيحي المتطرف الذي جثم على صدر العالم 10 سنوات, نرى أن المبعوث جاء بعقل مفتوح, وأيضاً تحدثنا معه بعقل مفتوح.
* هناك زيارة لوفد سوداني بقيادة د. نافع علي نافع مساعد الرئيس إلى فرنسا ماذا تريدون من هذه الزيارة؟
– فرنسا دولة مؤثرة وتتعاطى مع قضية دارفور, ويجب أن نتصل بها لأنها طرف أساسي, ويجب أن نتحاور معها لتقريب وجهات النظر.
* خرج التقرير المشترك بينكم وبين الأمم المتحدة يؤكد أنه ليس هناك أزمة إنسانية في الوقت الحالي وأنه من الممكن سد فجوة المنظمات. وخرجت علينا أميرة حق ممثلة الأمم المتحدة في تصريحات تؤكد أن هناك أزمة إنسانية في دارفور؟ ما معنى ذلك؟
– طالما هناك حرب فهناك أزمة, ويبقى الحديث عن حجم هذه الأزمة, وهل هناك قدرة على تجاوز هذه الأزمة أم لا, والأمم المتحدة أكدت أنه طالما هناك حرب ومعسكرات يظل هناك عمل إنساني ومساعدات. والتقرير الفني للأمم المتحدة معنا ناقش هذا الوضع وأكد أنه يمكن جسر الفجوة, وما يهمنا هو هذا التقرير الذي وقعت عليه أميرة حق بنفسها.
أما مايقال من تصريحات فهو مجرد كلام, وأمر يخصها هي.
* كيف ترى مستقبل السودان في ظل قرار الجنائية بتوقيف الرئيس؟
– أنا مقتنع قناعة كاملة بأنه لا يصح إلا الصحيح, وما بني على باطل فهو باطل. والسودان سيكون قادراً على تحقيق وحدة كاملة ضد هذا القرار, والرئيس يلتف حوله الجميع من جماهير الشعب السوداني حتى في دارفور في زياراته الثلاث لها, فقد ذهب إلى زالنجي وهي عقر دار عبد الواحد نور وكان في منطقة مكشوفة ووجد تأييداً كبيراً هناك, وإلتفت حوله الجماهير وساندته.
* واضح أنكم تراهنون على مساندة الداخل السوداني. ماهي رؤيتكم في التعامل مع الخارج بخصوص الجنائية؟
– بيننا مجلس الأمن, وأوكامبو لن يقدم تقريره للمجلس إلا في شهر يونيو, وسنتعامل مع الأمر بشكل سياسي.
* وإذا كان القرار وقتها في غير صالحكم. ماذا ستفعلون؟
– وقتها لكل حادثة حديث.
المصدر: صحيفة اخر لحظة