رأي ومقالات

وقيع الله حمودة شطة : مجلس شورى قبائل تقلي.. تحالف الفاشلين «1»

[JUSTIFY]مطلب الولاية الشرقية، مطلب وحق شرعي تأخر كثيراً، وصبرت عليه جماهير المنطقة الشرقية من جنوب كردفان أكثر، هو مطلب قديم منذ فترة ما قبل «رشاد الكبري» ثم فترة المحافظات الثلاث «رشاد، أبو جبيهة، تلودي» التي تولى تكوينها المركز نفسه وفقاً لمطلوبات الحكم الفدرالي «لا مركزي»، ثم المرحلة الأخيرة «الحالية» التي جعلت الشرقية ثماني محليات هي رشاد، تلودي، أبو جبيهة، العباسية، الليري، التضامن، قدير، وابو كرشولا، وهذا التقسيم الأخير للمحليات لا شك أنه جاء ـ أيضاً ـ وفقاً لفلسفة الحكم «اللامركزي» الذي يتبناه المركز تبعاً لإستراتيجية قومية شاملة تفضي في نهاياتها إلى تحقيق أهداف العدالة الاجتماعية، الحكم الراشد، التنمية المستدامة، وتحقيق رغبات الجماهير وأبناء الولايات في تقصير الظل الإداري، لتوفير الخدمات الأساسية، ونزع عوامل التعرية الاجتماعية، والغبن الناشئ من الشعور بالحرمان والتهميش الذي ولد في الآونة الأخيرة كثيراً من النزاعات والتمردات التي أثرت سلباً في منظومة الأمن القومي والاستقرار السياسي العام.

مطلب الولاية الشرقية بعد كل هذه المراحل يأتي في إطار الالتزام بمعايير المسؤولية الأخلاقية الواقعة على عاتق رئاسة الجمهورية، لتنفيذ وعود وتعهدات السيد رئيس الجمهورية المشير البشير التي قطعها من قبل لجماهير المنطقة الشرقية بمنحهم ولاية شرقية، ولذلك كل الترتيبات الإدارية والفنية التي تمت خلال تلك المراحل كانت تمهد لهذه المرحلة النهائية «الحالية» التي استوى فيها الآن «سوق» هذه المطالب وغدت شجرة وارفة لها ساق «صُلبة» وجذور «وتدية»، وفرع في السماء، وثمار يانعة حان وقت قطافها وجماهير المنطقة الشرقية التي صبرت كل هذه المدة، هي صاحبة هذه الثمار باستحقاقات تبلغ درجة الامتياز.. وفّت.. صبرت.. قدّرت.. قدمت.. والتزمت حتى الآن بالوسائل السلمية الحضارية في نيل الحقوق والمستحقات وتلك صورة زاهية رسمتها جماهير الشرقية قيادة وفعاليات وفئات وعامة الجماهير، رسمتها على لوحة العمل العام.

وحين نقول ونطالب بتنفيذ تعهدات ووعود السيد رئيس الجمهورية ونطلب ذلك من رئاسة الجمهورية نقصد بذلك أول وعد قطعه السيد رئيس الجمهورية لجماهير المنطقة خلال الزيارة التاريخية والمهمة التي قام بها السيد الرئيس لبعض تلك المناطق سنة 1995م، تلك الزيارة التي سبقها نقاش وحراك كثيف في ولاية جنوب كردفان انتهى في خاتمة مطافه إلى أروقة المجلس التشريعي الولائي الذي اتخذ قراراً بقيام الولاية الشرقية وجاءت التوصية بذلك وقتها، ومن الأهمية بمكان نذكر هنا أن ذلك القرار خرج بتوافق أعضاء المجلس التشريعي وقتها، وسلمت نسخة من هذا الخطاب والقرار للسيد رئيس الجمهورية، وصورة للسيد رئيس المجلس الوطني الانتقالي وقتها العميد «م» محمد الأمين خليفة، وصورة منه ـ أيضاً ـ للشيخ الدكتور حسن الترابي وكان وقتها مسؤول الملف السياسي، وصورة أخرى لا شك بملف وأرشيف مجلس الولاية حيث وعد وقتها السيد الرئيس بتنفيذ هذا المطلب العادل في الوقت المناسب، ووفقاً لتقديرات الأرض والواقع نرى أنه آن أوان تنفيذ هذا المطلب لتلك الجماهير التي اصطفت صفاً واحداً مرصوصاً خلف هذا المطلب، ولا ترى صوتاً ولا هماً يعلو فوق هذا الهم الجمعي، وثقة الجماهير الآن كبيرة جداً في السيد القائد المشير البشير رئيس الجمهورية ومعاونيه في رئاسة الجمهوية، لتنفيذ هذا المطلب الجماهيري العادل الذي تأخر كثيراً، ولكن لكل أجل كتاب، ووعد الحر دين عليه».

طالعتنا صحيفة «المجهر السياسي» العدد «763» بتاريخ الخميس 3 يوليو 2014م الموافق له «5» رمضان 1435هـ ببيان مجهول الهوية «مبتور» على صفحتها الخامسة منسوباً إلى ما سمي «بمجلس شورى قبائل تقلي» تحدث بجهالة غارقة في السذاجة وضعف نظر وبصيرة أن مطلب الولاية الشرقية «هم صغير بجانب هم كبير» وسنعود ـ بإذن الله تعالى ـ مرات لمناقشة غثاء هذا البيان وجمله الركيكة، ومعلوماته المنتحلة، وتقديراته المضللة، وتصوراته المتوهمة لنناقش هؤلاء «الكبار»!! أصحاب الهم الكبير يا دهشتي وعجبي!! ولكن حتى يكون النقاش موضوعياً وحتى لا نطعن في ظل الفيل بوجود الفيل نفسه ينبغي أن نحرر ونحدد أطراف الحوار، وهذه الفرضية تقودنا إلى أن نتساءل من هو مجلس شورى قبائل تقلي؟ ومن هم أعضاؤه؟ متى أنشئ هذا المجلس وأين؟ أين انعتقدت جمعيته العامة؟ وليحدثنا هذا المجلس المتوهم عن عدد القبائل وأعيان القبائل الممثلين لها داخل هذا المجلس المكذوب؟ وليحدثنا هذا المجلس أين مقره في ولاية الخرطوم؟ وليطلعنا على أوراقه القانونية ومحاضر اجتماعاته لأننا جزء من هذا المكون، أقصد «الوهمة الكبيرة» إن كان حقاً هو «مجلس شورى قبائل تقلي».

حين كتبت مقالات عدة صححت فيها المفهوم التاريخي حول أن مفهوم تقلي أنها منطقة وليست قبيلة، وحاولت إنقاذ أجيال تلك المنطقة من طغيان التضليل التاريخي الذي كان سائداً هناك، وصححنا ذلك الخطأ حتى على مستوى مفهوم أهل السودان والدولة حول هذه الحقيقة المهمة بأدلة وبراهين علمية وواقعية، ويومها قامت قلة من اعداء المنهج العلمي والتاريخي في إثبات الحقائق، وانتقدوا تلك الكتابات نقد «اللمات والونسات» في مجالس المناسبات العامة، ومجالس المؤامرات التي حاولت البقاء في الظلام بعيداً عن النور والعقل، ولم يكن النقد نقد المواجهة والكتابة والمحاورة والنقاش العلمي والموضوعي، ولذلك لم نعر تلك السفاهات أدنى اهتمام حتى وئدت في مهدها وتلاشت وجاء الحق وزهق الباطل وأهله، لأن الباطل من كيد الشيطان، وكيد الشيطان كان ضعيفاً.

لكن المفارقة المدهشة والأهم أن بعض اولئك الذين تصدوا بسواعد لينة لمناهضة مفهوم أن «تقلي منطقة جمعت قبائل كثيرة، وانها ليست قبيلة بعينها «وأن اللفظ يدل على المكان الذي قامت عليه مملكة تقلي الإسلامية وليس على القبيلة، الغريب أن بعض هؤلاء خرج علينا بالبيان الذي ذكرناه آنفاً «بديباجة» جديدة ومشروع تضليلي جديد يُسمى «بمجلس شورى قبائل تقلي» وهنا اعتراضنا لا يتعلق بمسمى هذا الكيان الجديد، لا، وإنما نقول: الحمد لله ربّ العالمين ـ الذي هداهم إلى رشدهم فعرفوا أن تقلي مكان وليست قبيلة محددة بعينها، بدليل أنهم الآن كتبوا في بيانهم «مجلس شورى قبائل تقلي» وليس مجلس شورى قبيلة تقلي، وهذا تحول ايجابي في مفهوم تاريخي يهم شأن المنطقة كلها، لكن السقوط المدوي هذه المرة، وهو قصة التضليل والانتحال التي مارسها أعضاء هذا البيان حين كتبوا بياناً مبتوراً حاولوا به تزوير إرادة جماهير المنطقة الشرقية التي همها الآن الولاية ولا شيء سوى الولاية، جاءوا بهذه العبارة المضللة أن الولاية هم صغير!! حدثونا أيّها العباقرة الكرام عن همهكم الكبير هذا؟

ثم السقوط يستمر حين حاول البيان «الغثاء» تزوير إرادة قبائل تقلي، وهو ينسب إليها مجلساً لا تعرفه ولم تجتمع لاختياره وتفويضه، ليتحدث نيابة عنها، مسمين المجلس «مجلس شورى القبائل» وهو في الواقع يتكون من «إثنية» واحدة وفتنة جديدة يقف وراءها وزير اتحادي، وهذا ما نكشفه بالوثائق والمعلومات وشهود عيان.

هؤلاء أصحاب البيان هم أنفسهم الذين كتبوا بياناً حول قرار والي جنوب كردفان بعزل وكيل أمير تقلي أحمد المنصور الذي سعى إلى قيام مشروع عنصري تفتيتي في المنطقة والأدلة والشهود بطرفنا، كتبوا بياناً ناهضوا فيه هذا القرار، والقرار مضى ولا شيء.. مضى برضاء وموافقة حتى أمير تقلي نفسه، وهؤلاء أنفسهم هم الذين كتبوا بياناً ثانياً حين قصفت القوات المسلحة عن طريق الخطأ منطقة أم مرحي، وهي تطارد فلول الجبهة الثورية والحركة الشعبية كتبوا بياناً نالوا فيه من القوات المسلحة والبيان بطرفنا.. وهؤلاء أنفسهم هم الذين كتبوا البيان الذي نحن بصدد مناقشة بنوده في حلقات قادمة.. وهؤلاء هم أنفسهم الذين كتبوا منشورات وخطابات تحريضية تحرض أبناء المنطقة في ولاية الخرطوم ومدينة العباسية تقلي على مقاطعة حشد استقبال والي جنوب كردفان الأخ آدم الفكي في أول زيارة لمحلية العباسية تقلي والمنشورات بطرفنا.. وهولاء هم أنفسهم الذي شاركوا وتبنوا هنا في الخرطوم وهناك في العباسية مشروع مؤتمر قبائل تقلي هكذا سموه زوراً بمؤتمر قبائل تقلي كما يسمون الآن هذا البيان ببيان مجلس شورى قبائل تقلي، وهو في الواقع ليس كذلك، وقد كتبت أكثر من مقال حول مؤتمر العباسية تقلي العنصري الذي تبنته الحركة الشعبية وقتها ومولته ورعته وطبعت مخرجاته التي تستهدف الأمن القومي وهوية أهل السودان ودينهم والنسيج الاجتماعي في تقلي وبنود هذا المؤتمر بطرفنا، وهو الذي مهد فيما بعد إلى دخول التمرد والحركة الشعبية إلى المنطقة الشرقية لأول مرة في تاريخها، والآن مشروع الولاية الشرقية سوف يكشف ظهر الحركة الشعبية في جنوب كردفان، ويضيق عليها حركة التمدد والانتشار، ويفقدها التمويل، ويغلق منافذها في شريط ضيق، ولذلك هي الآن تحرك فلولها وعملاءها لعرقلة مسيرة الولاية الشرقية التي بقيامها يعم السلام جنوب كردفان ويمكّن القوات المسلحة والمجاهدين وقوات الدعم السريع من وضع حدٍ نهائي لهذا العبث الطويل، وهدف البيان إلى تأخير إعلان الولاية الشرقية لانه إحدى وسائل إطالة أمد الحرب التي تخطط لها الحركة الشعبية، وسوف نكشف ذلك بالوثائق والمحاضر والشهود والاجتماعات التي تمت وأين، حيث تم بعضها في مكاتب وزراء ومسؤولين من جماعة «دفن الليل» وجماعة المعلومات المضللة التي اعترفت رئاسة الجمهورية بأنها كانت تتلقاها من جهات محددة حول المنطقة الشرقية، ولذلك جاء مكر إبطال مشروع نهضة المنطقة بقيام الولاية الشرقية.

ولنا عودات.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]