بدرالدين حسن علي : فيلم شيء في صدري
فيلم ” شيء في صدري ” أخرجه كمال الشيخ عام 1971 ، وملخص قصته حول فشل حسين باشا شاكر وقام بالدور رشدي أباظة في السيطرة على زميل دراسته محمد السيد الشاب الوطني صاحب المباديء وقام بالدور الفنان شكري سرحان وعندما يموت محمد السيد تنتاب شاكر رغبة في الإنتقام من مبادئه الجاثمة على صدره ، فيجد ضالته في زوجته تفيدة هدى سلطان وابنته هدى ، ويفشل في التقرب من هدى في حين ينجح في الإيقاع بالأم التي يبهرها الإغراء المادي ،ويختلف معه سكرتيره عبدالعظيم فيطرده ، فيدبر له كمينا للقبض عليه متلبسا بجريمة الزنا ، يحاول حسين الإستعانة بأنصاره ولكنهم يتخلون عنه فيموت بالسكتة
القلبية .
أول مشكلة تواجهنا إزاء فيلم كهذا هي محاولة تصنيفه : هل هو فيلم إجتماعي أم فيلم سياسي أم أنه صورة بالكربون لشخصية عنكبوتية خطرة إستطاعت أن تفرض نفوذها وسيطرتها في الأيام التي سبقت ثورة يوليو مستغلة إمكانياتها وعلاقاتها الهامة وثروتها الطائلة !
أصدقكم القول أنني من أكثر المعجبين بفيل ” شيء في صدري ” وبالواية التي كتبها إحسان عبدالقدوس لدرجة أني لا أدري كم مرة قرأتها ، ولعلي لا أفشي سرا إذا قلت لكم وحتى اليوم تمتلكني رغبة مجنونة في قراءة الرواية ومشاهدة الفيل ، وأذكر جيدا عندما كنت مسؤولا في قناة ART أن ألقيت محاضرة على خريجي معهد السينما في مصر عندما سألوني عن أروع الأفلام التي شاهدتها ؟ فلم أتردد في ذكر فيلم ” شيء في صدري ” ، وتلك قناعة إكتسبتها من دراستي لفن السينما وعلاقته بالأدب ، وسأحدثكم عن هذا لاحقا …
كانت لي علاقة خاصة جدا مع الراحل المقيم الناقد السينمائي الكبير د. رفيق الصبان ولهذا كتبت عنه عند رحيله ، واذكر جيدا أنه جاءني يوما وطلب مني فيلم ” شيء في صدري ” فوجدت نفسي أشاهده قبل أن أعطيه له فهالني أسلوب كمال الشيخ وتمثيل الثنائي العظيم الرائع رشدي أباظة وشكري سرحان .
ما علينا ، قال لي د. رفيق الصبان وهو يرشف قهوته بمكتبي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي ونحن نتحدث عن الأدب في السينما أنه عندما ظهرت قصة إحسان عبدالقدوس أشارت الأصابع إلى المليونير أحمد عبود باشا بأنه هو المقصود بالشخصية الرئيسية في الفيلم ، لم أكن أعرفه ولم أقابله في حياتي ، ولكن في كل مرة أشاهد فيها الفيلم تتراءى لي شخصيات مثل عمر البشير وعبدالله البشير ونافع وعثمان اسماعيل وأحمد هارون وغيرهم شاكر باشا شخصية عنكبوتية بحق وحقيقة ومأساتنا في الشخصيات العنكبوتية ، أولئك الذين يظنون أن المال والجاه والسلطة تعطيهم الحق في استعباد الآخرين !!!
إن أغلب الأحداث التي قدمها إحسان عبدالقدوس في روايته كما قال د. رفيق الصبان هي أحداث مستمدة من الواقع ، وقد قرأت قصة قصيرة شبيهة بهذا هي قصة ” كاسقيلي ذات الشفاه قانية الحمرة ” للروائي السوداني طه الخليفة .
سأجعل الأمر سهلا عليكم ، لأن من المهم جدا أن نفهم السحر الكامن في قصة الفيلم ولماذا هو فيلم رائع ؟
ما من شك أننا أمام فيلم سينمائي كتبه كاتب ماهر له عين سينمائية نفاذة ، وأخرجه مخرج متمكن عرف بدأبه وحرصه على تقديم أفلام تعكس جوا إجتماعيا محددا ، وتعالج قضايا من خلال شخصيات مرسومة بدقة شديدة , ورغم حرص كمال الشيخ وتصريحاته المتكررة بأنه ليس مخرجا سينمائيا وأنه لا يخرج أفلاما سياسية فإن أغلب الأفلام المصرية التي تحمل هذا الطابع هي من صنعه ، خذوا كمثال : ميرامار ، اللص والكلاب ، الرجل الذي فقد ظله ، على من نطلق الرصاص ، والصعود إلى الهاوية ، وإذا لم تكن هذه الأفلام تطرق باب السياسة فما هي السياسة ؟؟؟؟
بقلم : بدرالدين حسن علي
[/JUSTIFY]