لؤي المستشار: العلاقة بين الماركسية والصهيونية تكتيك أم مبدأ ؟!
لكن يبدو أن الغزو الثقافي الغربي نجح في اللعب بعقولهم فأصبح بعضهم يعتبر المقاوم (إرهابياً) و المستعمر المحتل (صديقاً) .. ولكن هناك من يذهب أكثر من ذلك قائلاً بأن نضال الشيوعيين العرب ضد الصهيونية كان زائفاً من الأساس !
فالشيوعيون كانوا من أوائل الذين باركوا قيام وطن قومي لليهود بعد وعد بلفور 1917 وكان ذلك على يد الزعيم الشيوعي الكبير ستالين عام 1928 حين إلتقى رئيس المنظمة الصهيونية يومها حاييم وايزمان الذي قال: “نبارك هذا المشروع ونحييه، ليس بديلاً عن التفكير في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، بل باعتباره تجربة أولى لفكرة الوطن القومي اليهودي” !
بل إن بعض مفكري اليسار الشيوعي قاموا بعمل فكري وعلمي لدعم فكرة الصهيونية الماركسية ومن أبرزهم الماركسي (بيرخوف) الذي قال : “بعد أن يحتل اليهود فلسطين على أسس “ماركسية صهيونية”، سوف يتشارك “العمال” اليهود والعرب فى الكفاح ضد “الرأسمالية” اليهودية والعربية !!
وكثيرون لا يعرفون أن أول رئيس وزراء اسرائيل بن جوريون كان شريك لينين في ثورة 1905 الشيوعية في روسيا، وعندما فشلت هرب بن جوريون إلى فلسطين بينما هرب لينين إلى ألمانيا .. بل إن الشيوعيون العرب يخجلون من الحديث عن أن كارل ماركس مؤسس الماركسية كان يهودياً وأن لينين يهودي من أم يهودية وزوجته يهودية بل والقديس تروتسكي نفسه كان يهودياً ..!
وقد بلغت نسبة اليهود في مناصب الحزب والدولة بشكل عام في الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية إلى (95%)، في حين أن عددهم لا يصل إلى (2%) من عدد السكان.
فالعلاقة بين الشيوعية العالمية والصهيونية العالمية علاقة وطيدة .. وقد تختلف هذه الرؤية لدى الأحزاب الشيوعية العربية التي أبدت مواقف مضادة للصهيونية ولكن هنا تحدث مشكلة .. فكيف يكون منظري الماركسية والشيوعيه يهود وملحدين مؤيدين لفكرة الصهيونية وأكون أنا -كشيوعي عربي- ضد زعيمي اليهودي الصهيوني !
بل إن أحزابا شيوعية كانت تتلقى دعما إسرائيليا مباشراً ومنها ما ورد في مذكرات حكمت الهيثم صاحب الاسم الحركي (الرفيق رائد) العضو السابق في الحزب الشيوعي العراقي في اعترافاته التي أدلى بها في كتاب ((مذكرات شيوعي عراقي)) (ص45) : ((إن اللجنة المركزية لحزبنا تتسلم شهرياً المخصصات من إسرائيل والإتحاد السوفيتي)) .
وهل هي مصادفة أن يكون مؤسسي الحزب الشيوعي المصري و اللبناني والعراقي والسوري يهود ؟!!
هذا قد يفسر لك أحياناً تجنبهم لإدانة جرائم الصهاينة بل غضبهم وإمتعاضهم من إدانة البعض للدولة العبرية فيعترضون على إدانة بعض النشطاء لجرائمهم قائلين “خليكم في دارفور” وكأن إدانة أولئك النشطاء للجرائم المرتكبة في حق الفلسطينين وقضيتهم العادلة ستشغلهم وستؤثر على إدانتهم للجرائم المرتكبة في حق دارفور وقضيتها العادلة !
السؤال هنا أو في الحقيقة هي عدة أسئلة:
1- هل كان وقوف الشيوعيين إلى جانب الفلسطينين في القرن الماضي موقفاً مبدأياً أم تكتيكياً؟!
2- لماذا تراجع الآن ذلك الموقف وأصبحنا نسمع كلمات مثل إرهاب كتوصيف للمقاومة؟
وأين دعمهم للمقاومين “اليساريين الشرفاء” المنتمين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اليسارية؟
3-لماذا لم نسمع في أدبياتهم إدانتهم للمواقف التاريخية لينين وستالين ودعمهم لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين؟!
4- وما هو رأي الشيوعيين العرب بما قاله الحزب الشيوعي الإسرائيلي: ((أن التصريحات المعادية لإسرائيل والوعيد بالقضاء عليها، تصريحات لابد للاشتراكية العربية أن تدلي بها بين آن وآخر، لتحتفظ لنفسها بالمركز القيادي في السياسة العربية، وبذلك تضمن المضي في التحويل الاشتراكي لكل الساحة العربية. وهذا التحويل الاشتراكي هو السبيل الوحيد للتعايش السلمي بين العرب وإسرائيل)) ؟!!
5- أم أن هناك فصلاً تاماً بين الشيوعية العربية والعالمية .. ومواقف الشيوعية العالمية المشينة غير ملزمة لإبنتها العربية؟!
بقلم لؤي المستشار