رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : العار في شعر بعض الشعراء

[JUSTIFY]حينما يمسك الشاعر ـ أي شاعر ـ بقلمه لينظم كلمات مقفاة في مضامينها تمجد الاستبداد والدكتاتورية وانتهاك ابسط حقوق الإنسان، كل ذلك ممثل بشخصيات مغضوب عليها من شعوبها وغيرهم مثل أشهر الدكتاتوريين والمستبدين في العالم «لينين» و«إستالين».. فإن هذا يعني أن الشعر في السودان ليس بخير، بخلاف ما قال العالم والأديب المصري عباس محمود العقاد حينما كان يقضي فترة نفيه في السودان بسبب كتابه الذي يحمل عنوان «هتلر في الميزان». ولعمري أن «هتلر» يعتبر أفضل من رؤساء النظام الشيوعي في موسكو فهو في بلاده رئيس منتخب طبعاً.

وذاك الشاعر السوداني المتشاعر يقذف إلى مواقع التواصل الإسفيرية قصيدة يريدها للتشفّي من الحرمان الذي يعيشه بسبب وجود هذه الحكومة، لكن كلمات قصيدته الركيكة تجدها تمجّد أساطين الدكتاتورية والاستبداد الذين يشهد عليهم التاريخ امثال لينين واستالين. دعك من إلحادهم، فهم من رموز انتهاك حقوق الإنسان والإنسانية في العالم كما هو مسطور في كتب التاريخ.

وشعر هذا الشاعر الذي يمدح به الدكتاتور لينين والطاغية المستبد استالين، يجعلنا ننبش قبور التاريخ الشيوعي لنرى من جديد، ونري الأجيال الجديدة فظائع وجرائم هؤلاء الطغاة. وكان استالين يصدر أحكام الاعدام لمئات الآلاف من المواطنين داخل سجن دولته الكبير، وكان ينفي البعض إلى سيبيريا ليموتوا بالبرد الشديد على الجليد وهم عراة أو شبه عراة. إنسان أو شبه انسان بهذه القسوة وهذا الاستبداد يجد المدح من شاعر سوداني.

لماذا لا يمدح سوار الدهب مستعيد الديمقراطية؟! لماذا لا يمدح الأزهري إمام الاستقلال؟!.. لماذا لا يمحد المحجوب إمام الحريات؟! لماذا لا يمدح إبراهام لنكولن محرر الزنوج المستعبدين في بلاده؟!

إنه يمدح استالين، كما كان يفعل شاعر سوداني آخر مع دكتاتور كوريا الشمالية المستبد «كيم إلى سونغ» أول حاكم بعد انفصالها عن كوريا الجنوبية عام 1948م وقد حكم هذا الطاغية اللعين حتى عام 1994م.. قرابة نصف قرن على رقاب الشعب يذبح ويسلخ ويكسر العظم. لقد انتج أحد الشعراء السودانيين ديوان شعر خصصه لمدح «سونغ» أحد رموز الدكتاتورية والاستبداد والاعتداء على الانسانية في العالم. وحينما انتقده الأستاذ أحمد طه صديق في صحيفة «القوات المسلحة» عام 1984م، انزعج جداً ورد عليه بالقول بأن هذه خواطر قديمة. وكأنه يريد أن يقول لا مكان لها في وجدانه، فما عادت تسبح في إحساسه.

المؤسف جداً ألا ينحاز الشاعر في وطنه لتطلعات الجماهير التي تريد الديمقراطية وتتعطش للحريات. فمن العار أن يستمعوا أو يقرأوا كلمات منظومة ومموسقة تحمل تمجيداً للدكتاتوريين والمستبدين عبر التاريخ أمثال دكتاتور روسيا إستالين ودكتاتور كوريا الشمالية سونغ.

إن إدارة المصنفات الأدبية مطلوب منها أن تجرِّم الشعر الذي يستدعي قيم الدكتاتورية والاستبداد، منعاً لترسيخ ثقافة القابلية للاستعباد. فتمنع مثل أشعار هؤلاء الشعراء التي تزيّن الإرث الدكتاتوري الاستبدادي الروسي، وهو قد اقتلعته في بلاده رياح التغيير.
نعم لماذا نتلقى نحن شعب السودان من خلال مثل هذه الأشعار نفايات ثقافة روسيا..؟! المشكلة أن ادارة المصنفات لم تحرك ساكناً تجاه ألقاب بعض الفنانين وهي ألقاب مجافية لتطلعات الشعب للحرية والديمقراطية مثل «الفرعون» و «الامبراطور» و «القيصر» و «الملك». لم يبق إلا السلطان والشاه.

المهم في الأمر هو أن يحترم شعراؤنا تطلعاتنا للحرية والديمقراطية ويتركوا هذا العار.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]