منوعات

ما لا يرافقنا للعام 2020 ثمة نظريات في المجتمعات الغربية أقرت المبدأ.. ويتنبأ بالمفهوم باحث مرموق في منظمات المجتمع المدني الاجتماعية.. هل يقف مفهوم تعدد الزوجات في السودان على حافة الزلزلة؟

[JUSTIFY]ينسب لـ(ألبرت آينشتاين) المولود في 1879م أنه قال “لا أفكر في المستقبل، لأنه في كل الأحوال سرعان ما يأتي”. لكن هذه الفرضية تتناقض مع الرغبة العارمة والتعطش للسيطرة والتحكم في الأمور، اللتين يعيشهما إنسان القرن الواحد والعشرين خاصة. وبالطبع، هذا ما يدفع للنبش والتفكر في أشياء سائدة الآن في السودان، ويعتبرها السودانيون من المسلمات، لكنها إلى زوال. ربما خلال السنوات الـ6 القادمة، وربما قبل ذلك، بفعل تسارع نشاط الناس في الحياة.
فكروا جيدا في مصير الميادين العامة داخل الأحياء السكنية مثلاً. وكذلك، إمكانية تعدد الزوجات. ولا تنسوا التفكير، خلال السنوات حتى 2020م، في إمكانية استمرار الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين. وكذلك، انتبهوا إلى مصير كثير من الأحزاب السياسية التي تملأ الساحة الآن.
بلا إغفال للأحكام الدينية، وقريباً أيضاً مما أفرزته الأزمات الاقتصادية ونمط التربية الحديث، الذي شكل وعيا مغايرا للجيل الجديد، وأثار كثيرا من التساؤلات حول صمود بعض المسلمات، يجدر التساؤل: هل يقف مفهوم تعدد الزوجات على حافة الزلزلة؟ خصوصا في ظل رفض بعض الأسر لهذا المبدأ؛ ليس من باب الاعتراض على أحكام الشرع، إنما استنادا على الخلفية الاقتصادية الخربة، والتي لا تسمح للأزواج بالصرف على أكثر من بيت.
أخيراً، ثمة نظريات في المجتمعات الغربية أقرت مبدأ التعددية، إذ تنبأ الكاتب “جاك أتالي” وهو باحث مرموق في منظمات المجتمع المدني الاجتماعية، بأن الزواج الأحادي لن يعمر طويلا هناك، وقريبا سوف يخسر مكانته. قال أتالي: “إن حقيقة الشركاء المتعددين ستصبح أكثر وضوحا، وسينكشف رياء المجتمع، وقريبا سنسلم بشرعية ومقبولية حتى حب أشخاص عدة في الوقت نفسه، سوف تسعى الجهات الدينية -تُقرأ الكنسية- لحظر ذلك، لكن ستنتصر الحرية الفردية مرة أخرى، ستبدأ الثورة في أوروبا وستحذو أمريكا حذوها، وسيتغير رأي العالم في نهاية الأمر”.
وفي ذات الاتجاه يذهب الكثيرون إلى أنه “ليس هناك سوى عدد محدود للغاية من الرجال في العالم، فقد قتل بعضهم في الحروب، والآن حان الوقت كي تختار المرأة زوجا من بين الرجال المتزوجين، وأن تتفاوض مع زوجته على أن تصبح فردا من أفراد أسرته”.
قد تحتفظ المقولة أعلاه بغرائبيتها لدى المجتمعات الغربية، لكنها من المسلمات الدينية في المجتمعات الإسلامية التي لا تحتمل أدنى جدال أو تشكيك في صحتها، رغم القيود التي وضعها الدين لتعدد الزوجات، من عدل بينهن من حيث القدرة المالية والأداء المربوط بالقدرة الجسدية، إلى غير ذلك من الحقوق والضوابط التي تعتبر من معوقات الزواج. ويعزو عدد من الباحثين الاجتماعيين عزوف الشباب عن الزواج إلى سوء الظروف الاقتصادية. وكثيراً ما يفضل الأفراد الزواج في أعمار متقدمة، نسبة لارتفاع تكاليفه، وهذا ما يقلل فرص التعددية لديهم، فعادة ما يحتاجون إلى وقت طويل حتى يظفروا بزوجة واحدة، فما بالك بأخرى أو ثالثة؟ لكن في الدراسات التي أجريت سابقا عن موضوع الزواج، كانت نسبة ارتفاع الطلاق في اضطراد مستمر، ما يوضح هشاشة الأرضية التي بنى عليها البعض زيجاتهم، وهو ما يدفعهم، في آخر الأمر، إلى إلغاء الزيجة جملة وتفصيلا، وتغيير دفة عقولهم وقلوبهم إلى وجهة أخرى، بحثا عن خيارات زوجية أفضل، يبدأون معها من جديد!
في السودان، وبحسب الإحصاءات التي كشفها قاضي المحكمة العليا مولانا د. أحمد محمد عبد المجيد بلغت نسبة الطلاق (19.4) في العام 2008م، وفي العام 2012م وصلت (20.6 %) ما دفعه لوصفها بالظاهرة الخطيرة، وبأنها تحتاج للوقوف عندها، والبحث في سبل علاجها. وبحسب آخر دراسة أعدتها عدة مراكز بحثية في السودان، فإن «30%» من حالات الطلاق كانت لظروف اقتصادية.
وفي هذا الأمر الخاص بتلافي المشكلات الناجمة عن الطلاق نشرت صحيفة الحياة في العدد (13099) أن أساتذة لاهوت في جنوب أفريقيا “دعوا للسماح للبيض بتعدد الزوجات لمواجهة ارتفاع معدل الطلاق في البلاد، وهو من أعلى المعدلات في العالم”.
تمشياً مع أساليب تربية الجيل الجديد عمدت غالبية الأسر إلى العيش في نظام الأسر النووية، ما دفعها لإسقاط تجاربها وآرائها الشخصية على تربية أبنائها، ورغم ذلك لم تتمكن من السيطرة على جيل الحريات. ولاحظ الدكتور سعيد أحمد النعمي، وهو أمين عام لجمعية خيرية سعودية تهتم بمساعدة الشباب على الزواج: “أن الجيل الجديد يميل أكثر إلى التحرر من القيود والتقاليد، في حين أن جيل الآباء يكون تقليديا، وأشد حرصا على التمسك بالعادات والأعراف الاجتماعية. ولهذا، فما يراه جيل الآباء لائقاً، قد يعده كثير من الأبناء تخلفا ورجعية”. وهذا يبرر تعامل عدد كبير من أبناء الجيل الجديد بحذر مع مبدأ التعددية الزوجية، ويفسر كذلك وجود أسر تحث بناتها على طلب الطلاق إذا علمت بأن زوج ابنتهم قد تزوج عليها، لاعتبارات شخصية ونفسية، لكن هذه الاعتبارات ربما كانت إلى زوال، ولربما سينتصر مبدأ تعدد الزوجات. على كل حال، فإن عدداً غير قليل ممن تأخرت بهنّ سن الزواج يقبلن الآن أن يكن زوجات ثانيات.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]