رأي ومقالات
ملح على جراح عروس النيل..قوة في الطرح والمضمون
الكتاب من القطع المتوسط ويقع في 192 صفحة ،يحوي بداخله حوالي 60 نصا ،والنصوص تتنوع وتتشكل ما بين المقال والاقصوصة والنثر ،وإن كانت الغلبة للمقالات وبشكل واضح.
ومنذ الوهلة الأولى -العنوان- يتضح أن الكاتبة قد ركزت ،وبشكل مباشر ، على قضايا المرأة وقامت بإعادة تحرير وجمع وترتيب مجموعة من مقالاتها التي كتبتها عن قضايا المرأة وبعض الظواهر ذات العلاقة في أوقات مختلفة وضمنتها في الكتاب.إذ تقول في مقدمتها للكتاب:(وهذا الكتاب “ملح على جراح عروس النيل” هو مجموعة من المقالات الصحفية عن المرأة وبعض القطع النثرية التي اخترتها من بين مجموعة كبيرة كتبتها في الفترة من 2000 وحتى هذا العام 2014 م ، تم تقاطع خطوطها ايضا بين الاسترسال والتمنع ، حكايا المرأة هنا وقضيتها قد لا تكون مرتبطة بتاريخ معين ولكن ما هو أكيد أنها بدأت منذ أن كان آدم رجلا مسحوقا ، وكانت حواء آكلة التفاحة المحرمة مفضوحة بذلك في تعاريف جيلها النسائي الناطق دمعا،ومع ذلك لم يخطر على بال أحد أن إبليس الذي أغراها بأكل التفاحة كان مذكرا منزها عن تاء التانيث ).
ومنى عبدالفتاح في هذا الكتاب تقف على مرتكزات فكرية عدة وتطرح وجهة نظرها حول قضايا المرأة بكل وضوح وجرأة وتناصر المرأة في حصولها على حقوقها (المرأة المثقفة ؛الأديبة، الصحفية ، المعلمة ،العاملة والطبيبة هي ليست إمرأة افتراضية ، هي إمرأة حية تسعى بيننا ويكذب من يدعي أن وظيفتها هي التي حققتها،لا بل هي التي خلقت الوظيفة والاسم واللقب بكفاحها واجتهادها وصبرها ) .
لقضايا المرأة الأخرى ايضا حظها من التناول بالكتاب، فالكاتبة ساحت وتجولت بنا في موضوعات مختلفة، كمشاركة المرأة في المجتمع ،والعمل ،ومشاركتها السياسية في مقابل النظرة الذكورية ، كما تحدثت عن ختان الإناث ، وزواج المسيار، وظواهر التعري التي برزت في الفترة الآخيرة والكثير من الموضوعات الأخرى، والكتاب في رأينا يعد من الكتب المهمة التي وثقت لبعض الظواهر ، إذ أن الكاتبة لم تنس ايه ظاهرة أو حادثة تتعلق بالمرأة إلا وأشارت إليها ،حتى حادثة تشبب دبلوماسيينا بالسفيرة المورتانية الجميلة وجدت حظها من بين صفحات الكتاب.
ومنى عبدالفتاح التي حازت على جائزة الإتحاد الدولي للصحفيين في عام 2010 ،وجائزة العنقاء للمرأة المتميزة عام 2014 م ، كاتبة تستطيع أن توصلك إلى ما تنشد دون أن تحس أنت بذلك ؛بل حتى لو أحسست أنت بذلك ،فإنك لن تعترض ،وستظل منجذبا ومنساقا نحو بريق كلماتها ودنو هدفها بشغف واستمتاع واقتناع،ففي كتاباتها مزيج من أشياء عدة،فهي تنتهج اسلوب الاقناع والمنطق والفكر مع اشتغالها على اللغة مستفيدة من اطلاعها الواسع وثقافتها العالية وقراءاتها ومتابعتها للجديد من الإصدارات، كل ذلك يأتي بتراتبية جميلة لا تملك أمامها إلى أن تلتهم صفحات الكتاب بشهية مفتوحة ثم تصفق بعد فراغك منه بنشوة بالغة.
بقلم:محمد الخير حامد
[/JUSTIFY]