رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : «الحوار» إنقاذ للحكومة أم الأحزاب ؟!

[JUSTIFY]حينما يفيدنا تحالف المعارضة ممثلاً في من رفضوا الحوار مع الحكومة دون شروط تضعهم على ما يبدو في موضع أفضل لهم مما كانوا عليه في الديمقراطية الثالثة في النصف الثاني من عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حينما يفيدنا بأن الحكومة تقصد من هذا «الحوار» إنقاذ نفسها، هنا نحن بدورنا نسأل: من أي شيء يكون إنقاذ الحكومة بهذا الحوار؟!

إن الحكومة الآن يشغلها ويهمها بالدرجة الأولى مشروع المفاوضات مع من تبقى من المتمردين بعد اتفاقيات نيفاشا وأبوجا والدوحة والشرق، هذه الاتفاقيات الأربع طبعاً قللت إلى حد كبير من حجم حركات التمرد، بيد أن المتبقي من قائمة الاتفاقيات المطلوبة حوالى أربع اتفاقيات لتوقع مع حركات عقار وعبد الواحد ومناوي وخليل، طبعاً بالنسبة لمناوي سيكون اعادة إنتاج اتفاق، فالرجل وقع نيابة عن حركته في يونيو 1996م ضمن خمس حركات مع الحكومة في العاصمة النيجيرية أبوجا.

إذن هذا هو الشغل الشاغل للحكومة، وانتهاء التمرد بالاتفاقيات أو حسمه بخطط الدفاع الوطني بواسطة القوات المسلحة وروافدها المعروفة. هذا هو ما يشغل الحكومة جداً، وليس الحوار مع أحزاب جنائزية مثل الحزب الشيوعي وحزب البعث والحزب الناصري، فهم لا ينقذون أنفسهم إلا بالحوار. فلا ديمقراطية مطلقة مثل التي كانت في الثمانينيات تخدم لهم قضية، ولا رفض الحوار مع الحكومة سيجعلهم في انتظار ذهابها بحكم رؤيتهم التي تقول إن الحكومة تريد أن تنقذ نفسها بالحوار.

ثم إذا استجابت الحكومة لكل شروطهم وشكلت لهم الحكومة الانتقالية وأشركتهم في الحكم، فهل هذا يعني أنها أنقذت نفسها؟!
هل إنقاذ الحكومة لنفسها في حالة أن يقوم الحوار على شروط الأحزاب الجنائزية؟! هل هذه الأحزاب ستكفل للحكومة بعد ذلك أن ينتهي التمرد وتوفر البلاد بالتالي فواتير الحرب وتوجهها للتنمية؟!

ثم هل تفهم الحكومة أن دعوتها للحوار تعني إنقاذ الأحزاب الرافضة له الآن من الذوبان في امطار وسيول التطورات على الساحة التي تستقبل الآن أجيالاً جديدة بلغت السعي مع هذه الحكومة؟!

هذه الأحزاب الرافضة للحوار إلا بشروطها التي يكفل لها تنفيذها اكتساب امتيازات لم تجدها حتى في فترة الديمقراطية الثالثة، قد أضاعت الوقت الثمين في اطلاق التصريحات والأشعار التي تريد بها الكيد للحكومة، والحكومة تتعامل بكل صلابة مع ذلك بسياسة «الكلب ينبح والجمل ماشي» وهو المثل السوداني الشعبي المعروف. وهو مشهد معروف لكثير من السودانيين.

الوقت الثمين ضاع، وكان يمكن استغلاله في توعية الجماهير، وليس تحريضها ضد النظام بالتصريحات والأشعار التي يُمجدون فيها ماركس ولينيين وإستالين وهم رموز الدكتاتورية في العالم.

إن الحكومة لا ينقذها الحوار مع هذه الأحزاب حتى ولو استجابت لشروطها.. هذه الأحزاب لا تملك أن تحسم الحروب والفتن القبلية، بل إن إنقاذها هي يكون بالحوار إنقاذها السياسي. وهي الآن في ورطة سياسية بعد أن استقبلت الساحة أجيالاً جديدة متحمسة في أغلبها لقضايا المسلمين داخل وخارج السودان. وعلى هذه الأحزاب أن تبحث عن مخرج لكسب تعاطف الجماهير.

صحيفة الانتباهة
ت.إ
[/JUSTIFY]