اللاعب الأسطورة جكسا يروي ذكرياته: – تلقيت عروض من بوكا جنيور وبايرن ميونخ
نصر الدين عباس جكسا المولود في حي البوستة بام درمان في 13/ 8/ 1944م، لاعب فريق الهلال العاصمي والمنتخب القومي لـ 17 عام، تعلق بكرة القدم منذ طفولته الباكرة فكان يحمل معه كرة الشُرّاب دائما حتى عند ذهابه للخلوة وأدرك ان لديه موهبة رياضية وهو بعد في المدرسة الأولية “الأساس” عندما كان يمارس اللعبة ضمن النشاط المدرسي. وانشأ مع بعض اقرانه بحي العباسية بامدرمان فريق “المجاهد” الذي يعتبر أول فريق للناشئين في السودان ” نحن من بدأ فرق الناشئين وكنا ندفع اشتراكات قرشين للطالب و10 قروش للعامل والموظفين مع ندرتهم 15 قرش، وكنا نشرك سكان الحي في التبرعات لنقوم بشراء الفنايل وصبغها ونقوم بشراء الكرات و(القنا) وكان هذا في أواخر الخمسينات والأجواء الرياضية كانت جميلة جدا” كما روى جكسا لمندوب مجلة سوداناو في زيارته له في منزله بحي الثورة/ ام درمان.
قصة إنتقاله لفريق الربيع:
وعن انتقاله لأول فريق كبير قال جكسا “انتقلت بعد المجاهد لفريق الربيع وكان في الدرجة الثانية وكان شقيقي أحمد وكل أبناء الحي بالفريق لأنه فريق الحي ، وأذكر جاءني رجل رياضي مطبوع ومحبوب من أهل الحي وكان رئيس لنادي الربيع إسمه ميرغني عابدين وكنا نعتبره بمثابة والد وقال لي نريدك أن تلعب معنا في نادي الربيع ، استقبلت طلبه بفرحة وقمت باستشارة شقيقي ونصحني بالانضمام للفريق وكنت في ذلك الوقت في الصف الثالث وسطى وقمت بالتوقيع للفريق وأجريت معهم تمارين، وتم إعطائي رسالة لشخص بأمدرمان ليقوم بصناعة حذاء لي وتم منحي 25 قرشا للمواصلات… كنت في غاية الفرح ولم أنم في ذلك اليوم حتي الصباح حيث ذهبت لشراء الحذاء”.
ويحكي جكسا موقفا طريفا مر به عند ذهابه للنادي ” كان هناك شخص اسمه إبراهيم مدير الكرة بالنادي عندما حضرت للنادي لأول مرة اعترضني ومنعني من الدخول وقال لي ماشي وين يا ولد ؟ قلت له ماشي النادي! قال بأن النادي ليس للأولاد الصغار! أخبرته بأني وقعت للنادي فقال كيف توقع في النادي وأنت ولد صغير! ثم استعان بميرغني عابدين وسأله هل هذا الأمر حقيقة؟ فأجابه ميرغني بنعم قمنا بتسجيله اليوم …وتساءل ابراهيم كيف تسجلون أولادا صغارا؟ ودخلت النادي وصرنا أسرة واحدة ومعروفين لكل سكان الحي وأمضيت ثلاثة سنين في نادي الربيع من عام 60 حتي 63 ومنه انتقلت للهلال”.
أول مباراة رسمية لجكسا:
يقول الاسطورة ” أذكر كانت هناك مباراة بين الربيع وأبوعنجة وكنت احتياطيا في هذه المباراة وهي أول مباراة لي وكان هناك لاعب اسمه (رفاي) رحمه الله وكان لاعبا ممتازا تأخر عن الحضور وبعد مرور خمس دقائق للمباراة طالب الجمهور بإدخالي للمعلب وقالوا لا بد من إدخال هذا الفتي الصغير ورد عليهم المدرب بأن رفاي سيحضر وعندما تأخر رفاي تم إدخالي ومن أول لمستين للكرة أحرزت هدفين وعندها ظهر اللاعب رفاي فتم إجلاسه إحتياطيا ومنذ ذلك الوقت أصبحت من العناصر الأساسية”.
ويضيف جكسا ” واجهتنا مشاكل كثيرة خلال تكوين فريق المجاهد وخلال فترتي مع الربيع وأيضا خلال انتقالي للهلال وهناك سر لا يعرفه الناس وهو ان اختياري الأول للفريق القومي تم وأنا في نادي الربيع ولم يكن اختياري الأول من نادي الهلال وكنت صغيرا وكان هذا الأمر غريب جدا في ذلك الوقت …كان الفريق القومي يسمى بالفريق الأهلي السوداني وعندما يكون هناك فريقا زائرا كان منتخب الخرطوم هو الذي يواجهه وكان استدعائي الأول لمنتخب الخرطوم وكان يمثل الفريق الأهلي السوداني، فأول اختيار لي للمنتخب كان من نادي الربيع درجة ثانية وهذه معلومة لا يعرفها الناس”.
انتقاله لفريق الهلال:
” في العام 63 انتقلت لنادي الهلال وسبق انضمامي للنادي سيناريو طويل لا يسع المجال لذكره، ولكن باختصار كان كل من نادي الموردة ونادي المريخ وأيضا نادي الهلال يرغبون في ضمي لصفوفهم، وكان نادي الموردة مطمئنا بسبب وجودي في الحي باعتبار أن أبناء العباسية والموردة وبانت والهاشماب وأبوكدوك من المفترض أن يوقعوا للموردة ، ونادي المريخ في الحقيقة سعى كثيرا لتوقيعي له ولكني أخبرتهم بأني سأوقع للهلال لأني أحب الهلال.. وحدثت مشاكل بين مشجعي الناديين وتم إجباري على أداء تمارين مع نادي المريخ وأجريت معهم مرانين ولكن لم يستطيعوا إقناعي بالتوقيع لهم ، كانت رغبتي الهلال وكان هناك كبار رجالات الهلال الذين أكن لهم كل الاحترام والتقدير ، وحضر منهم اللاعب صديق منزول رحمه الله وتحدث معي ثم جاء عبد الخير صالح فوقعت للهلال”.
وكان المريخ قد حقق عدة انتصارات على الهلال استمرت لفترات طويلة تقارب الثمانية مرات، ولكن بعدها تحسنت خارطة الهلال بسبب مجئ لاعبين صغار في السن “لم أكن لوحدي كان هناك كمال عبد الله وعبد الرحمن زيادة وحارس من بور تسودان اسمه نصر الدين وديم الصغير وحبشي ، أي كانت فترة تغيير جلد حيث إعتزل عدد من اللاعبين القدامى وجئنا نحن وتسلمنا الراية وكانت أعظم أيام للهلال” كما يقول جكسا.
وعرف الناس بأن هناك لاعب اسمه جكسا أتي للهلال من الربيع وبدأت قصة الشهرة مع الهلال والفريق القومي “ومنذ تسجيلي للهلال وحتى اعتزالي اللعب عام 77 كنت عنصرا أساسيا في الفريق القومي ، واجهتنا أشياء كثيرة ولعبنا منافسات كثيرة في الدوري، وفي منافسات كأس السودان أحرزنا ما يقارب سبعة أو ثمانية كؤوس وهو تاريخ مسجل يمكن للناس أن ترجع وتتأكد منه”.
المشاركات الخارجية:
ويعدد جكسا مشاركات المنتخب القومي في تلك الفترة “من الأشياء البارزة التي حدثت عند حضوري للفريق القومي عام 63 اشتراكنا في الدورة الإفريقية الرابعة وكانت في مدينة كوماسي الغانية وكانت أول مباراة مع الفريق المصري حيث تعادلنا معه بهدفين، وهزمنا الفريق النيجيري أربعة أهداف وأحرزت هدفين في كل مباراة وأحرزنا المركز الثاني والميدالية الفضية وكان بالإمكان إحراز الذهبية لكن الفريق الغاني كان قويا ، وأيضا في العام 64 اشتركنا في الدورة العربية الرابعة بمصر بحضور الرئيس المرحوم جمال عبد الناصر والملك فيصل والرئيس اليمني السلال ووصلنا المباراة النهائية ضد الفريق المصري وتعادلنا وكان الكأس مناصفة بيننا بعد أن تم إجراء قرعة الفترة الأولي لمصر والثانية لنا ، كما مثلنا السودان وإفريقيا من خلال الدورة الأولمبية وكانت بميونيخ بعد سلسلة منافسات وكنا سعيدين جدا بذلك ، ومن السنوات الرائعة ايضا العام 70 الدورة الإفريقية السابعة وكانت بالخرطوم وفاز السودان بالبطولة والتي صارت تاريخا الي يومنا هذا وكانت من الإنجازات العظيمة جدا .
ويواصل جكسا ذكرياته “في الفترة من 63 وحتى 67 لعبنا منافسات كثيرة بالفريق القومي لعبنا تأهيلات أفريقيا وتصفيات كأس العالم والدورة الأولمبية والدورات العربية، كلها مساهمات قدمناها للوطن وحققنا إنجازات ولكن لم نشارك في كأس العالم ، وفي الفترة من 64 – 65 ذهبنا الي أروبا وكان المدرب حينها مستر كوتسيف ولعبنا بألمانيا وبلغاريا وقدمنا عروض جيدة كما شاركنا بمعظم الدول العربية ، قدمنا عمل جيد في هذه المحافل لا نريد عليه الشكر والتقدير لأنه واجب قدمناه للوطن”.
لقب الأسطورة:
من بين الالقاب التي حصل عليها اللاعب جكسا لقب الاسطورة الذي يقول عنه انه أحب الألقاب الى نفسه لاختياره ضمن أحسن ثلاثين لاعبا في إفريقيا وتمت تسميتهم بالأساطير.
سر اللقطة الشهيرة:
هنالك صورة شهيرة لجكسا خلال مباراة وهي تزين ايضا كارته الشخصي يقول عنها اللاعب ” أتألم الي يومنا هذا بسبب هذه اللقطة التي أُخذت اثناء مباراة بين الفريق القومي السوداني ومصر وأحرزت فيها هدفين ولكن عند اللقطة الشهيرة لم تدخل الكرة الشبكة بل لامست الكرة الشبكة من الخارج ومنذ ذلك الوقت كنت أتعالج لوحدي وألبس حزاما وأحقن نفسي لوحدي لا الفريق القومي ولا الهلال ولا الإتحاد قاموا بعلاجي”.
جكسا في ذاكرة الأمة:
لم يتلق جكسا طوال تاريخه الكروي مالا او رعاية خاصة فقد كان يلعب هواية ورغبة في إسعاد الناس ” خلال مسيرتي لم يحدث أن أخذت مالا من نادي ، في فريق المجاهد كنت أدفع اشتراكات وفي نادي الربيع لم أتحصل علي مال وكذلك في نادي الهلال الي أن اعتزلت الكرة عام 77 لم أطالب بقرش واحد ، عند تسجيلي دفع الهلال 400 جنيه 200 لنادي الربيع لإصلاح النادي و200 لأشتري بها ملابس استعدادا للعب للهلال وأيضا بعض الأموال للمساعدة في طباعة كتاب عن سيرتي، بخلاف ذلك لم أتحصل على أموال وحتى الفريق القومي السوداني الى يومنا هذا لم أتحصل على قرش واحد منه وهذه حقيقة لم يعرفها الناس، وعند الإصابات كنت أسافر لوحدي الى إنجلترا ومصر وألمانيا وكنت أعالج نفسي. ولكن الحب الذي كسبه في قلب الجماهير والاعتراف الذي وجده على المستوى القومي كانا مصدر سعادة لا ينضب لهذا اللاعب الفذ ” سعادتي الكبرى كانت قيام وزارة التربية والتعليم بوضع اسمي في المنهج السوداني لطلبة الثانويات…هذا شرف لا يدانيه شرف أن أكون من ضمن موسوعة الشخصيات الرياضية السودانية المؤثرة في المجتمع السوداني… حتى أولادي يقولون لي بأننا درسناك في المدرسة ، كما شاركت مع وزارة التربية في تعليم الطلبة بعض المناهج الأكاديمية وهذا شرف كبير جدا بالنسبة لي “.
ومن الطرق التي عبر بها السودانيون عن حبهم لجكسا أغنية كانت شهيرة ومحبوبة في الستينات وهي “من أرض المحنة ومن قلب الجزيرة” يمزجون بموسيقاها جملة “حلاوة جكسا”. ويروى جكسا أصل الحكاية قائلا ” حلاوة جكسا مرتبطة بهدف غال سددته في شباك المريخ في ليلة مولد المصطفى (ص) عام 1963 اوقف انتصارات المريخ الثمانية المتتالية وبدأت به انتصارات الهلال ولما كان الاحتفال بالمولد يرتبط بالحلوى اعتبرت الجماهير ذلك الفوز هو الحلوى ، وهناك مباراة أخرى عندما صرح أبو العائلة بان المريخ سيفوز – وكان حينها فريقا قويا – وسيوزع حلوى في حالة الانتصار ولكن انتصر الهلال بثلاثة أهداف فداعبه الجمهور حلاوة يا أبو العائلة!؟ وتكررت (حلاوة جكسا)”. وكذلك صار الاسم يطلق على نوع من البسكويت المحشو بالشيكولاتة كان يباع حينها في الاسواق.
كما اطلق اسم “جكسا في خط ستة” على موضة جديدة لفساتين نسائية فوق الركبة تزامن ظهورها في الستينات مع ظهور اللاعب الكبير ويقول جكسا عنها ” كانت عبارة عن مداعبة عند رؤية آنسة جميلة يقولون (جكسا في خط ستة) ولاقت استحسانا حتي من البنات فعندما يذهبن الي الترزي يطلبن منه خياطة جكسا في خط ستة وصارت مشهورة”.
وكذلك كرمت الدولة اللاعب الاسطورة عدة مرات بوسامات وحضور مقدر من رؤساء الجمهورية في عهود رئيس الوزراء الصادق المهدي والرئيسين إبراهيم عبود وجعفر نميري رحمهما الله وكرم مرتان في فترة المشير عمر البشير ” أنا سعيد جدا لأني قدمت مجهودات للسودان والسودانيين وللهلال والهلاليين من خلال الفترة التي قضيتها كلاعب ومدرب وصحفي وفي الإتحاد أنا سعيد جدا بذلك، وبالرغم من زعل أهل المريخ مني إلا أني كنت أجد منهم كل الاحترام والتقدير”.
لماذا لم يقبل العروض العالمية:
كان أول عرض دولي تلقاه جكسا من بوكا جنيور الارجنتيني عام 1966 اثناء وجود بعثة نادي الهلال ببريطانيا حيث قابلوا دكتور عبد الحليم محمد وكيشو رحمهم الله وقاموا بتقديم العرض وكان عبارة عن أموال وتذاكر للأرجنتين ورحلة أروبية “وكان الأخ حسن عبد القادر سكرتير نادي الهلال في ذلك الوقت ورئيس بعثة الهلال الي إنجلترا وضمن سكرتارية الأندية بعد دعوة قدمت لهم لمعرفة كيفية إدارة الكرة في إنجلترا ، أصر حسن عبد القادر علي رفض احترافي بالأرجنتين بسبب مسئوليته عندما يحضر الي الخرطوم ماذا يقول عندما يسأله الناس عن جكسا أين هو؟ وقال إذا أرادوا توقيعك عليهم بالحضور الي الخرطوم” ويضيف جكسا ” الحقيقة احترمت تبريره وعدنا الي السودان وكانت هناك ملاحقات من النادي الارجنتيني بعد ذلك وكان هناك سيناريو طويل ، بعد ذلك واثناء رحلة الي رومانيا وبلغاريا قدمت الي عروض من صوفيا البلغاري وفريق آخر وأيضا من بوخارست الروماني وكانت تلك الدول طبعا في ذلك الوقت ضمن المعسكر الاشتراكي ورفضت العروض رغم تقديم فرص دراسة وعروض مالية جيدة ، وأيضا كان هناك عرض من ألمانيا في العام 1969 من فريق بايرن ميونيخ بواسطة المدرب كرامر وكان في السودان لعقد كورس وتم عقد عدة اجتماعات بحضور ممثل اللفتهانزا وطالب بكتمان الأمر لأنه في السودان كمحاضر وليس سمسارا وقبلت الأمر من حيث المبدأ وكانت هناك دورة في أثيوبيا وأخبرته اني ساحضر بعدها لالمانيا وذهبنا الي أثيوبيا وأحرزنا كأس البطولة وكنت حريصا علي الذهاب الي ألمانيا وأخبرت الوالدة بذلك ولكنها رفضت رفضا قاطعا وقالت طالما أنك لم تسافر الي الأرجنتين ورومانيا وبلغاريا لن تسافر الي ألمانيا وهددتني إن ذهبت بالرجوع الي أهلها في أم روابة ، قابلت مدير اللفتهانزا واعتذرت عن السفر وكانت هذه الأشياء في غاية السرية لم يعرفها الناس خاصة موضوع رومانيا وبلغاريا ولو لا حضوركم اليوم لما عرف الناس هذه الأشياء”.
ورغم ضياع هذه الفرص التي يتمناها كل لاعب موهوب لم يندم جكسا ” لم أندم علي ذلك لأنها أشياء مقدرة من ربنا سبحانه وتعالى بالرغم من أن الكرة في ذلك الوقت لم تكن مثل الآن ، لم يكن هناك احتراف بالمعنى المفهوم والآن هناك إحتراف وظهرت الميديا والقنوات الفضائية وفي أيامنا كان المجال محصورا والهواية كانت متغلبة على الاحتراف”.
أعمال مارسها جكسا:
وفيما يختص بالعمل يقول جكسا ” تركت الدراسة وعملت في وزارة الدفاع ما يقارب الثلاثة سنين وكان في ذلك الوقت سعادة اللواء القائد حسن بشير نصر والذي طلب مني أن أتعسكر في الجيش علي أن يتم تدريبي في مدينة جبيت لأكون ضابطا ولكني رفضت لأني كنت موظفا في وزارة الدفاع ولا أستطيع الدخول في الجيش لأن ذلك يترتب عليه التزامات كثيرة ، كما تلقيت عرض من وزارة الداخلية بواسطة الوزير علي يس وأيضا رفضت ثم انتقلت من وزارة الدفاع الي شركة موبيل أويل وهي شركة أمريكية حديثة في ذلك الوقت وكان راتبها جيدا وعملت بها فترة 30 سنة وفي هذه الفترة كان النشاط الرياضي له جانب كبير جدا”.
لاعب يرى فيه جكسا نفسه:
عندما سألنا اللاعب الاسطورة هل يرى نفسه في اي من لاعبي اليوم أجاب “لا يوجد.. وليس مثل جكسا فقط حتى الجيل الذي اتى بعدنا جيل علي قاقارين والدحيش وبشرى وهبة وكسلا وبشارة لا تجد شبيههم إذا أجريت مقارنة … هناك من شاهد الأجيال الحالية ويقارن ولكنه لم يشاهد الأجيال السابقة ، أنا شاهدت الأجيال السابقة والحالية لذلك أستطيع الحكم. الوضع القديم أحسن بكل مسمياته بكل عظمته وناسه وتاريخه وانتهي ذلك الآن ولا أقول لك انتهي بنهايتنا ولكن بنهاية الثمانينات واليوم الوضع اختلف كثير جدا ولم يرتبط هذا التدهور بواقع اقتصادي أو إجتماعي أو سياسي ولكن بالوضع العالمي بعد دخول الاحتراف في هذه الفترة ليغير مفاهيم كثيرة لذلك أصبحنا نبحث عن اللاعب السوداني ولا نجده ، كل الأشياء التي تساعد اللاعب علي التقدم غير موجودة ، الطموح معدوم من اللاعبين والإداريين ، زمان الكرة من أجل الكرة والآن الكرة من أجل المال والسلطة والظهور ، لذلك لا بد من تغيير الخارطة … لو وجدنا مثل هذه المنافسات الكثيرة في زمننا لأبدعنا أكثر فلا بد من إعادة تخطيط ومراجعة اللوائح والنظام الأساسي وتغيير خارطة الرياضة سواء كان الاتحاد السوداني لكرة القدم أو الإتحادات المحلية ، الدوري المحلي كان أحسن وإفرازاته كانت أحسن بسبب أن كل مدينة كانت تفرخ وتظهر مواهب أبنائها الآن إختلط الحابل بالنابل”.
تدهور كرة القدم في السودان:
يشخص اللاعب جكسا أدواء كرة القدم السودانية في الوقت الراهن بقوله “اذا أردنا الحديث عن الكرة السودانية الآن لابد من الرجوع الى الخارطة الرياضية برمتها ، الوضع الذي كنا عليه اقتصاديا وأدبيا وسياسيا واجتماعيا أحسن من الوضع الحالي باعتبار ان الحياة كانت سهلة واللاعبين كانوا هواة، علاوة على ذلك كانت الموهبة أعلى وأسمى واللاعب السوداني كان موهوبا بطبيعة حاله حتي لاعبي الدرجة الثانية والثالثة والرابعة كانوا موهوبين ، هذه الموهبة الآن قلت أو قل لم تكتشف ، اللاعب مجرد مجتهد كما لا يمتلك الطموح للمضي الي الأمام ، ثانيا: التخطيط والتدبير اختلف الكل كان يحب الكرة من أجل الكرة الآن الحب للمال والسلطة فلابد من إعادة التخطيط والبرمجة وإعادة خارطة الكرة السودانية ، ثالثا: فترة الرياضة الجماهيرية التي اوقف فيها الرئيس النميري الاندية خلقت فجوة في التواصل بين الأجيال، رابعا: الدوري الممتاز أثر على مستوى الكرة حيث يقتضي ان يلعب فريقا الهلال والمريخ، وهما مقيمان بولاية الخرطوم ، بولايات أخرى وهذا الأمر تضررت منه فرق الخرطوم وأضر بطموح أبنائها الذين يودون مواجهة الهلال والمريخ وحتي الإتحاد المحلي كانت خزينته مليئة بالأموال بسبب الهلال والمريخ وأي نادي كان يواجه الهلال والمريخ كانت خزينته تمتلئ بالأموال مما يساعد الأندية كثيرا …وإذا قلت أن ذلك جاء في صالح الولايات أقل لك لا ، الولايات مستواها أصبح هزيلا، مدينة مدني مثلا أخذ منها الإتحاد والأهلي للدوري الممتاز أنت بذلك أوقعت الضرر بالدوري المحلي بمدني وكذلك بورتسودان أو القضارف عندما تأخذ أحسن الأتيام بالمدينة لتلعب بالدوري الممتاز يؤثر هذا كثيرا على فرق المدينة الأخرى فلا بد من إعادة النظر في الدوري الممتاز يجب أن تكون هناك سياسة وتخطيط لدوري محترفين ومن خلاله تظهر كفاءات، عموما هناك أمور كثيرة يجب أن تراجع”.
ماذا قدم جكسا للرياضة بعد تركه الميادين الخضراء:
بعد ان أمضى حوالى 17عاما في الملاعب فضل جكسا التوقف عن اللعب ولكنه ظل مهتما باهمية أداء ضريبة المعرفة والنبوغ خدمة لابناء وطنه وانجز في هذا المضمار عدة خطوات، يقول جكسا ” كنت عضوا ثابتا بالفريق القومي السوداني وفي كل مراحل المنتخب القومي كنت عنصرا أساسيا به ولا فخر وكان باستطاعتي الاستمرار ولكني فضلت إعطاء الفرصة لآخرين ليواصلوا المسيرة.. وبعد أن تركنا الكرة قمنا بتكوين فريق إسمه النجوم وأسعدنا الناس وأسعدنا أنفسنا في كل مديريات السودان وأيضا فريق (صنداي)”. كما عمل رئيسا للجنة التدريب المركزية وكذلك بالإتحاد العام للكرة كرئيس للجنة ويكتب في صحيفة ق سبورت لتقديم خدمة في مجال الثقافة الرياضية.
وقام جكسا بعمل ضخم لو قدر له الاستمرار لاحدث فرقا في المجال الرياضي وهو “أكاديمية جكسا الرياضية” التي قصد بها ان تكون نموذجا يحتذى في تدريب الناشئين ولينقل عبرها خبراته المكتسبة للأجيال ” تسجل للأكاديمية 450 لاعبا ناشئا واستمرت حوالي ثلاثة أو أربعة أشهر ولكن لم أستطع الاستمرار لعدم وجود المال ، لم يدعمها أحد .. ذهبت الي وزارة الشباب والرياضة الولائية بإعتبار مسئوليتها فقدموا لي بعض الكرات وأشياء لا قيمة لها ، ولم أتحصل على اشتراكات من المشتركين لظروف الطلبة الصعبة للغاية، كنت بحاجة الي مائة مليون لفترة عام وفشلت وعندما لا تدعمك وزارة الشباب والرياضة من الذي يدعمك؟ والمشروع الي الآن قائم وجاهز فقط بحاجة الي الدعم”.
مناشدة:
وفي الختام عبر جكسا مرة أخرى عن سعادته بما قدمه لبلده “أنا سعيد جدا للمكانة التي وصلتها وسعيد بما قدمته لنادي الربيع وأهل العباسية والعرضة وسعيد بما قدمته لجمهور الهلال وأتمني أن أكون أسعدت جمهور الهلال وسعيد بما قدمته للوطن طيلة سبعة عشر عاما من عمري” وناشد التلفزيون القومي والقنوات الفضائية المحلية بانتهاز الفرصة لعمل أفلام توثيقية بوجود لاعبين أمثال سبت دودو وأمين زكي وعثمان الديم وبشرى وهبة وسليمان عبد القادر ويوسف مرحوم وكل اللاعبين القوميين الذين قدموا أشياء كثيرة للوطن لأن الحديث ذو شجون ومن خلال الحوارات والمقابلات يمكن استخلاص أشياء كثيرة مفيدة.
2014-08-13 04:26:00 PM (سونا)
[[COLOR=#00AEFF][SIZE=5]B][FONT=Arial]ما أعظمك من لاعب حرفنة و أدب و ذوق رفيع و أخلاق و وطنية و إخلاص ، بل ما أعظم جيلكم كله. [/FONT][/B][/SIZE][/COLOR]