رأي ومقالات

صلاح الدين مصطفى: الإعلام الجديد وديمقراطية حميدة!

رغم أنه لم يعترف صراحة بالحديث المنسوب إليه حول دعوته لجموع الشعب لتناول لحوم الضفادع، فقد أبدى البروفيسور مأمون حميدة سعادته بما نشر حوله وحول بروتين الضفادع في مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة “وخاصة الفيس بوك والوات ساب”.!

والواقع أن منتديات السودانيين الإلكترونية وأماكن تجمعاتهم ووجودهم في المواصلات والأسواق ودور الرياضة،كلها ضجت طوال الفترة الماضبة بتصريح غريب نسب لوزير الصحة بولاية الخرطوم البروفيسور مأمون حميدة الذي دعا المواطنين لتناول لحوم الضفادع في وجباتهم لأنها مليئة بالبروتين على حسب قوله .!

وجاء التصريح أثناء تدشين حملة لإصحاح البيئة عقب الأمطار الغزيرة التي هطلت في الخرطوم والعديد من المدن الأخرى في السودان ، مضيفا أن محاربتها ليست من اختصاصه ويبدو أنه أجاب على سؤال حول كيفية التخلص منها!

وتنوعت ردود المواطنين على هذا الحديث بين السخرية اللاذعة وعدم تصديق ما قاله الوزير، وأشار آخرون – ساخرين- أنهم في انتظار افتتاح المطاعم التي تقدم مثل هذا النوع من الوجبات بعد حديث الوزير.

ولم ينته الأمر عند هذا الحد ،بل وصل إلى مرحلة الفتوى الدينية ،حيث تساءل عضو هيئة علماء السودان الشيخ محمد هاشم الحكيم في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”:هل يبيح بروتين الضفدع أكله سيدي وزير الصحة ؟ هل يجوز أكلها والانتفاع بها كالدواء مثلا والبروتين وغيره؟ وأورد أدلة منها أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يضعها في دوائه فنهاه عن قتلها.

وتوصل – سعادة الشيخ- إلى أن الضفادع لا يجوز أكلها، لأننا قد نهينا عن قتلها،.. وقال إن الخلاصة “لا يجوز أكل لحم الضفدع”.إذن فقد رد هذا الشيخ على الوزير في الفيس بوك وليس في خطبة الجمعة!

وانتشرت في كل العالم صور “مركبة ” لوزير الصحة وهو يحمل الضفادع ويعلن عن جودتها وفوائدها وأسعارها المناسبة وراجت حول هذا الموضوع العديد من القصائد الشعرية “الحلمنتيشية” وهي نوع من الشعر المحلي يفيض بالسخرية والهجاء،وكتب الصحفيون في أعمدة الرأي بالصحف اليومية مقلات موضوعية فيها الكثير من التهذيب منتقدين دعوة الوزير الغريبة.

وشاهد الناس في الخرطوم ، قبل حديث الوزير، مجموعة من الصينيين يصطادون الضفادع من أجل تحويلها لوجبات دسمة ودخلت هذه الكائنات في منافسة لصالحها مع لحوم الكلاب التي كانت مفضلة للعمال والموظفين الصينيين الذين يقيمون في الخرطوم بأعداد كبيرة حيث يعملون في مجال البترول وإنشاء الكباري والبنيات الضخمة ،ولم يهتم الناس بهذه المشاهد إلا بعد دعوة الوزير!

ما حدث يؤكد أن الإعلام الجديد “الفيس بوك والوات ساب” اصبح يشكل دوراً مهماً في تكوين الرأي العام وله نأثيره الواضح على القضايا،وهذا يعني أن تضييق الأمر على الصحف الورقية لن يجدي نفعاً، فاتركوها تعمل بالمهنية المعروفة فهي قادرة كبح جماح المتفلتين فيها.

صلاح الدين مصطفى-الاخبار السودانية