سياسية

“غزوة غازي” في المنزلة الوسطى ما بين الموالاة والمعارضة الصريحة.. السياسة حسب قواميس زعيم “الإصلاح الآن”

[JUSTIFY][SIZE=5]فيما يشبه الظاهرة، انتظمت الساحة السياسية السودانية ميول ناحية صياغة وعقد البيانات المشتركة بين الأحزاب المعارضة، ودخلت تلك البيانات، إلى حد بعيد، في القاموس المفسر لمآلات الأوضاع في البلاد، مثل إعلان باريس بين زعيم حزب الأمة القومي وقادة الجبهة الثورية وغير ذلك. وبغض النظر عن جدوى تلك البياتات الثنائية، ومدى صمودها أمام العقبات، إلا أنها كانت، في نظر كثير من المراقبين، “نتاجا حتميا للفشل الذريع لآلية الحوار السياسي أولاً، ثم المجتمعي ثانياً (الذي دعت له الحكومة)، بسبب انعدام أو ضبابية أي أهداف أو غايات وطنية للحوار” كما قال بذلك أخيرا الدكتور أمين مكي مدني، وهو محام ووزير سابق في حكومة الانتفاضة (1985-1986). ودليل على أن الحوار كان مقصودا به “شراء الوقت لأجل تكبيل السَّاحة السِّياسيَّة بصنوف من المطل والمماحكات والمناورات” وصولاً إلى انتخابات 2015 التي أُعلنت جداولها الزمنية، كما ذهب إلى ذلك آخرون.

مطلع الأسبوع الجاري، فوجئ المراقبون بلقاء ثنائي بين الحزب الشيوعي السوداني و(حركة الإصلاح الآن) الوليدة التي يتزعمها المستشار السابق لرئيس الجمهورية، الدكتور غازي صلاح الدين، وتم اللقاء عقب 3 محاولات سابقة من غازي، بحسب مصادر لصيقة باللقاء، طلب فيها غازي إلى الحزب الشيوعي عقد هذا اللقاء لطرح وجهة نظره في الأزمة السياسية، وتم اللقاء أخيراً في يوم (السبت) الماضي في دار الشيوعي. وقد وجد اللقاء انتقادات شديدة من قبل المتعاطفين مع الحزب الشيوعي، لكون غازي شريكا أصيلا في صناعة الأزمات المتفاقمة التي خلفتها حكومة الإنقاذ، ولا توجد أدنى نقاط التقاء بين الشيوعيين وحركة (الإصلاح الآن)، وبالتالي، من المسيئ أن “يضع الشيوعيون يدهم في يد الحركة التي يقودها”. وكان الشيوعيين قد منعوا غازي من الحديث في عزاء الشاعر محجوب شريف في أبريل الماضي.

وبالنسبة للمحلل السياسي عبد الله رزق فإن جماهير الحزب والمتعاطفين معه يدركون أن غازي “لم يخرج من نظام الإنقاذ، إنما خرج على المؤتمر الوطني ويريد وراثته”، ويشير رزق وهو يتحدث لـ(اليوم التالي) إلى عدة كيانات خرجت على حزب المؤتمر الوطني، لكنها ما زالت تؤدي أدواراً لصالح نظام الإنقاذ ككل، مثل الطيب مصطفى الذي أسس منبر السلام العادل، والزعيم القبلي موسى هلال الذي ينشط هذه الأيام في عقد الاتفاقات مع الحركات الدارفورية.

على كل حال، خرج اللقاء بين غازي والشيوعيين، بحسب ما هو معلن، بأن “هنالك فرصة تاريخية لتوافق وطني جامع، وأن الحوار الجاد هو أفضل الحلول لمشكلات السودان، على أن تتوفر له الحريات السياسية، وتتوقف له الحرب، ويطلق له جميع المعتقلين والمحكومين سياسيا، وتلغى له جميع القوانين المقيدة للحريات. وفوق ذلك، أمن الشيوعي و(الإصلاح الآن) على أنّ الحوار يجب أنْ يكون شاملا، غير إقصائي، ولا ثنائي، ليقود إلى حل المشكلات السودانية، وليس لقسمة السلطة. إضافة إلى تأمينهما على عقد اجتماع موسع لكل القوى المعارضة لتوحيد أسس لوضع الانتقال ومستقبل حكم السودان”.

لكن البيان سكت عن نقاط الخلاف التي أثيرت في اللقاء، ولم يصل الطرفان إلى وفاق حولها!!.

رغم وجاهة البنود المعلن عنها، إلا أن خطوة غازي بدت للمراقبين شاذة عن مألوف الراهن، وغير متسقة مع موقف (الإصلاح الآن) من الحوار الذي يديره مع الحكومة عبر آلية (7+7)، ولا يمكن فهم اللقاء ما إذا كان غازي موفدا من قبل الحكومة لتليين موقف الحزب الشيوعي الرافض لطريقة الحوار، أو أنه يحاول أن يعلن، بطريقة غير مباشرة، عدم جدوى الحوار الوطني، خصوصاً وقد أمن غازي مع الشيوعيين على “عقد اجتماع موسع لكل القوى المعارضة لتوحيد أسس لوضع الانتقال ومستقبل حكم السودان”.

يتفق المراقبون على أن غازي أقام طويلاً في هامش دعاوى الإصلاح داخل منظومة الحكومة، ويشيرون إلى أنه يريد أن ينجو بجلده ليبني حزباً إسلاميا ليبرالياً معيارياً جديدا يواكب التطورات الإقليمية، لكن المحلل السياسي عبد الله رزق، في تحليله لمخرجات اللقاء بين غازي والشيوعيين لا يرى أن غازي تطور في مواقفه السياسية، ويقول إن الشيوعيين فشلوا في جر غازي إلى تبني استراتيجية المعارضة الداعية لإسقاط النظام، أو عقد الحوار في ظل حكومة انتقالية، وبقي غازي، بذلك، في منزلة وسطى ما بين الموالاة والمعارضة الصريحة. وربما سيستمر!!.

اليوم التالي
خ.ي[/SIZE][/JUSTIFY]