رأي ومقالات

محمد الياس السني : رُكبتي.. ورُكْبة البشير.. في الرويال كير

[JUSTIFY]عندما نادى المنادي لصلاة الظهر من مسجد الشيخ الأمين عبد الرحمن السبت قبل الماضي وضعت القلم والنظارة وانتعلت (السفنجة).. توضأت وخرجت ميمماً شطر المسجد.. كانت العربات متراصة على الشارع أمام المكتب.. وتكاد تكون متوقفة تماماً.. تسللت بينها مستغلاً توقفها في صفوف طمعاً في اللحاق بالصلاة وحتى لا تفوتني تكبيرة الإحرام.. وما أن تخطيت صفاً عرضياً من السيارات عرضة ثلاث سيارات وكنت أتوقع قدوم عربة من الجهة الأخرى للشارع (عديم التلتوار) فنظرت إلى يميني وأنا أتقدم خطوة إلى الأمام.. إذا بي اصطدم بجسم حديدي لا أدري من أين جاء؟!.. إنها ركشة (قاطعة خيتها) في محاولة عاجلة لخلق صف رابع للعربات المصطفة على عرض الشارع.. وبرغم شدة الاصطدام وفجاءته وجدتني أمسك بحديد الركشة بشدة فلم يسقط أحدنا أرضاً.. وبعد تداول سريع جداً لكلمات بيني وبين الشاب سائق الركشة.. تركته لألحق بالصلاة وفي محاولة للتحرك على الساق اليسرى.. إذا بها ترفض حملي.. ووجدتني أبرك على حافة الشارع.. ومنها.. «وعينك ما تشوفش إلا الظلام الشديد».. أحسست بعدها بأنني محمول على الأكتاف وبعد فترة.. أصوات عربات.. وناس.. وركشات.. وعرق شديد.. بدأت أستعيد الوعي.. في طوارئ مركز آسيا بالشهداء وحولي مجموعة من الأطباء الشباب معظمهم من أبناء جامعة التقانة الذين فضلوا أن يكونوا في خدمة أهلهم وذويهم.. رافضين الهجرة في هذه الظروف الصعبة.. وبعد الصور والرسومات والفحوصات.. والدربات والاهتمام الكبير.. عدت إلى المنزل محمولاً.. وفي صبيحة اليوم التالي تفاقم الحال وتضاعفت الآلام.. وبالاتصال بجامعة العلوم والتقانة لإخطارهم بالحال.. جاءت توجيهات الحبيب الباشمهندس نزار عثمان نائب رئيس الجامعة للشؤون المالية والإدارية بنقلي فوراً إلى مستشفى رويال كير العالمية.. وماهي لحظات حتى كانت عربة الإسعاف تولول وتنادي عربات الطريق بإفساح المجال للوصول العاجل إلى ذلك المبنى الفخيم الذي يحكي «فلك نوح عليه السلام» وهي تجري بهم في موج كالجبال إلى بر السلام والأمان بحفظ الله وفضله.. غشيتني سحابة من الطمأنينة برغم الآلام المبرحة عندما وجدت الأعزاء الأفاضل الدكتور المعتز البرير والمهندس نزار عثمان في استقبالي أمام بوابة طوارئ هذا المشفى الهائل ولعلي بهم فتية آمنوا بربهم وبقضيتهم الإنسانية العظيمة وزادهم الله سبحانه وتعالى من فضله ليزداد تقديرهم وإعزازهم لمن هم حولهم وهم بإذن الله تعالى آمنين يوم القيامة بفضل ما يقدمونه في هذه الدنيا لعباد الله.. خدمات هذه المستشفى الرفيع لا تقارن أبداً بالخدمات في كل المستشفيات الخاصة الأخرى.. وبعد الإجراءات الصحية الطارئة من صور مقطعية ورنين مغنطيسي وتحاليل وقياس للضغط والسكر والأمراض المستعصية كان قرار استشاري العظام بالمستشفى بأن هناك (كسر بالركبة اليسرى).. وما أن عم الخبر حتى ظل هاتفي يستقبل المكالمات المتواصلة.. والمبشرة والمطمئنة بأن «ركبتي ستكون بين أيدٍ أمينة..». وداعبني أحدهم مطمئناً بأن هذا الرويال كير نال ثقة الرئيس البشير فسلمه ركبتيه الاثنين وخرج يمشي ما شاء الله في أحسن حال في وقت كان بإمكانه أن يطير فوراً إلى أي دولة من دول العالم الأول ليفعل ما يريد.. ومهما كلف ذلك.. ولكن سعادة الرئيس يريد أن يؤكد لأمثالي من عامة الشعب بأن يطمئنوا بأن في بلادهم ماهو موجود في أكبر بلاد العالم.. وأيه يعني ركبتك الشمال يا أستاذ؟!!».

والحقيقة التي لا تخفى على زائر أو مريض بهذا المشفى البديع هي الشيء الواضح عياناً بياناً لكل من دفعته الأقدار لغيره من المستشفيات خاصة أو عمومية.. النظافة .. النظافة التي تعمل على مدار الساعة طوال اليوم وبحرص واهتمام كبير.. وإدارة المستشفى ـ برغم الكفاءات العالية من الأطباء والاختصاصيين والفنيين وغيرهم من الكوادر عالية التأهيل ـ لم تغفل عن المتابعة فهنالك إدارات خاصة تدور بين الغرف والمعامل وأماكن المرضى والمنتظرين تحمل أوراقها تسأل عن مرور الأطباء وعن أي شكاوى من المرضى ولتتم معالجتها في الحال.. هنالك إدارات خاصة بالتغذية ومتابعة ما تقدمه المستشفى لمرضاها ومرافقيهم من غذاء وأكل ونوعيته ورأيهم فيه لتتم المعالجات وتؤخذ الآراء والمقترحات مأخذ التنفيذ الفوري مع مراعاة الجانب الصحي والعلمي. هذا المستشفى النادر لا يعرف شيئاً اسمه انقطاع التيار الكهربائي ولا نفاد الأدوية المنقذة للحياة والضرورية.
نحمد الله كثيراً أن جعل بيننا في هذا الوطن الحبيب الغالي رجالاً يعملون بإخلاص وتفانٍ وجد لخدمة المواطن ويضعون الوطن نصب أعينهم ويحرصون على تجويد وإتقان ما يعملون. وأتمنى صادقاً أن (تحاول) بقية المستشفيات أن تحذو حذو (الرويال كير العالمية) فهي الآن درة غالية تزين جبين الصحة والعلاج في بلدنا هذا في زماننا هذا.. في حالنا هذا.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]

‫4 تعليقات

  1. كم كانت تكلفة العلاج وهل يستطيع تحملها أي من اهلنا الغبش ، المفروض ده لو صح يكون حال المستشفيات الحكومية المجانية لأنها اماكن ترعى صحة الانسان بس لو كان له قيمة في نظر مسؤولي بلادي ، اعلان ممجوج وفتية آمنوا برسالتهم ، أسال الشؤون المالية والإدارية لدى جامعتكم كم سددت لحسابات المستشفى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هذه الجامعات التي اصبحت مثل الشركات مؤسسات للربح ولاتعنى بتعليم !!!!!!!

  2. عيب عليكم فى ناس مستشفى امدرمان المنتهى دا ما قادرين يتعالجو فيها لانهم ما عندهم حق العلاج – راعوا مشاعر امة محمد الغلبانيين عشان ربنا ما يتحول من الركب الى الرقاب

  3. انا ما بعرفك ، لكن الرئيس ما يقدر يسافر وما فى داعى للدعاية للمستشفى ، دى مشكلتنا فى السودان ما يقدر ويدرك اكثر من ركبته، على كل حال سلامات وأتمنى ان ركبتك ما تحصل ركبه ……!