رأي ومقالات

فاطمة ناعوت: نشطاء العالم الافتراضى «يبصقون» تعليقاتهم ليعلنوا عن وجودهم، قبل أن يقرأوا أو يشاهدوا المادة التى يعلقون عليها! أنا أعلّق إذن أنا موجود

مَن هم نشطاء الإنترنت؟ ليسوا من يستخدمونه لتحميل الكتب المهمة التى لا يجدونها ورقية لقِدمها ونفادها، أو لغلوّ سعرها، أو لعدم توفرها فى بلادهم، وليسوا مَن يقرأون فى صمت ويُثقفون أدمغتهم ليتعلموا، بل هم كائنات أخرى. ومن هم نشطاء فيس بوك وتويتر؟ ليسوا هم مَن ينشرون البوستات الذكية والمقالات الرصينة، ولا مَن يلتقطون اللقطات التى تمرُّ على سواهم، إنما هم كائناتٌ أخرى.

نشطاء ذلك العالم الافتراضى هم الأكثر تواجدًا فى التعليقات مهما كانت. ولأنهم حريصون على «كَمّ» تواجدهم دون «كيفه»، فدائمًا يتعجلون. «يبصقون» تعليقاتهم ليعلنوا عن وجودهم، قبل أن يقرأوا أو يشاهدوا المادة التى يعلقون عليها! أنا أعلّق إذن أنا موجود. هم صيدٌ ثمين للمواقع التى تثرى من تزاحم المتصفحين «الكمّى» لأن كل «ضغطة» لايك، وكل «تعليق» مهما كان «عبيطًا» يدرُّ الدولارات على صاحب الموقع، تلك «سبوبة» كسب بغير جهد ولا موهبة.

تلك الكائنات الرخوة المنبطحة على شاشات الحواسيب مثل قناديل البحر الخاملة، تتكاسل عن القراءة، بقدر نشاطها فى التعليق. لها أدمغة ضئيلة تكره التفكير والتعلم، وألسنٌ طولى متشعبة كالسياط. لم يعانِ أحدٌ من تلك المخلوقات مثلما عانيتُ أنا من بذاءات أولئك العاجزين عن القراءة رغم طول اللسان.

آخر سخافاتهم معى كانت الأسبوع الماضى. كنتُ فى حوار تليفزيونى فى ضيافة الإعلامية «مها عثمان» ببرنامجها «بين اتنين». سألتنى عن طفولتى ومَن أثّر فى حياتى، فحدثتها عن جدى الذى قرأت معه الشوقيات وأغانى الأصفهانى والشيكسبيريات، وعن أبى الذى حفّظنى القرآن وحكى لى قصص الأنبياء فى طفولتى، فأبهرنى تجوال سيدنا موسى فى صندوق الماء وحديث المسيح فى المهد، ومكوث سيدنا يونس فى بطن الحوت، وانفتحت أمامى عوالمُ ميتافيزيقية سوريالية مدهشة شجعتنى على القراءة المبكرة. قلتُ للمحاورة إن قصص الأنبياء تحفّز مخيالَ الطفل أكثر مما يفعل كارتون والت ديزنى. فاقتص قراصنةُ الإنترنت هذا المقطع من الحلقة الطويلة وأعطوه عنوانًا كذوبًا:(فاطمة ناعوت ساخرة: قصص الانبياء فى القران عاملة زى افلام الكرتون الامريكية)! (لاحظوا أخطاء الإملاء الكثيرة وعجزهم حتى عن كتابة كلمة «القرآن» على نحو صحيح).

وطبعًا تصيّدت الكائناتُ الرخوة سالفة الذكر ذلك العنوانَ «المفرقع». لأن نشاطهم الذهنى يقتصر على قراءة العناوين وفقط، متكاسلين عن الضغط على زر play، وإلا لأدركوا أنهم ينشرون فيديو يطرح عكس ما يقول عنوانه المزوّر! لهذا أشكرهم على «شَرّهم» الذى أنصفني؛ فيما أرادوا إيذائى. هذا رابط الحلقة:

http://youtu.be/3G-YbkMQHPQ?list=UU5S_SWR7ZcoZdeJoicuFtWA

شاهدوه وتأسفوا معى على «نشطاء» الإنترنت الكسالى، الذين يملأون فضاءاته بسمومهم.

[email]f.naoot@hotmail.com[/email] فاطمة ناعوت- المصري اليوم

تعليق واحد

  1. فاطمة ناعوت مترجمة ايضا وتعمل فى ترجمة الادب الانجليزى بصورة رائعة ومفيدة

    وخاصة قصيدة ( المرآة )

    فعلا قصص القرآن تنمى خيال الطفل اكثر
    عكس افلام الكارتون التى تسحب الخيال بعيدا