تحقيقات وتقارير

النزاعات القبلية تضع جنوب السودان على كف عفريت

تهمس المرأة العجوز التي ترتدي فستانا باليا «جاء رجال (قبائل) «المورل» الى قريتنا وقتلوا ابني» فنزحت هربا من المعارك القبلية في جنوب السودان الغني بالنفط والفقير في الوقت ذاته، بينما تظهر مجددا بوادر حرب اهلية فيه.
وتشتكي ريبيكا نياكود وآل المنهكة وهي تمسك بعكاز من الخشب وتنتعل حذاء قديما من البلاستيك بصوت خافت «مشينا ست ساعات لنصل الى هنا. لكن ليس لدي مكان انام فيه ولا شيء اسد به رمقي».
ومنذ بداية السنة نزح اكثر من مئة الف شخص بسبب اعمال العنف القبلية وهجمات متمردي حركة «جيش الرب» للمقاومة الاوغندي في جنوب السودان، عدد النازحين نفسه في دارفور (رغب) خلال الفترة نفسها حسب معطيات الامم المتحدة.
وفي اكوبو على ضفاف نهر بيبور في ولاية جونغلي على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع اثيوبيا تلقي بعض اشجار الفواكه الكبيرة بظلالها المريحة فوق آلآف النازحين هربا من النزاعات القبلية.
وقال الشاب كوانغ ثوك ياك قرب مستشفى محلي حيث تفتقر الممرضات لكل شيء «بودنا احتضان كل هؤلاء الناس لكن ليس لدينا شيئا نمنحهم اياه».
واسفرت مواجهات مسلحة حول المواشي بين قبيلتي المورل واللو نوير عن سقوط مئة الف قتيل منذ بداية السنة في ولاية جونغلي حيث يتم تداول الاسلحة بكل حرية.
واسفر هجوم ضد قبيلة لاو نوير عن سقوط 66 قتيلا منذ الجمعة الماضي في ولاية النيل العالي المجاورة كما دارت معارك عنيفة ايضا بين قبيلتي باري ومنداري في ضواحي جوبا مما اجج المخاوف من نشوب حرب اهلية في جنوب السودان.
اعربت مسؤولة رفيعة المستوى في الامم المتحدة أمس عن «القلق الشديد» ازاء الاشتباكات القبلية التي وقعت اخيرا في جنوب السودان واوقعت 66 قتيلا على الاقل.
واندلعت معارك في ولاية اعالي النيل منذ الجمعة الماضي بين مجموعات من قبيلتي الالو نوير ونوير جيكانق. وقالت ليز غراند نائبة المنسق الانساني للامم المتحدة في جنوب السودان ان «اكثر من 60 امراة وطفل ورجل» قتلوا في قرية توركيج.
واضافت ان 57 اخرين اصيبوا من بينهم عدد كبير جراحهم خطرة كما نزح على الاقل 1550 شخصا من القرية هربا من المعارك.
وتابعت في بيان «الامم المتحدة تعرب عن القلق الشديد بسبب تصاعد العنف في المنطقة واستمرار ازهاق الارواح».
ودعت غراند «القادة المحليين وكل السلطات المعنية الى التدخل لحل النزاع بالوسائل السلمية والعمل على عقد مصالحة».
وكان جون هولمز رئيس العمليات الانسانية في الامم المتحدة اعتبر خلال زيارة الاسبوع الماضي الى جنوب السودان ان «اتساع النزاعات وعدد القتلى وفداحة الدمار تثير قلقا شديدا وتوحي بان هناك مشكلة حقيقية في المصالحة بين تلك المجموعات».
وقال دبلوماسي غربي لرويترز طالبا عدم ذكر هويته ان سلطات جنوب السودان استخدمت منذ اربع سنوات «اموال النفط لشراء السلام الاجتماعي» لكن الان وقد انخفضت اسعار البرميل باتت «تخضع للضغط».
وقال ان «دارفور قنبلة انفجرت (…) لكن جنوب السودان قنبلة موقوتة».
المصدر :الصحافة