صلاح أحمد عبدالله : نص.. استواء..؟!!

* كان الكل يتهيب (الإمبراطور).. هكذا كانوا يطلقون عليه هذا اللقب.. القابع في مكتبه الأنيق.. ومن داخله يدير كل شئ.. بفضل معلومات عيونه المبثوثة في كل مكان ليس داخل العاصمة وحدها.. ولكن في الولايات البعيدة.. والتي كان يفاجئها دوماً بزيارات غير متوقعة عندما يشعر أن الرياح التي قد تأتيه من بعضها لا تسره.. ولذلك كان يسارع إليها.. ليضع يده عليها بكل جبروت حتى قبل أن تتحرك تجاهه..!!
* الحكاية:
* السيد (ح م ت) موظف إداري كفء.. أفنى سنوات عمره بحبه لعمله الذي برع فيه لدرجة جعلته يترقى فيه إلى مراقٍ عليا.. لخبرة عالية في (توزيع الحقوق).. ولما كنا في بلد كبلدنا.. لا تعترف بالكفاءة وتستهين بها وتفضل عليها دائماً أهل الولاء.. والطاعة.. وكلو تمام يا سعادتك.. كان رئيسه المباشر (يكرهه).. لماذا؟ لا أحد يدري.. ولكن الكثيرين يقولون إنها الغيرة المهنية.. لأنه يحترم نفسه وعمله.. فقط.. وبحكم عمله وموقعه الوظيفي لا يجيد إطلاقاً.. دق الدفوف.. وحرق البخور..!!
* السيد (ح م ت).. تمت الحوجة العاجلة إليه.. لإدارة أعمال مهمة.. لأنه من قلة باقية فضلت البقاء لإدارتها.. وأعطيت له صلاحيات واسعة لإنجاحها.. فعلاً استطاع أن يكون عند حسن الظن.. وأدار الموقع بنجاح منقطع النظير.. لمدة تجاوزت التسع سنوات.. حقق فيها لوحده مكاسب كبيرة..!!
* رئيسه ما زال يكرهه.. رغم أن رئيسه هذا بلغ السن (القانونية) وغادر.. ولكنه كان مصراً على أن يبقي هذا الموظف في درجته الأولى.. وتسحب منه صلاحيات درجته العليا.. التي أعطيت له حتى يدير الأعمال الحكومية بنجاح.. وقد فعل..؟!!
* بلغ الموظف الكفء السن القانونية.. والتي يستحق فيها الدرجة العليا.. والتي خدم فيها لمدة تسع سنوات وكما ذكرنا بإنجاز رائع.. وفعلاً صدر (قرار) بذلك.. وبأنه يستحق مشكوراً بناءً على توصية (أهله) من أهل المهنة..
* ولكنه بعد عدة أيام وهو يستعد ليقضي بقية أيامه في هدوء الشيخوخة.. ويستلم مستحقات وظيفته العليا.. فوجئ (بقرار) آخر ينسخ القرار الأول ويلغيه.. ويعيده إلى وظيفته الأولى التي ابتعد عنها لمدة تسع سنوات.. شعر أن هنالك أيدٍ (خفية) تدير الأمر ضده من وراء ستار..!
* الفرق بين القرار الأول.. والقرار الثاني حوالي (15) يوماً.. تقدم الموظف الكفء بتظلمه إلى جهات (عليا).. أقرت أنه مظلوم .. وأوصت بالقرار الأول.. وألغت (القرار) الثاني.. أهل (المهنة) يقولون إنهم لا يدرون عن ملابسات القرار الثاني.. إذاً كيف وصل القرار الثاني إلى درجة أن يوقع عليه أحد كبار المسؤولين في الدولة..؟؟!
* الحمدلله رغم كل شئ نال الموظف الكفء استحقاقه.. كاملاً.. أدبياً قبل أن يكون مادياً.. ولكن يبقى السؤال الأهم..؟!
* لماذا بعضنا (يكيل) لبعضنا.. بميزان الكراهية.. والوطن واحد.. والنيل واحد.. والأرض البكر هي الأرض.. ما فوقها وما تحتها.. في رأيي المتواضع أن الحس الوطني (صفر كبير) يكاد يتلاشى في ربع القرن هذا.. لأن (غلبة الولاء) انتصرت على الكفاءة بكل مسمياتها وفي مختلف المجالات.. ولأن أحزابنا السياسية تنظر فقط إلى ما بداخل خزانة الدولة.. وجيوب موارد الشعب.. لتنهكهم (بسفاهة) صرفها على منسوبيها فقط.. هم لا ينظرون الى أنهم خدام للشعب.. أبداً ينظرون إلى أنهم الأسياد.. سادة العبادة والعياذ بالله.. وأن أمرهم (هو) المطاع..!!
* ولكنهم يتناسون أن للصبر حدود.. وأن الغضب الشعبي ليس له حدود..؟!
* ولكن.. ستستقيم الأمور عند مطلع الفجر دائماً.. بإذن الله..
* ولن ينفع أبداً أن تعالج الأمور.. (بنص استواء)..!!
صحيفة الجريدة
ت.إ[/JUSTIFY]