منوعات

للأسواق أهداف أخرى: سوق الحفيان.. مساحة اجتماعية وسودان مصغر

[JUSTIFY]إنه السوق العتيق، أقدم أسواق المنطقة تاريخياً، يعرفه كل سكان أبو سعد والفتيحاب منذ ما يقارب نص قرن، إذ يعد سوق الحفيان المركز الأساسي لحي أبو سعد وما جاوره.

وسوق الحفيان، ليس سوقاً عادياً ذا مهام تقليدية تتعلق بالبيع والشراء والمضاربين، بل مساحة اجتماعية للإلفة والتسامح والانسجام بين أهالي تلك المنطقة، حتى باتوا يمثلون سوداناً مصغراً، فمنهم من جاءت به ظروف الحياة من شمال دارفور وجنوبها وغربها ومنهم من ولايات كردفان، ومن جاء من أقصى شمال السودان ومنهم من جاء من الشرق، لكنهم يبدون وكأنهم من منطقة، ولعل هذا البعد الاجتماعي هو السبب الرئيس في بقاء سوق الحفيان صامداً إلى الآن.

ما وراء الاسم (الحافي)

التقيت بأصحاب المحلات، أسألهم عن سر (الاسم)، فتعددت الروايات حوله، ولكن تشابهت الكثير منها، وفي ذلك يقول العم (أحمد محمد) إن كلمة الحفيان أطلقت عليه بسبب المؤسس الأول له وهو أحمد الحفيان.

وقالت البائعة (حواء) إن هنالك شخصاً يدعى أحمد كان يعمل راعياً للماشية يأتي بها إلى ضفاف النيل من منطقة بعيدة، وعندما كان يمارس مهنته كالعادة، هطلت أمطار غزيرة، فأقسم أن يمضي بماشيته إلى أن وصل هذا المكان، وأقام فيه، ولما راق له ابتدر بيع منتجات ماشيته (سمن، لبن.. الخ) ثم انضم له آخرون حتى صار سوقاً، وأطلق عليه اسم (الحفيان)، لأن الراعي (مؤسسه) كان لا يلبس حذاءً.

لا يمكن أن ننسى صاحب مسطبة الخضار (محمد الضو) الذي يعمل منذ عشرة أعوام هنا، كل صباح يتوكل على الله باحثاً عن رزقه، ورغم مرارة الظروف الاقتصادية التي يشتكي منها الصغير والكبير في كل أرجاء البلاد، لكنه لم يقطع العشم من رحمة الله، فوجدناه مبتسماً يتبادل الضحكات مع رفاق عمره، يفعلون ذلك، وكأنهم يتعمدون نسيان معاناتهم في الناحية من العاصمة.

يقول (محمد الضو) متفقاً مع من سبقوه، سوق الحفيان سمي بهذا الاسم، لأنه أول من بدأ فيه محلات البيع وهو الشيخ أحمد الحفيان.

درويش وشيخ

تعددت الروايات، اتفق حولها بعضهم واختلف آخرون، فمنهم من قال إن اسم مؤسس السوق هو الشيخ عبد الله، وهكذا يمضون في حكاياتهم التي لا تختلف كثيراً، وها هو (إبراهيم) الذي قضى نحو أكثر من 20 عاماً في سوق الحفيان، ولم يزهج يوماً ما من أرق الحياة ولسان حاله يحكي عن الانسجام ومحبة الناس له وحبه للناس وكأنه الجد الكبير الذي يلم الأحفاد، قال: جاءت تسمية الحفيان من اسم شخص يدعى أحمد ولقبه الحفيان، لذلك سُمي سوق الحفيان.

ذكر لنا (حسن جادين) الذي لا يعد قديماً في سوق الحفيان لأنه مرت عليه فقط 6 أعوام، قال إن هنالك درويشاً تابعاً لشيخ ما كان يتجول حافياً في هذا السوق في ذلك الزمان يعد معلماً بارزاً يوصف به هذا السوق الذي يوجد فيه الدرويش الحفيان، وبهذا سار اسمه الحفيان على هذا السوق.

انسجام واتساق

اختلفت في بعض حول التسمية، فهو سوق للحفيان العتيق، وبرغم من هذا السوق، ولكن يعاني من الكثير من المشاكل التي تحتاج للمعالجة الفورية، فكل أصحاب المحلات يشتكون من مشكلة النفايات وأصبحت هماً حقيقياً لهم في كيفية حل هذه المشكلة، وذكروا أن عربات النفايات قد لا تمر لعدة أسابيع، وتبقى هي المشكلة الأساسية لديهم، ويريدون الحل العاجل لها. ولكل واحد منهم مشاكله، فمنهم من اشتكى من قلة عدد البائعين، وإن وجود سوق المحطة قتل سوقهم، وأصبح أغلب المواطنين يذهبون إلى سوق المحطة. وذكر مهدي محمد الحسن، صاحب بوتيك منذ 14 عاماً، قائلاً: إن البيع اختلف كثيراً من ما كان عليه في السابق بسبب ارتفاع الأسعار، والنساء أصبحن لا يرغبن في الشراء مثل السابق.

شكوى معتادة

واشتكى أيضاً من الضرائب، وقال إنها أهلكت التجار البسطاء، وذكر بأنهم في بعض الأحيان يأخذون من رؤوس أموالهم.

وبينما اتفق معظمهم على أن سوق الحفيان يعاني من سوء التصريف في فصل الخريف، ذكر بعضهم أنهم لا يستطيعون فتح محلاتهم بسبب المصارف، لأنها تغلق الطرق، ولكن الحال يبقى كما هو ولم يفعلوا شيئاً، واشتكوا أيضاً أن السوق ضيق جداً.

مودة أحمد آدم: صحيفة اليوم التالي
ي.ع [/JUSTIFY]