[JUSTIFY]بعد عشرة أيام من الغياب عن أرض الوطن عدت ووجدت كل شيء كما هو بالأمس.. لا يزال الوضع السياسي ما بين رفض الحوار والمضي في دربه.. وكرّ المعارضة وفرّ الحكومة.. والغلاء الفاحش وعسر الحال.. ولكن مفاجأة الحزب الحاكم في آخر مؤتمراته شغلت الأوساط السياسية والاجتماعية فكيف للجنرال “الهادي عبد الله” بخبرته الطويلة وعطائه وسط أهله وعشيرته أن يسقط من السباق إلى منصب الوالي.. نعم الفريق “الهادي عبد الله” كما حدثني مراراً في صالون اللواء “صافي النور” الأسبوعي زاهداً في الاستمرار.. وداعياً للتغيير ولا يبدي حرصاً على الاستمرار.. ولكن ما كان للذين وثق فيهم وائتمنهم على تجربته أن يمارسوا بحق “الهادي عبد الله” الرجل النظيف الشريف مثل هذه الخيانة التي لا تشبه نهر النيل ووفاءها لأبنائها البررة.. ولكنها ألاعيب السياسة التي كادت أن تطيح بالفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” أحد المرشحين مع “بكري حسن صالح” لخلافة البشير عام 2020م حينما يتنحى “البشير” حيث تعتبر الدورة القادمة هي الأخيرة له. أن تطيح بعبد الرحيم من قيادة القوات المسلحة وحراسة بوابة الإنقاذ الأولى.. ولكن الفريق “عبد الرحيم” قد اكتشف القصة وأعلن زهده عن منصب الوالي.. .. والخطوة ليست موجهة لعبد الرحيم وحده.. بل هي لإزاحة د. “عبد الرحمن الخضر” وتضييق فرص عودته.. لأن أي يتنافس بين د.”الخضر” والفريق “عبد الرحيم محمد حسين” تميل الكفة لصالح الجنرال لا لكفاءته الإدارية وقدرته في النهوض بولاية الخرطوم ولكن لأسباب داخلية مرتبطة بموازين القوى داخل الحكومة وتأثير الرئيس على أعضاء حزبه حيث يميل البعض حيث يقف الرئيس.. والمفاضلة بين د.”الخضر” و”عبد الرحيم” محسومة لصالح الأخير.. وفي جنوب دارفور أطاح اللواء “عيسى آدم” باللواء “جار النبي” الذي حل في المرتبة الثانية، وهذه الوضعية تجعل من لواء جهاز الأمن أقرب لمنصب الوالي من لواء سلاح المدرعات “جار النبي” الذي عجز تماماً عن وصفة علاجية لأمراض جنوب دارفور.. ولكن في ذات الوقت إذا كان بعض الولاة قد (جيروا) السلطة وأجهزتهم لصالح أنفسهم فإن نتائج بعض الولايات مثل جنوب دارفور ونهر النيل تنم عن نظافة في الممارسة توجب على من يتصدر القائمة أن ينظر في أمر تعيينه قبل الآخرين!! ومن النتائج التي لم تشكل مفاجأة للدارفوريين ومفاجأة لمن لا يعرفون قدر بعض السياسيين هي صعود نجم الأستاذ “آدم جماع” ومنافسته للسلطان “عثمان كبر” وحصول “جماع” على أعلى الأصوات بعد “كبر” مباشرة ولم يقدم الرجل ضمن حلفاء “كبر” وقائمته ولكنه تقدم السباق بكسبه الشخصي حيث يحظى “آدم جماع” بشعبية كبيرة وله أيادٍ بيضاء على أهل دارفور من هم في السلطة وخارجها.. وقد أعادت إليه الانتخابات الثقة في نفسه بعد خروجه مجروحاً من هيئة الحج والعمرة ولن يختار المركز من هم دون “جماع” إذا رأى في تبديل “عثمان كبر” وتغييره ضرورة في المرحلة القادمة باعتباره من أكثر الولاة (تعميراً) في المنصب (12) عاماً.. لكن “كبر” كثيراً ما يقول كم بقي “البشير” في السلطة؟؟ ولماذا التجديد للبعض فقط؟؟ وقول “كبر” وآخرين له ما يبرره بحكم الواقع.. ولكن تبقى ولايات دارفور تواجه كثيراً من المشكلات بدءاً من التعثر في عقد مؤتمر الضعين وانتهاءً بوضعية غرب دارفور التي تذهب بالمحاصصة دوماً لأحضان الحركات المسلحة.