رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : استرداد «حلايب» انتخابياً طبيعة الأشياء

[JUSTIFY]وحلايب إذا كانت قد خرجت في تظاهرة تندّد بالانقلاب العسكري في القاهرة وتطالب بعودة الرئيس المنتخب وترفع وقتها شعارات «أين رئيسي» كما كان يفعل أغلبية الناخبين في المدن والقرى المصرية في إشارة إلى الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي «فك الله أسره»، و «دعم الشرعية»، إذا فعلت حلايب هذا لتعاملت معها السلطات المصرية مثلما تتعامل الآن مع صحراء سيناء باعتبارها منطقة تناهض الحكومة.
وإسرائيل حينما احتلت جزءاً عظيماً من الإقليم الشرقي المصري بعد تخاذل الجيش الجوي، كان هم القاهرة الأكبر.. وأكبر من القضية المحورية الإقليمية وهي وجود دويلة يهودية مدعومة من الغرب والشرق معاً.. هو استرداد الأرض المحتلة. وكان قد تضافرت ثلاثة عوامل لانتصار اليهود على الإرادة المصرية، هي الرغبة التآمرية اليهودية العارمة والدعم الغربي الكافي وسهرة الراقصة سهير زكي عشية يوم النكسة.

وكان يمكن أن تهزم الطاقة الإيمانية ـ اذا توفرت وقتها ـ رغبة اليهودة ودعم الغرب، لكن كانت السهرة الراقصة لكبار ضباط السلاح الجوي المصري هي القوة الضاربة التي مهدت المسرح بعد عملية تضليل موسكو للقاهرة.
وكل هذا يترجم لنا أن القوات العسكرية في ذات الصعيد جيلاً عن جيل لا تحارب، وإنما تفعل شيئين: إما تستسلم لقوة جوية خارجية ضاربة مثل التي داهمت القواعد العسكرية عام 1967م، ثم بعد ذلك لا يكون الالتفات للثأر وإنما للحديث عن أن 99% من الأوراق بيد واشنطن كما قال السادات بلغة استسلامية طبقت بجدارة مقولة «عجز القادرين على التمام». وكان هذا التصريح هو القشة التي قصمت ظهر بعير الإرادة المصرية. كان معلوماً أن الخطأ الذي وقعت فيه القاهرة بتضليل موسكو يمكن استيعابه والاستفادة منه لتفاديه في جولة قادمة. لكن برك الجمل بما حمل. وكان التبرير الواهي هو «99% من الأوراق بيد واشنطن». أو تحتل بقوتها أرض الغير مستغلة ظرفاً معيناً ــ حلايب أنموذجاً.
والسؤال الآن كم نسبة الأوراق المستقبلية بشأن حلايب في يد القاهرة؟!. أو بالتحديد في يد الرئيس المغتصب للسلطة من خلال موقعه في الجيش عبد الفتاح السيسي؟!

إذن دعونا نحسب حسابات واقعية على الأرض.. تقول مفوضية الانتخابات القومية السودانية إن «90» تسعين مركزاً انتخابياً ستنطلق في حلايب ضمن المراكز الانتخابية في كل البلاد. وبالطبع فإن سكان حلايب الأصليين يهمهم جداً التفاعل مع العملية الانتخابية في وطنهم العزيز السودان. ويهمهم بقاء أو تغيير البشير ليفوز مثلاً مرشح الاتحادي الديمقراطي الأصل، سواء أكان السيّد محمد عثمان الميرغني أو السيد إبراهيم الميرغني أو السيد جعفر الصادق الميرغني. أو مرشح حزب الأمة القومي.
تسعون مركزاً انتخابياً في محلية حلايب، تعني أن المزاج للسكان هناك سوداني بجاوي. وحتى لو عادت الديمقراطية إلى مصر عاجلاً أو آجلاً، فلن تجد هناك الأحزاب المصرية قواعد لها، وحتى لو تعاطف بعض السكان هناك مع حزب الحرية والعدالة المجني عليه، فيكون ذلك من باب العاطفة الدينية، وهي توجد لدى الكثير من السودانيين في كل أرجاء البلاد باعتبار أنه من ناحية وجدانية حزب أممي، فهو حزب موفق في خوض الانتخابات وقد فاز في أوّل ديمقراطية استمرت لمدة عام لتعود حليمة العسكرية لقديمها في مصر الآن، إضافة إلى البراهين المختلفة التاريخية والإثنية والدولية، والمزاج السياسي السوداني لسكان حلايب أهل المنطقة المحتلة لاستضافة تسعين مركزاً انتخابياً. وكل شيء يكاد ينطق ويقول حلايب سودانية.
التاريخ، الثقافة، ترسيم الحدود الدولية، والآن المزاج السياسي.. حلايب سودانية بطبيعة الأشياء التي تشكل البراهين لهذه الحقيقة التي يلوي عنقها الاحتلال المصري. وسكان حلايب الأصليون حتى ولو تعرضوا للتمصير بالإكراه، فإن ما يهمهم هو من يحكم السودان وليس من يحكم مصر، سواء أكان منتخباً مثل مرسي أو دكتاتورياً انقلابياً مثل السيسي.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]