رأي ومقالات

الصادق الرزيقي : العلاقة مع أمريكا إلى أين؟!

[JUSTIFY]الواضح أن النقاط الخلافية بين السودان والولايات المتحدة، لا علاقة لها بالشأن الثنائي أو اختلافات وجهات النظر بين الطرفين حول مستوى ومسار العلاقات بينهما، إنما تتمحور كل النقاط الخلافية حول الشؤون الداخلية للسودان، والأوضاع المحلية التي تحشر واشنطون أنفها فيها رغماً عن الخرطوم، وتتخذ الإدارات الأمريكية المختلفة من هذه القضايا والشؤون ذريعةً لما تمارسه وتفعله مع السودان طيلة السنوات الماضية، وتطالب باتخاذ إجراءات وخطوات وتنفيذ سياسات من الحكومة السودانية حيالها، في تدخلات سافرة لا تساعد على الحوار المشترك.
> ولم تكن الاشتراطات الأمريكية لعودة العلاقات لطبيعتها في أي وقت من الأوقات مبنية على تصور ورؤية منصفة وعادلة، بل ظلت أكثر عسفاً وتشدداً مع وجود عقوبات قاسية وحصار سياسي واقتصادي وتضييق على السودان والعمل على إضعافه وتحدي سيادته الوطنية، ولم تكن الرغبة الأمريكية في تسوية العلاقة مع الخرطوم طيلة الفترة الماضية رغبةً جادةً وحثيثةً، بقدر ما كانت تتبلور في شروط إذعان مذلة تقدم كوصفة جاهزة لا تقبل النقاش.
> فتطورات الموقف الداخلي السوداني وتعقيد الأوضاع المحلية أسهمت فيها الولايات المتحدة بشكل كبير وأوصلتها إلى ما هي عليه، مثل الوضع في دارفور أو المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق» والعلاقة مع جنوب السودان قبل نيفاشا وبعدها وما تلى قيام دولة الجنوب.

> وظل التصنيف للسودان في خانة الدولة المارقة ووصمه بالإرهاب ومعاقبته كعدو يتوجب تأديبه، هو نشيد الإنشاد الذي تردده الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ مجيء حكم الإنقاذ حتى اليوم، تتخلله أوقات يشتد فيها الترهيب والترغيب واستخدام العصا والجزرة، بغية الإدغام ونظم السودان في سلك الدول التي تعيش داخل بيت الطاعة الأمريكي.. فمع تطور الأحداث وتلاحقها ظلت المواقف الأمريكية تراوح مكانها وتتخذ مبررات شتى للضغط على الخرطوم وعدم اتخاذ أية خطوات نحو تطبيع العلاقة، وكل ما يصدر من إشارات وما يقال من تصريحات أمريكية في أوقات ومناسبات سابقة على سبيل المثال خلال مفاوضات نيفاشا أو أبوجا أو الدوحة، كان على سبيل الخداع لا يلبث أن يتلاشى بسرعة دون نتيجة كسراب بقيعة!!
> والآن مع بروز رغبة أمريكية عبرت عنها اتصالات ولقاءات بين مسؤولين سودانيين وأمريكيين آخرها الاتصال الهاتفي بين وزيري الخارجية في البلدين بمبادرة من الطرف الأمريكي، وصلاً لما بدأ، لا بد من تحرير نقاط الخلاف بدقة ومعرفة ما إذا كان هناك طريق للعبور فوقها إلى نقطة بناءة.

> فالوضع في دارفور والمنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق والعلاقة مع دولة جنوب السودان قبيل اندلاع صراعاتها الداخلية، من أكثر القضايا التي تُثار من الطرف الأمريكي، وقد ساهمت جماعات الضغط والإعلام والناشطون السياسيون وبعض أبناء هذه المناطق المقيمين في الولايات المتحدة والدول الغربية، في تأزيم قضايا السودان وعلاقاته الدولية خاصة مع الولايات المتحدة، ولعب غلاة المتشددين في الإدارة الأمريكية والكونغرس دوراً كبيراً في تثبيت وصناعة صورة شائهة للسودان عملت على التأليب والتحريض المستمر.. ولم تتجرأ الإدارات الأمريكية الواقعة تحت الضغط الإعلامي والدعائي الكثيف على تحريك الحوار المشترك إلى دائرة فعَّالة تقود إلى تقبل صورة السودان وتحسينها تمهيداً لعودة العلاقة إلى مجراها الطبيعي العام.

> وتوجد قضايا أخرى تعد من النقاط الخلافية، متعلقة بموقف السودان من القضية الفلسطينية ودعمه لنضال الشعب الفلسطيني ومواقفه المؤيدة لحقه في الدفاع عن نفسه وعلاقته بتنظيماته ومن بينها حركة حماس، وتتبنى واشنطون هنا الموقف الإسرائيلي وتريد من السودان موقفاً يتماهى مع دول الاعتدال العربي والتخلي عن هذا الموقف العظيم.
> وفي الآونة الأخيرة ظهرت دعاوى أمريكية أخرى تتعلق بمنع الحكومة في الخرطوم المبعوث الأمريكي دونالد بوث من زيارة السودان، وهو موقف مستمر لفترة طويلة بعد آخر زيارة له للسودان قبل أكثر من عام ونصف العام تقريباً، ويعود السبب إلى أن المبعوثين الأمريكيين المتعاقبين على السودان لا يقابلون السيد رئيس الجمهورية وتمنعهم الإدارة الأمريكية من ذلك، بحجة أن الرئيس مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، فمثل هذا النوع من الترهات والأباطيل قابلتها الحكومة بموقف وطني مشرف برفض استقبال المبعوث أو السماح له بزيارة السودان وعدم منحه تأشيرة دخول.. ولا يوجد حديث لدى مسؤولين أمريكيين في الفترة الأخيرة التقوا بوزير الخارجية أو وزير المالية خلال زيارتيهما أخيراً لواشنطون كل على حدة أو من خلال التواصل مع سفارتنا في واشنطون أو بعثتنا في الأمم المتحدة، إلا وتناولوا من خلاله زيارة المبعوث للسودان. «ونواصل».

صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]