خالد حسن كسلا : وزير المالية ومحاربة «جرِّ الشوك»
إذن اضافة إلى دكتور عوض الجاز ود. مصطفى عثمان اسماعيل، يكون وزير المالية الحالي وكذلك محافظ بنك السودان الحالي في مشروع معالجة المشكلة الاقتصادية. نعم توجد المشكلة بسبب الحروب. ولا سبيل إلى علاجها بطريقة تقليدية إلا وقف الحروب ورفع الحظر عن بعض احتياجات السودان التي تحتكر تسويقها السوق الأمريكية. لكن هؤلاء يقدمون العلاج بطريقة غير تقليدية.
فيتحمس د. عوض الجاز لاستخراج النفط لأنه سلعة حتى ولو لم تظهر أثر النعمة في المواطن السوداني كما في المواطن الخليجي، فعلى الأقل تنفتح قناة تجارية لجلب العملة الصعبة. ولا ننسى في تلك الفترة النجاح المالي الباهر الذي حققه د. بدر الدين طه حينما كان والياً للخرطوم، فقد عاصر الرجل بوصفه والياً فترة فاتورة الحرب الباهظة جدا.. ومع ذلك غادر مكتبه وخزينة الولاية منتعشة. ووقتها لم تفكر الحكومة في تعيينه بعد هذا النجاح «المالي» وزيراً للمالية، وقد كان هو مديراً للبنك الزراعي. أي من نفس القبيلة المهنية. لكن هذا لم يحدث. وقد حملته أمواج قرارات الرابع من رمضان الهادرة في الثاني عشر من أغسطس عام 1999م الى حيث ذهبت المجموعة المنشقة بقيادة الترابي.
البلاد تواجه مؤامرات تستهدف أمنها واستقرارها لصالح مشروعات في الخارج، في اسرائيل وأمريكا وبعض دول أوروبا. وكل هذا بهدف انهيار اقتصادها. وبالتالي نسف استقرارها السياسي. وهذه المشروعات وجدت ضالتها في العراق وليبيا وسوريا بسبب غباء حكوماتها التي استعدت عليها شعوب هذه البلاد.
ففي العراق إما تكون بعثياً رغم أنفك وإما تكون محل إذلال من جانب النظام الحاكم وكذلك في سوريا، وقد ألقى نظام الأسد الأب عام 1982م القنابل من الجو على مدينة كاملة لأنه شعر بعدم ولاء أغلبها لحكمه. كل هذا طبعاً لا علاقة مباشرة له بما نحن هنا بصدده، لكن يجدر ذكره من ناحية تفكير العقلية الغربية والصهيونية في هدم الاقتصاد للدول ذات الموارد التي يمكن أن تتقدم على حساب أسواق دول الاستكبار إذا تم بشكل جيد استغلال هذه الموارد.
مثل كل هذا بالطبع يحتاج لاقتصادي فوق العادة ليكون سياسياً أكثر من كونه اقتصادياً مثل وزير المالية بدر الدين محمود، وكان مثله من قبل بدر الدين طه، ان البدرين «بدري الدين» وضعا في الاعتبار التحديات الأمنية وفاتورتها، وفكرا في حلول سحرية لا علاقة لها بالتخصص الاكاديمي. والآن تثمر هذه الحلول السحرية التي انتجتها عقلية وزير المالية.. محاصرة التجنيب الذي يعتبر علاجاً أسوأ من المرض. لأن المال المجنب يضخم الكتلة النقدية التي تكون داخل الموازنة، ويكون حجم الأموال المتداولة ورماًَ غير طبيعي وحالة مرضية تؤذي المواطن. ولا يقل ضرره عن التضخم، بل ان الأخير أهون من التجنيب. إن تحصيل الايرادات خارج الموازنة ليس فكرة معالجة مالية، وانما فكرة مثل مفهوم المثل الشعبي «جلداً ما جلدك جر فوقه الشوك». والمطلوب من الذين لم يدرسوا الاقتصاد ولم يفهموه جيداً من خلال الاهتمام بالعمل العام والشأن السياسي ألا يدعوا إليه. فهو مثل حك الجرح، ممتع لذيذ لكن عاقبته وخيمة.
صحيفة الإنتباهة
ت.أ