د. عارف عوض الركابي : تعليق على خبر تزايد أعداد اللقطاء (1)
لقتل الحياء فلتبك البواكي.. ولانتهاك الأعراض والتلاعب بها فلتتفطر القلوب المؤمنة.. ولتضييع الأمانة والتفريط فيها فلتقشعر الأبدان.. والله المستعان..
وسأعلق على هذا الخبر في حلقات تتنوع موضوعاتها لكن تجمعها هذه القضية المؤرقة والمزعجة والمحزنة والتي يجب صرف كثير من الجهد والبحث والدراسات والاستشارات فيها. وإن المؤسف أن البعض يرى المظاهر التي توصل إلى هذه النتائج المدمرة ولا يرون في تلك المظاهر وخطوات الشياطين التي توصل إلى جريمة الزنا أمراً غريباً.. وبالتالي لا ينكرونها ولا يحذرون منها.
لمّا نهى الله تعالى عن الزنا نهى عن الأسباب التي توصل إليه وكان النهي بقوله تعالى: «ولا تقربوا الزنا» فالذي يقع في أسباب الزنا ووسائله يقع فيه.. وعليه فإن كلَّ من يهمه طهارة وزكاة وسلامة هذا المجتمع، وكل من يخشى على أعراض المسلمين، فإنه يسعى لقطع الطريق أمام منتهكي الأعراض والعابثين بها.
من المظاهر التي هي من بريد الزنا والموصلة إليه: الخلوات التي تكون بين الفتيان والفتيات، فأصبح منظر شاب وفتاة يجلسان في حديقة أو مقهى أو مطعم أو في فناء جامعة وغير ذلك في جلسات مريبة أصبح هذا المنظر الذي يذبح فيه الحياء من المناظر المعتادة وهي خلوة سبيلها وطريقها إلى الفاحشة والعياذ بالله، وتعجب أن يمر بهذين المجرِميْن رجال ونساء وشيوخ وربما دعاة وطلبة علم دون أن ينكر عليهم.. فهذا منكر واضح وجُرم كبير وانتهاك للعرض، أمام الملأ وبين الأشهاد وكأن كلّ أحد يرى هذا المنكر لا يعنيه، ولما لم يجد هؤلاء الفسّاق من ينكر عليهم ويذكرهم بالله أصبحت هذه المظاهر تزداد.. وإذا ترك المجتمع الحبل على الغارب وترك للمتبعين أهواءهم وشهواتهم والمراهقين والمراهقات الأمر على ما يريدون فماذا ينتظر المجتمع؟! لماذا يستغرب من دور «دعارة» وكثرة لقطاء؟! طالما المجرمون ومنتهكو الأعراض يجلسون يثيرون غرائزهم مطمئنين ويتبعون خطوات الشياطين ويخططون للفواحش في مرأى ومسمع المسلمات والمسلمين!! إذاً فليكن الدور الأول لكل مصلح وغيور أن ينكر هذا المنكر وينصح الفتاة بأن هذا ذئب بشري يريد أن ينتهك عرضك ثم يرميك فريسة كما رمى عشرات غيرك.. وليكن النصح للذئب المفترس بأن له من الأخوات والعمات والخالات وربما البنات!! من هنّ مثل هذه الضحية التي يفترسها.. وربما سيؤثر فيه ذلك إن كان في قلبه شيء من الخوف من الله والحياء.. وليكن الدور بالنصح للآباء وأولياء الأمور بأن يتقوا الله في البنات والأخوات وأن يقوموا بالمحافظة عليهن وحمايتهن والقيام بواجبهم في ذلك وأن لا يخونوا الأمانة فيشقوا بسبب ذلك في العاجل بالفضائح المدويّة وفي الآجل بعذاب الله المتوعّد به من ضيّع أمانته.. فليتقوا الله في من تحت أيديهم وليتابعوهم ويحسنوا تربيتهم على مراقبة الله تعالى وغرس الإيمان في قلوبهم وتوجيههم وتفقدهم.. وتوضيح أن أفعال المراهقين والمراهقات من هذا الحب والغرام والهيام المدّعى ما هو إلا سرطان مدمّر طالما كان في معصية الله تعالى وفي غير طريقه ووسيلته الشرعية.
أعجب أن يسمح ولي أمر فتاة بدخول ابنته حفلة مختلطة وهي في كامل زينتها ثم تقوم لترقص وسط رجال!! ما هذا؟! أين الغيرة على الأعراض؟! وأين الخوف من التحذير النبوي بأنه لا يدخل الجنة ديوث؟!
إن كل امرئٍ عاقلٍ، بل كل شهم فاضل لا يرضى إلا أن يكون عرضه محل الثناء والتمجيد، ويسعى ثم يسعى ليبقى عرضه حرماً مصوناً لا يرتع فيه اللامزون، ولا يجوس حماه العابثون. إن كريم العرض ليبذل الغالي والنفيس للدفاع عن شرفه، وإن ذا المروءة يقدم ثروته ليسد أفواهاً تتطاول عليه بألسنتها أو تناله ببذيء ألفاظها. نعم إنه ليصون العرض بالمال، فلا بارك الله بمال لا يصون عرضاً.
بل لا يقف الحد عند هذا فإن صاحب الغيرة ليخاطر بحياته ويبذل مهجته، ويعرض نفسه لسهام المنايا عندما يُرجم بشتيمة تُلوّث كرامته. يهون على الكرام أن تصان الأجسام لتسلم الأعراض. وقد بلغ ديننا في ذلك الغاية حين قال نبينا عليه الصلاة والسلام: «من مات دون عرضه فهو شهيد». بصيانة العرض يتجلى صفاء الدين وجمال الإنسانية، وبتدنسه ينـزل الإنسان إلى أرذل الحيوانات بهيمية.
وأواصل إن شاء الله..
صحيفة الإنتباهة
ت.أ