رأي ومقالات

الصادق الرزيقي : لماذا هذه الدعاوى؟!

[JUSTIFY]منذ فترة تلاشت وتبددت في الهواء، الاهتمامات الدولية بقضية دارفور، ولم يعد الغرب مشغولاً بها لانشغاله بمناطق أخرى في العالم من أوكرانيا وسوريا والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في العراق والشام والوضع في دولة جنوب السودان وإفريقيا الوسطى والحرب على «إيبولا» في دول غرب إفريقيا، وقد وصل فيروس المرض إلى قلب الولايات المتحدة وأزهق أرواحاً من مواطنيها في نيويورك وتكساس.
> وتراجع الاهتمام الدولي بقضية دارفور ناتج عن كون الأوضاع تسير إلى طبيعتها، وعاد الهدوء إلى أغلب مناطق دارفور وانحسر نشاط الحركات المسلحة، إلا جيوباً صغيرة جداً في أعلى جبل مرة وشرقه، أو عبور المجموعات الصغيرة الهاربة من الحركات من داخل دولة الجنوب إلى أقصى مناطق شمال غرب دارفور القريبة من الحدود الليبية.

> وهناك جهة ما تريد إثارة موضوع قرية «تابت» بشمال دارفور من جديد، لإحياء ما مات وإعادة ما فات إلى الإذهان وإلى واجهة التناول الإعلامي بإدعاء حالات اغتصاب نساء في هذه القرية الواقعة جنوب غرب الفاشر في محلية طويلة، وهذه المرة تلعب قوات بعثة اليوناميد دورها بعناية لتلفت الأنظار إلى دارفور من جديد.
> ومنذ انفضاض سامر تجمع منظمات «أنقذوا دارفور» في الولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات التابعة لها في أوروبا الغربية، وافتضاح الفساد المالي الكبير في هذا التجمع وتبادل الاتهامات بين مؤسسيه، وانكشاف حقيقة أن الأموال التي تم جمعها بواسطة هذه المنظمات لم تذهب في صالح قضية دارفور، وتثار في الولايات المتحدة من جهات عديدة شكوك وأسئلة حول أن مئات الملايين من الدولارات التي جمعت ذهبت لبناء المستوطنات في فلسطين المحلتة واستفادت منها منظمات صهيونية معروفة ما كانت تستطيع جمع أموال وتبرعات باسم المستوطنات في الدول الغربية لموقف حكومات هذه الدول والرأي العام العالمي من الاستيطان غير المشروع في الأراضي الفلسطينية.

> كما شهدت الفترة الماضية تراجعاً ملحوظاً في حماس كثير من الناشطين الغربيين خاصة الممثلين، للمسألة الدارفورية لأسباب متعددة منها تناقص الاهتمام الإعلامي ووجود خطوات على الأرض وتنفيذ الاتفاقيات خاصة وثيقة الدوحة، وعدم اقتناع الدوائر الغربية بأن الحركات المسلحة في دارفور يمكن أن تحقق النتائج المطلوبة، فضلاً عن تورطها في الوحل الجنوب سوداني وصراع الإخوة الأعداء في الدولة الوليدة.
> ومع ذلك، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عقد في نهاية سبتمبر الماضي اجتماع ضم جهات دولية وإقليمية عديدة وحكومة السودان حول أداء بعثة اليوناميد في دارفور، وظهر خلال الاجتماع اتجاه عام يعبر بطريقة غير واضحة يفهم منها أن البعثة تعاني من عقبات وعدم تجاوب في أداء مهمتمها بالكامل، وذلك مقابل تجاوزات فعلية أُثيرت حول البعثة نفسها وفسادها المتمثل في إدخال مواد وسلع ومعدات وآليات تفوق احتياجاتها، ويذهب بعضها إلى الأسواق المحلية مع وجود ظاهرة استثمار إعفاءاتها الجمركية واستخدامها في ما لا يتفق مع دورها ومهمتها.

> والأكثر من ذلك أن البعثة نفسها تواجه خطر تقليص وتقليل إمكاناتها خاصة الطائرات العمودية والسيارات، وقررت الأمم المتحدة من نيويورك في إطار الحرب على مرض «إيبولا»، الاستفادة من إمكانات بعثة اليوناميد في السودان، وطلبت منها ترحيل ما يزيد عن مائة وعشرين سيارة وربما طائرات هليكوبتر بأعجل ما تيسر، حتى تتمكن بعثات المنظمة الدولية في سيراليون وليبيريا من المساهمة في مكافحة واحتواء خطر «إيبولا».. وبالفعل تمت إقامة جسر جوي بين مطار الخرطوم ومطاري الفاشر ونيالا لنقل هذه السيارات والمعدات.
> ونتيجة لذلك مما يفهم من هذا الإجراء، أن بعثة اليوناميد في السودان تعلم ما يعنيه ذلك، فهو بالدرجة الأولى يعني أن الأوضاع تحسنت في دارفور ولا تحتاج لهذا العدد من الإمكانات، وقد يترتب عليه تقليص الميزانيات والمعدات وربما الدور نفسه.. وقد يقود في النهاية إلى إنهاء الدور الحالي.

> وعليه فكل حصيف ومتابع يعلم ما وراء هذه الادعاءات حول قرية «تابت» وإعادة عقارب الساعة للوراء وبعث أكاذيب الاغتصاب من مرقدها ومحاولة إعطاء زخم جديد واستمطار تعاطف دولي لجعل القضية في الواجهة من جديد.
> لذلك نفهم التطور الجديد وسياقه ودواعيه، ونضع أباطيل اليوناميد في مكانها الطبيعي.. وعلى الحكومة أن تتعامل بحزم مع هذه الأكاذيب.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]