رأي ومقالات

الطاهر ساتي : أن محاكم الشرطة لا تملك سُلطة إصدار الأحكام في كل القضايا الجنائية،مهما كانت قضية الساعة

[JUSTIFY] ذات مساء، دخل أحد الشعراء على الأمير المهلبي، وكان هذا الأمير مُهاباً بالعراق، فارتبك الشاعر من هول الهيبة، وقال مخطئاً : (صباح الخير سيدي الأمير)، فسأله الأمير غاضباً بمظان أن الشاعر يمازحه : (هذا صباح أم مساء؟)، فارتبك مرة أخرى ثم أنشد فيه مدحاً ليخرج من (الورطة).. (صبحته عند المساء فقال لي : ماذا الصباح ؟ وظن ذاك مزاحاً/ فأجبته : إشراق وجهك غرّني حتى تبينت المســــاء صباحاً)..وهذا، أي الشعر الذي يُرغم الشعراء – وغيرهم – على جمع الضدين بلا تناقض، نوع من (الشعر الطروب)..!!
:: ولقد أحسن اللواء شرطة (م) الدكتور الطيب عبد الجليل المحامي عملاً عندما كشف ثغرة دستورية وأخرى قانونية بدستور البلد وقانون الشرطة ومحاكمها..فالقرار الدستوري الصادر لصالح النقيب أبوزيد عبد الله (سابقة قضائية) ويستحق عليها الطيب عبد الجليل – محامي أبوزيد – شُكر الدولة وثناء أهلها، إذ لولا مرافعته المهنية والرصينة لما عرفت البلاد وأهلها بأن محاكم الشرطة لا تملك سُلطة إصدار الأحكام في كل القضايا الجنائية، ومنها كانت قضية الساعة (إشانة السمعة).. شكراً للطيب، ثم شكراً..!!
:: ولكن – وهنا الوجه الآخر لقضية العدالة، والجمع بين الضدين – قبل عام ونيف، حكمت محكمة الشرطة غير الإيجازية على العقيد شرطة (أ، أ)، بشرطة نهر النيل، بالسجن الذي بلغ مقدار سنواته (14 عاماً)، في قضية (جنائية أيضاً)، وكان رئيس هذه المحكمة الشرطية هو اللواء شرطة الدكتور الطيب عبد الجليل (ذاااتو)..وكذلك، الملازم شرطة (م، ك)، بشرطة السجون، مثل – في عهد اللواء شرطة الدكتور الطيب عبد الجليل – أمام محكمة الشرطة في قضية (جنائية أيضاً)، فحكمت عليه المحكمة الشرطية بسجن مداه (20 عاماً)..وهكذا..!!
:: أي ليس العقيد (أ، أ) والملازم (م، ك) وحدهما، بل العدد يتجاوز الاثنين والثلاثة إلى (العشرات)، ولحسن حظ الناس والصحافة أن قوائم المحكوم عليهم متاحة لمن يشاء..والسواد الأعظم من هذه الأحكام صدرت في حق هؤلاء في قضايا جنائية – كما قضية النقيب أبوزيد – عندما كان اللواء شرطة الدكتور الطيب عبد الجليل إما رئيساً للمحكمة أو رئيساً لمحكمة الاستئناف أو عضواً في هذه المحاكم الشرطية التي لا تملك سُلطة الفصل في القضايا الجنائية.. ربما، عندما كان يحكم عليهم – بهذه السنوات المهولة سجناً – لم يكن يعلم أن محكمته لا تملك هذه السُلطة، ثم علم بعد أن تقاعد وأصبح محامياً ومواطناً من (عامة الناس)..!!
:: ويصبح مؤسفاً للغاية، وجمعاً – غير طروب – للضدين، إن لم يبادر الطيب عبد الجليل بـ (عمل شيء)، بحيث به يوفق أوضاع هؤلاء المحكومين بحكمه وغيرهم ليكونوا – كما موكله النقيب أبوزيد – أبرياء حتى تثبت المحاكم الجنائية (براءتهم أو إدانتهم)، وربما فيهم من لا تملك أسرته قوت يومها وناهيك عن (ثمن المرافعة) ..ثم ليس من كمال العدل – وأعني الكمال النسبي، فالكمال المطلق هو عدل الله – أن ينتقي الطيب عبد الجليل (فرداً) من (جماعة مظلومة)، وخاصة أن الظلم وقع على الجماعة (بأمره أو بإشرافه)..ونأمل ألا تغفل الشرطة عن توفيق أوضاع هؤلاء المحكومين في (قضايا جنائية)..وليت كل مسؤول – كما الطيب سابقاً- يتعظ بحيث لا يجمع تأثيره في حياة الناس الضدين (الظلم والعدل)، أي حسب موقعه من مناصب – مهما طال عمرها – هي في الأصل (ضُل ضُحى)..!!

صحيفة السوداني
خ.ي[/JUSTIFY]