رأي ومقالات

صدور المجندات الإسرائيليات وخلفية كارداشيان تبرد اضطرابات الشرق الاوسط وباسم يوسف في «الحرة»

[JUSTIFY]

■ من يستقل وسائط النقل الحديثة في أوروبا هذه الأيام، يُدهش كيف صار الإنسان المعاصر عبدا بامتياز لوسائط التواصل الاعلامي والاجتماعي وتقنيات الصوت والصورة.
في القطار، الذي يمخر دهاليز لندن التحتية قاصدا أحياء العاصمة ترى صورا تشبه إلى حد بعيد أفلام الخيال العلمي، الكل، وأقصد الكل ساجد على موبايله، أو «اللاب توب»، بين من يرسل رسائل لأعماله ووظيفته وأخرى لاسرته وأحبائه وبين من يسترق الوقت الضائع قبل الوصول إلى العمل لانجاز أبحاث وأشغال تشمل مناحي الحياة كافة.
الجميع يقرأون ويطالعون، يبدون أحرارا في الاختيار وإنتقاء ما يشاهدونه ويتعاطونه، لكن الجميع يبدون، دون استثناء، مستهلكين لما يراد للإنسان المعاصر أن يكونه.
شركات الاعلانات تمرر ما تريده لبضاعتها، الساسة يمررون خططهم وبرامجهم وتوجيهاتم، البائعون لكل شيء يفعلون الشيء ذاته لكن بشكل مُقنع، الكل يبيع ويشتري، والكل عبد وألة، تلقم بالمعطيات والبرامج والحقن، تماما كما يلقم الموبايل والكومبيوتر. فلا غرو اذا أن يتبادل الناس التحايا والتزاور، وربما التواصل الجنسي مستقبلا عبر هذه الفضاءات، فكل شيء بات محسوبا وكل واحد صار آلة مسيرة ضمن آليات أوسع فأوسع. ورحم الله «هدير البوسطا».

جنديات إسرائيل في «روزنامة إباحية»

«أم تي كي إل» هو اسم وحدة خاصة في الجيش الإسرائيلي، كما أنه عنوان لشركة متخصصة بتصميم أزياء واكسسوارات تستوحيها من مجندات جيش الاحتلال، وقد أصدرت الشركة إعلانا للترويج لملابسها يصور مجندات إسرائيليات مختارات لطباعة «روزنامة إباحية» للعام 2015، مقدمة إياهن باعتبارهن «أحد أكبر أسرار الجيش الإسرائيلي»، واصفة العارضات بأنهن «مسلحات، خطيرات، لا يخفن شيئا، مدربات على مواجهة الخطر كل يوم، ولكن عندما يتوقف القتال يشكلن أخطر قوة عرفتها الإنسانية»، مظهرة إياهن في ملابس قصيرة وقمصان مفتوحة عليها شعارات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بالألوان العسكرية المعروفة مثل الخاكي، والأقمشة المستعملة في الحروب، وتتحول أجهزة القتل والتعذيب إلى اكسسوارات تزيينية تصف بطولات الجنديات في «مكافحة الإرهاب الفلسطيني».
وفي مديح لمقاتلات العارضات يقول الإعلان إن «النساء اللواتي يعرفن استخدام المسدسات، ويقدن العمليات ويحاربن الإرهاب هن مقاتلات بارعات نهارا و»سوبر عارضات» ليلا، وعندما تمتلك المقاتلة منهن رصاصة واحدة لا بد أن تكون صائبة»، بحيث يتوازى القتل الإسرائيلي للفلسطينيين مع الانفتاح الجنسي للحضارة العبرية على شواطئ البحر المتوسط، وتضرب العنصرية الإسرائيلية بذلك عصفوري الحضارة والإرهاب بحجر واحد.

معركة «فايا وريحان»

اشتعلت تعليقات السوريين العصبية وأشقائهم على وسائل التواصل الاجتماعي بعد بث شريط للأختين فايا وريحان يونان السوريتين المقيمتين في السويد. شريط الفيديو من انجاز شباب عرب من سوريا والعراق ولبنان وفلسطين ويقيمون في المنافي، ويقدم أغاني شهيرة لكل بلد من هذه البلدان، هي «قرأت مجدك» و»بغداد» و»لبيروت» و»زهرة المدائن»، وينتهي بنشيد «موطني».
قبل كل أغنية من هذه الأغنيات تتحدث إحدى الأختين عما يجري في بلد من هذه البلدان ثم تغني الأخرى أغنية له، وكان سبب هجوم بعض السوريين على العمل وصف الأختين ما يجري في سوريا بالحرب الأهلية، وهو ما اعتبره ناشطون كثر ظلماً وإساءة في الوصف لما يعتبرونه عدواناً مستمراً على الشعب السوري من قبل النظام، وسرعان ما طالت الإشاعات سمعة الفتاتين وتحدث البعض عن دفاعهما عن بشار الأسد.
الأختان ظهرتا أمس في برنامج «بعدنا مع رابعة» على قناة «الجديد» وتحدثتا عن أسباب الهجوم عليهما، كما أنهما ستظهران على قناة «الميادين» مع زاهي وهبي ضمن برنامج «بيت القصيد».
ومن سخريات القدر أن السوريين ساسة وفنانين وأناسا عاديين أُطروا الآن ضمن قوالب استخبارية هي أقرب إلى فكر المافيات منها إلى المواطنة، فأينما وجهت حديثك هذه الأيام فأنت مع هذه الجهة ضد الجهة الأخرى، ممنوع التفكير، ممنوع الانتقاد، ممنوع الأمل، فعقل السوريين في إجازة إجبارية.

باسم يوسف عابر الفضائيات

واذا كان السوريون مهاجرين في أوطانهم وخارجها فان الاعلامي المصري صاحب «البرنامج»، وبعد أن ضاقت به فضائيات مصر والعرب على كثرتها هاجر إلى قناة «الحرة» الأمريكية ليقدم برنامجا عن المهاجرين العرب عله يرتق ما عجز عنه في القنوات العربية الحرة.
وسيقدم باسم برنامج «أمريكا بالعربي»، حيث سيتم عرض حلقتين كل جمعة في السابعة مساء بتوقيت القاهرة. والذي يجري من خلاله مقابلات عن المهاجرين العرب في الولايات المتحدة، في محاولة لتوضيح كيفية تعاملهم مع واقع عيشهم بعيدًا عن أرض الوطن.
البرنامج الذي تم تصويره بالكامل في الولايات المتحدة، التقى 60 شخصية عربية وإسلامية، ممن يقيمون بالولايات المتحدة للحديث عن أوضاعهم في هذا البلد، ويتنوع ضيوف البرنامج، ما بين سائق أجرة ومذيع وناشط سياسي، في محاولة لرسم صورة شاملة لأوضاع العرب والمسلمين في أمريكا، وربما لاحقا في دول الغربة.
قبل أن نشاهد أي حلقة نجزم بأنه سيكون ناجحا وعابرا للفضائيات، فالفكرة الحية لا تموت، مهما مورس القمع عليها، إضافة إلى أن الجغرافيا لم تعد عائقا في ظل الشبكات العالمية، وهذا يؤكد أن إعلاميا حقيقيا قد يغير الكثير، ويثير جلبة لا تهدأ بينما تخفق جيوش من الإعلاميين في دحر ذبابة.

سروال كارداشيان بين «واشنطن بوست» و موقع «بيبير»

وما دمنا في هذا العالم السوريالي، فان هناك معركة تدور، لا علاقة لها بـ»داعش» ولا الحرب في سورية ولا ملف إيران النووي، هذه الحرب بين صحيفة «واشنطن بوست» وموقع «بيبير» حول سروال كيم كارداشيان الداخلي وصورها العارية، التي جذبت للموقعين أكثر من عدد سكان الشرق الاوسط!
والحرب حول صور المرأة العارية تماما وفي وضعيات مختلفة، ليس حول المسألة الأخلاقية التي تسمح بنشر هذه الصور أو لا تسمح، أو حول معيار الجمال وعناصره ومكوناته وأسراره، بل حول تحطيم الرقم القياسي بعدد الناقرين على الصور والداخلين على الموقعين حتى قبل أن تنشر هذه الصور رسميا في مجلة «بيبير».
هذه المواقع شأنها شأن وسائط التواصل والفضائيات تتبارى من أجل الإنتشار والربح- لمخاطبة لا وعينا وغرائزنا الباطنية المستنفرة، وهي ربما كانت على الدوام سياسة الغرب للسيطرة على اللا وعي الجمعي عندهم وعندنا. ورحم الله إنشتاين وعلومه اذا تغلبه صورة عارية!

[/JUSTIFY]

٭ كاتب من أسرة «القدس العربي»

أنور القاسم
13qpt997