حوارات ولقاءات

الخبير الإستراتيجي البروفسور حسن مكي: الترابي غير مرحب به من قبل مصر والسعودية

الأمل بقرب تحقيق إجماع سياسي بات محل شك خاصة بعد أن دشنت مفوضية الانتخابات الإجراءات الأولية لانطلاقة الانتخابات، وفي ظل الاستعدادات الكبيرة والمبكرة للمؤتمر الوطني الذي أعلن مرشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، فإن درجة التشاؤم قد ارتفعت عند البعض.

هل من الممكن أن يظل المشهد على ما هو عليه إلى خمس سنوات قادمة أم أن المشهد قابل للانفجار، أم سيطفو حل سحري على سطح الساحة السياسية يحول دون سيناريو الانزلاق نحو الهاوية.

“الصيحة” جلست مع المفكر والخبير الإستراتيجي البروفسور حسن مكي وقرأت معه المشهد السياسي مصحوباً بالتطورات الأخيرة على مسرح الحزب الحاكم، عطفاً على التطورات التنظيمية والحزبية التي حدثت فيه مؤخراً.

أجراه: فيصل عبد الرحمن

* كيف تقرأ تداعيات المشهد السياسي الآن؟

– المشهد الآن عزف سياسي منفرد من قبل القيادة السياسية حتى الحزب الحاكم ليس شريكاً في هذا العزف، وهذا ينقاقض كونه حزب مؤسسات.

* ما هي الفرص الأوفر حظاً لتشكيل مستقبل البلاد؟

– لا أدري ما هي الفرص.. كان قبل أيام يحدثني دبلوماسي انتهت فترة عمله بالبلاد أننا نردد في أسطوانة مشروخة، فمنذ أن جاء إلى البلاد والقيادة السياسية تتحدث عن أجندة لا زالوا يتحدثون عنها إلى اليوم، مثل المصالحة والحوار الوطني ووقف الحرب. والمشفقون على هذا البلد محتارون من حالة الضياع والشتات وإهدار الفرص لبناء دولة قوية.

المشاركون في المؤتمر العام للمؤتمر الوطني حقيقة تكشف عن بؤس العلاقات الخارجية للحزب الحاكم، ففي الوقت الذي يهللون فيه بمشاركة ثلث دول العالم لا تعدو كونها مشاركة فارغة المدلول والمعنى، حيث لم تشارك مصر سوى برجل مرتبط بمشروعات استثمارية مع الحكومة، ويريد أن يحافظ عليها، كما أنه لا يعدو أنه رئيس حزب شائخ، والمشاركة الأثيوبية والأرترية كانت بوزراء ليس من أصحاب الشوكة، وأكبر تمثيل كان من تركيا، حيث مثلت بواحد من أحد الثمانية الذين يقودون الحزب الحاكم في تركيا. ويبدو أن الحزب يعاني من عزلة حتى من أصدقائه.

* هل تعتقد أن المؤتمر الوطني يفكر جدياً في حكومة أو فترة انتقالية؟

– أعتقد الآن أن الرئيس البشير يمكنه أن يمضي في الحوار، وأن يقدم كل ما يمكن بما في ذلك الكرسي، إذا وجد تجاوباً من الآخرين.

* هل يمكن اعتبار الحوار المجتمعي بديلاً للحوار الوطني في حال فشله؟

– الحوار المجتمعي لا أحد يعرف مغزاه ولا المطلوب منه، ولا أهدافه ولا حتى المشاركين فيه. هو شيء مجهول بلا أجندة ولا خارطة طريق، ربما لمجرد استغلال أسماء المشاركين فيه للوصول إلى أهداف تخص المؤتمر الوطني كما يعتقد بعض ممن التقيتهم من عضوية الحوار المجتمعي.

* إذن كيف يبدو الحوار الوطني وهو يئن تحت مطامع المؤتمر الوطني؟

– أصلاً أنا لم أكن أظن أن الحوار الوطني يفضي إلى شيء، بل كنت أعول على المؤتمر الوطني أن يعكس قوى الإصلاح رغم أنه من الصعب جداً أن يحدث إصلاحٌ خارج إطار المؤتمر الوطني، فكان من المأمول أن ينفذ المؤتمر الوطني وثيقة الإصلاح التي أجازها، ولكن يبدو أن ذلك تم تجاهله ولم يرتق المؤتمر الوطني إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه، بل للأسف الشديد ارتكن إلى المصالح الذاتية والشخصية بعد أن قدم عشرات الآلاف التضحيات الجسام وتحول إلى مشروع حكم فقط.

* هناك من يعتقد أن ترشيح البشير هو ضمانة للحوار ويعزز فرص التحول؟

– ليس مطلوباً من البشير أن يقوم بكل شيء، ولكن المطلوب منه أن يقوم بالقليل كان عليه أن يعزز النموذج الإسلامي الذي هو قطعاً مختلف عما هو سائد الآن، وتأريخناً قائم على الثنائية، خليل والأزهري والسيد عبد الرحمن والسيد الميرغني، وأخيراً البشير والترابي، لأن الثنائية تختزل القضية في شخص وشخصين كان عليه أن يستبدل هذه الثنائية بنموذج إسلامي حقيقي كنا نريد النأي عن منطق الثنائيات.

* ما سر ترشيح المؤتمر الوطني للبشير، هل انعدمت البدائل داخل المؤتمر الوطني؟

– أعتقد أن المؤتمر الوطني لا يمكن أن يلام، فتيار الإصلاح وقف بقوة في مجلس الشورى، فالذين تغيبوا عن الاجتماع سواء بدوافع الإصلاح أو بدوافع أخرى، والذين صوتوا ضد الرئيس.. ولهذا يمكن القول إن المؤتمر الوطني به نسبة إصلاح معتبرة.

* ألا تعتقد أن التيارات والأجنحة المتصارعة آثرت البشير على التنافس الذي ربما ضرب وحدة الحزب؟

– لا لا.. لا أعتقد أن الحسابات هي كذلك، بل هي ذاتية وشخصية. فالوالي يستمد قوته من الرئيس فذهاب الرئيس ربما يعني ذهابه هو أيضاً، ولهذا فهو ينافس الآخرين.. وعموماً فقد كان من المأمول أن ينفذ المؤتمر الوطني وثيقة الإصلاح التي أجازها، ولكن يبدو أن ذلك تم تجاهله.

* هل هناك عناصر إقليمية ربما تدخلت بقوة في إعادة ترشيح البشير؟

-لا لا.. لا أعتقد بل هم يتعاملون معه كأمر واقع.

* كيف سيتعامل البشير إذاً مع الواقع القديم المتجدد، حروب واقتصاد يتداعى وعلاقات خارجية سيئة؟

– ما لم يستطع أن يفعله خلال خمس وعشرين سنة لن يفعله خلال خمس سنوات، وما لم يستطع أن يفعله خلال الطفرة البترولية لن يستطيع أن يفعله في ظروف التقشف.

* هل تعتقد أن الممارسة في المؤتمر العام أشبه بالديمقراطية المقلوبة؟

– تراثنا الثقافي والاجتماعي يخلو من الديمقراطية، لأن ابن الشيخ يرث السجادة وابن العمدة يرث السلطة، ولكن الأهم هو إدارة سياسية قادرة على توظيف الموارد وتوفير لقمة العيش ومحاربة الفساد، أما الديمقراطية المتمثلة في سيادة حكم القانون والحريات فهي بعيدة المنال بل كنا نأمل فقط من المؤتمر الوطني أن يجدد نفسه من الداخل حتى لا يحدث إنفجار.

* إذن تتوقع انفجاراً سياسياً على ضوء ذلك؟

– أرجو ألا يحدث ذلك، وأنا أدعو الله في سجودي ألا يحدث هذا الانفجار، ولكن أرى انسداداً سياسياً ينذر بالخطر والتجارب حولنا جلية.

* ومع ذلك فهناك من يقول إن وضع البلاد لا يحتمل مغادرة البشير للمشهد فوجوده ضمانة للسلام والحوار؟

– الذين يقولون ذلك مخطئون.. هناك تجارب دولية مماثلة فلبنان التي تعيش ظروف داخلية أسوأ فهي لأكثر من ستة أشهر بدون رئيس والحكومة تباشر مهامها وإيطاليا تمر عليها الأزمات وهي بدون رئيس، وهنا لا أدعو أن تكون البلاد بدون رئيس لكن كان يجب أن يسمى رئيس مجلس وزراء لقيادة مرحلة انتقالية تشرف على انتقال سلس للسلطة.

* هل تعتقد مواقف الرئيس وتصريحاته بخصوص إعلان باريس قد باعد الشقة بينه وبين حزب الأمة، خاصة بعد تصريحه بأن الصهيونية لعبت دوراً في التقريب بين المهدي والجبهة الثورية؟

– السياسة السودانية ليس فيها موقف مطلق، فجوزيف لاقو وقرنق كلاهما كانا على علاقة مع الصهيونية، ولكن في نهاية المطاف وصلوا إلى تسوية سياسية بالمفاوضات، وأنا لا أعرف أن ثمة تدخلات صهيونية في علاقات المهدي بالجبهة الثورية، ولكن في السياسة ليس هناك باب مغلق مطلقاً.

* هل تتوقع مشاركة أحزاب الحوار في الانتخابات المقبلة؟

– هذه الأحزاب أحزاب ضعيفة ولا تملك برامج، وأغلبها قائم على الشخصنة، فإذا كان المؤتمر الوطني في حالة بيات خمسة وعشرين عاماً، فهذه الأحزاب في حالة بيات سياسي وتنظيمي منذ خمسين عاماً. هذه الأحزاب ظهرت بعد ثورة أكتوبر. أما الحوار بشكله الحالي فلا أتوقع له أي ثمار خاصة أن الانتخابات تفصلنا منها خمسة أشهر فقط.

* أين يقف بروف مكي مع دعوة هذه الأحزاب التي تنادي بتأجيل الانتخابات وقيام حكومة انتقالية؟

– تجدني أقف بشدة مع الحكومة الانتقالية، لأن الحكومة ستمثل كل الأحزاب بتصنيفاتها وأوزانها المختفة، والأجدر أن تكون هنالك حكومة انتقالية مثل حكومة سر الختم الخليفة أو الجزولي دفع اللَّه، ومهمتها هي القيام بإنجاز مهام محددة وهي إعادة هيبة القضاء، وسيادة القانون ومحاربة أشكال الفساد ووضع قانون الانتخابات ورفع الحصار الاقتصادي ودفع مديونية السودان وحل المشكلات الاقتصادية وتصفية النزاعات.

* كيف تقرأ زيارات البشير الأخيرة للمملكة العربية السعودية ومصر، ومدى انعكاساتها على الأوضاع في السودان؟

– زيارة البشير للمملكة العربية السعودية من المؤكد أنها زيارة مهمة جداً، لأن السعودية تعد من أهم البلدان بالنسبة للسودان، وفور عودة البشير من السعودية بدا السودان يقطف ثمار الزيارة فقد، انخفضت أسعار الدولار، ومع ذلك فإن الواقع يقول إن السودان لا زال يمر بظروف صعبة رغم أن الخريف هذا العام يوصف بالمميز كذلك العقوبات الاقتصادية وتشديدها وسداد منافذ ديون السودان المالية الخارجية سوف يؤدي أيضاً إلى صعوبات.

* وماذا عن زيارته لمصر؟

– أعتقد أنها أيضاً زيارة مهمة، ومبلغ أهميتها أنها جاءت في أعقاب زيارة المشير السيسي لأميركا. وأعتقد أن الزيارة قد تناولت الملفات الثلاثة بين البلدين، وهي ملف فتح المعابر الثلاثة والذي في تقديري أعتقد أنه ومهما كانت التكلفة السياسية فإنها سوف ترفع الحصار جزئياً، أما الملف الثاني فهو ملف حلايب وشلاتين، ولكن لا أعتقد أنه شكل أولوية خلال مباحثات الرئيسين، والملف الثالث هو ملف مياه النيل، فمصر مرغمة على تقديم السبت حتى تجد الأحد من السودان، لأن مستقبلها المائي يتوقف على السودان.

* كيف تقرأ تقارب البشير والترابي الأخير؟، خاصة حضور الترابي مؤخراً في مشهد المؤتمر الوطني بطريقة لافتة؟.

– قد يكون هذا صحيحاً، وهناك معلومات عن تواصل بين الفريقين، لكن حدوث تسوية أحادية بين البشير والترابي لن يحل مشكلات السودان، بل المطلوب تسوية سياسية شاملة للبلاد تستوعب كل الأحزاب والقوى السياسية والوطنية بالبلاد، وهذه التسوية لا بد أن تتضمن إجراءات انتقالية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات جديدة تؤدي إلى إبراز قيادة سياسية وحزبية جديدة تسهم في إنقاذ السودان، مع الأخذ في الاعتبار أن الترابي غير مرحب به من قبل بعض الجهات العربية، كمصر والسعودية، لذا فإذا حدثت تسوية أحادية بينهما فإن الوضع سيزداد سوءاً.

* هل يرى البروفسور مكي بديلاً فكرياً أو مرجعياً للحركة الإسلامية على الساحة السودانية؟

– نظرياً لا يوجد غيرها بالساحة السودانية، فهي لم تُعد المظلة التي يستند عليها المؤتمر الوطني أو المؤتمر الشعبي، فهي أصبحت حركة مجتمعية تملك وتدير آلاف المساجد و(الزوايا)، كما أصبحت برامج التعليم العالي تقوم على التعاليم الإسلامية، والحركة الإسلامية صارت أكبر من الجماعة المنظمة التي تريد الوصول إلى السلطة عن طريق الراية الدينية أعتقد هذا التعريف تجاوزته الحركة الإسلامية في السودان.

* إذن ما المطلوب من الحركة الإسلامية السودانية لتعود كما كانت قبل الانشقاق الذي أصابها قبل خمسة عشر عاماً؟

– الحركة الإسلامية أصبح مطلوباً منها أن تُجابه مطلوبات النظام العالمي

والتحوّل الإسلامي، وأصبح منوطاً بها إيجاد القراءات لوضعية الثقافة

الإسلامية في الدولة المدنية، وفي عصر تداخل الثقافات وبروز الإنسان

العالمي الملتزم بالثقافة العالمية التي من مكوناتها الثقافة الإسلامية.

الصيحة

‫3 تعليقات

  1. [B]هذا امر ليس بجديد لكن لماذا نفس هذه الدول ترفض الطائفيه ببلدانها وتدعمها عند الاخرين لماذا الميرغني مرغوب فيه هل فعلا هم اولاد البيت ووووولا الشغله ليس العامل الوحيد لتخلف وتكدس او بالاحرى ما نسميه نحن الكنكشة في المناصب مفروضه على المواطن من الخارج لان كل شيء ظل بالمال فلان رئيس حزب يظل الى الممات . هنا عدا تاريخي على حزب الامة من قبل مصر لكن رئيس حزبه منبطح حاول التقرب والقربان بمساندة الانقلاب ينكر الانقلاب المصري ويقول انا تم قلب حكمي [/B]

  2. انت ماشي لمصر والسعودية ليه السؤال هل مرحب به من قبل الشعب السوداني ؟؟

  3. فلسفة الكيزان دي تعبنا منها يا كابتن
    بالله عليكم اتركوا السياسة واذهبوا للدعوة عشان تكونوا أخوان فعلا
    فشلت فشلا ذريعا في السياسة والمحصلة اقل من الصفر
    يعن الدولار كان 5 جنيهات اليوم 10000 جنية
    والبلد محاصر والحروب مولعة رغم فصل الجنوب
    الناس جائعة وهجت تركت البلد
    ومشروع الجزيرة راح والسكة حديد راحت وسودانير راحت والكثير الكثير راح كفى بالله عليكم تنظير لا نستطيع تحملكم يا حسن مكي