الطيب مصطفى: جمال الوالي وضريبة الشهرة
لم أكن أعلم أن النائب البرلماني مهدي أكرت الذي تولَّى كبر الحملة على البنك لا يمتلك هو ومن يمثلهم أكثر من 1% من الأسهم، كما لم أكن أعلم أن أكرت يبرِّئ جمال الوالي من أية اتهام بتجاوزات ارتكبها في حق البنك، إلى أن تأكد لي ذلك من خلال بعض الأخبار والتصريحات الصادرة عن الرجل.
الأعجب أن الحملة لم تبرِّئ جمال الوالي فحسب وإنما كشفت ما كان مجهولاً عن نجاحات حققها البنك لم تكن معلومة من قبل، ومن ذلك مثلاً أن الإدارة الحالية للبنك ـ وتشمل رئيس المجلس جمال الوالي والمدير العام ـ تمكنت من خفض التعثر الموروث من الإدارة السابقة إلى 85 مليار جنيه بعد أن كان 185 ملياراً، كما أن نسبة التعثر لم تزد عن 3% طوال فترة الإدارة الحالية، ولم يرد اسم بنك الثروة الحيوانية ضمن البنوك الفاشلة القابلة للتصفية والتي لم يتناولها الإعلام ولم يتصد لإطلاق حملة التشهير بها مساهموها الذين يُفترض أنهم الأحرص على سمعتها حمايةً لها من الانهيار الذي يُعتبر التشهير أحد أهم معاوله ومسبباته.
هذه يا جمال ضريبة الشهرة والتصدي للعمل العام، فلو كان رئيس بنك الثروة الحيوانية شخصاً مغموراً أو خامل الذكر لما أحدثت القضية كل هذا الضجيج ولما صنع الإعلام من الحبة قُبَّة.
رغم ذلك فإن أي تجاوز مهما كان صغيراً ينبغي أن يجد حظه من الاهتمام سيما بعد أن تدخَّل المُراجع العام ولم أعنِ البتَّة أن التجاوزات التي أثبتتها المراجعة في البنك المذكور صغيرة، فذلك شأن يحكم على صغره أو كبره أهل الاختصاص، إنما أعني أن هناك قضايا أخطر وتجاوزات أكبر في كثير من البنوك والهيئات والمؤسسات الحكومية لم تجد ذلك الاهتمام ولم تنتزع مانشيتات الصحف، بل إن هناك ما أُسكتت الأقلام قهراً عن تناوله رغم ما في ذلك من خرق للدستور والقانون!
أثق في أن جمال الوالي الذي حقَّق نجاحات لا تُحصى في كل المجالات التي تولَّى أمرها سيخضِع ما قيل عن بعض التجاوزات للفحص والتدقيق من خلال مجلس الإدارة بالرغم من أني أقدِّر تماماً أن المُعالجات التي أقدمت عليها إدارة البنك لم تقصد بها إلا الإصلاح.
الشيخ عبد الله أزرق طيبة
خلال لقاء سياسي التأم قبل نحو شهرين بجنينة الهندي بحلة كوكو ضم عدداً من الأحزاب المعارضة المحاورة والمقاطعة للحوار الوطني تعرفتُ لأول مرة على الأستاذ يوسف محمد زين الذي تكرَّم بزيارتي ليقدِّم لي صورة أخرى غير التي عرفت عن الشيخ عبد الله (أزرق طيبة) الذي لطالما ناصبته العداء وشننتُ عليه من خلال مقالات صحفية هجوماً كاسحاً بسبب استقباله عدوِّي اللدود باقان أموم صاحب التصريح الشهير الذي قاله عند مغادرته الخرطوم عقب الانفصال: (ارتحنا من وسخ الخرطوم)!
الأخ يوسف حكى لي عن مواقف يعرفها عن شيخه أزرق طيبة (خليفة العركيين ورئيس السجادة القادرية) تمنح من يتصف بها مكانة عليا في مدارج السالكين إلى الله، فقد أطنب في الحديث عن زهد الرجل وتجرُّده وتواضعه وعبادته ودعوته إلى الخير وحبه للمساكين ومساعدته لذوي الحاجات وغير ذلك كثير من مكارم الأخلاق، فقلت له إنني سمعت كلاماً شبيهاً لذلك عن الرجل من الشيخ محمد المنتصر الأزيرق.
دافع أستاذ يوسف كذلك عن استقبال شيخه عبد الله لباقان نافياً أنه وشَّحه شال الطريقة القادرية الذي قال إن باقان جاء متشحاً به من زيارات سابقة لشيوخ آخرين زارهم قبل أن ينزل ضيفاً على شيخ عبد الله، كما قال إن أزرق طيبة لا يوصد بابه أمام زائر مهما كان معتقده أو رأيه فهو داعية يبذل الدين للجميع .
تحدث الأخ يوسف عن دور الشيخ عبد الله في جمع الصف الوطني وجاء مُحمَّلاً بأوراق وبيانات أصدرها الشيخ أزرق طيبة منذ ما قبل نيفاشا وبعدها حاول من خلالها رأب الصدع بين جميع المكونات والقوى الوطنية بما في ذلك الحركات المسلحة وذلك بهدف انهاء الحرب وتحقيق السلام.
من بين الوثائق التي رأيتها وجدت خطاباً من شيخ عبد الله للرئيس البشير يحمل ذات المعاني والأهداف النبيلة، ومما قاله الأخ يوسف إن الشيخ أزرق طيبة يتمتع بقبول لدى معظم القوى السياسية بما في ذلك حملة السلاح وهو على استعداد للقيام بوساطة تجمع الصف الوطني وتنجح الحوار.
أرجو من بروف غندور ومن جميع القوى السياسية وقد مدَّ الشيخ أزرق طيبة يده بيضاء من غير سوء بهدف رأب الصدع وإنجاح الحوار أن يُستفاد منه في التقريب بين المتخاصمين المسالمين والمحاربين من القوى السياسية وذلك حتى تعبر بلادنا إلى بر الأمان.
الطيب مصطفى- الصيحة
لا حول ولا قوة الا بالله