الطيب مصطفى: الدعاوى التي تخضع لها الصيحة وناشرها ورئيس تحريرها حتى اليوم لا تحتاج إلى تعليق
يخطئ المسؤول أيَّاً كان موقعه عندما يتعسف في استخدام السلطة لحماية نفسه من النقد والتقويم ويخطئ أكثر عندما يعادي الصحافة والصحافيين فلو كان من حاول إخضاع الصحافة لسلطانه حكيماً لتجنّب فتح أبواب جهنم على نفسه من خلال استعداء الصحافة عليه ولو عمل بقيم الإسلام لعلم أن الراشدين من الخلفاء كانوا يحرّضون الأمة على بذل النصح لهم حتى ولو من خلال التقويم بالسيوف.
المبادرات التي قام بها الاتحاد الجديد للصحافيين تجعلنا نشدُّ على أيدي رئيسه وأمينه العام وأعضائه ذلك أن هذه المهنة تحتاج إلى الكثير في سبيل ترقيتها لكنها أكثر حاجة إلى توفير الحريات من خلال تأمين الصحافي من القهر والاذلال والتخويف والتركيع.
إن أهم ما ينبغي أن يهتم به الاتحاد أن ينكبَّ على دراسة التشريعات المتعلقة بالصحافة والصحافيين حتى تتسق مع الدستور الذي يوفّر حريات كفيلة بحماية حرية التعبير والنشر ولعل أول ما ينبغي أن يُزال تلك القوانين المقيّدة للحريات والتي تتعارض مع الدستور وهل أدلَّ على ذلك من عدم خضوع الأجهزة لسلطان الدستور من خلال تجاوزها لأحكام المحكمة الدستورية؟
هنا يأتي دور مولانا رئيس القضاء الذي انتصر للدستور وأثق في أنه سيعمل على الانتصار لسلطة الأجهزة القضائية حتى تنهض بدورها الوطني في تحقيق العدالة التي بدونها يخضع الوطن والناس جميعاً لشريعة الغاب وما أبشعها من شريعة تلك التي تستقوي فيها الأسود بسلطتها وقوّتها لتفتك بالغزلان والأرانب.
إذا كان بروف حيدر دفع الله قد انتصر للقضاء وأزال ذلك النتوء السرطاني الظالم في ود مدني فإن منظومة العدالة لن تكتمل ما لم ينصلح حال النيابات من خلال فصل منصب النائب العام الذي ينوب عن الأمة والشعب عن منصب وزير العدل السياسي الذي يخضع لسلطة الحزب والحكومة التي ينتمي إليها.
لقد رأينا نحن في (الصيحة) وقبلها في (الانتباهة) عجائب من خلال إساءة استخدام السلطة وعندما يكون حاميها حراميها فعلى الدنيا السلام ولا يمكن للقضاء أن يستقيم ما لم يستقم الشق الآخر من العدالة في النيابات وما أدراك ما النيابات؟!
عندما انفجرت قضية مكتب الوالي كتبنا وتساءلنا كيف لوكيل وزارة العدل أن يكّون لجنة تحقيق في قضية الأراضي وهو الذي كان مديراً للأراضي خلال فترة سابقة قد تضطر اللجنة التي كوَّنها إلى مساءلته حولها؟!
في فمي كثير من الماء، وما قلته كافٍ إلى حدٍّ لاستثارة الأسئلة ولا أريد أن أفتح المواجع فالدعاوى التي تخضع لها الصيحة وناشرها ورئيس تحريرها حتى اليوم لا تحتاج إلى تعليق، لكن عزاءنا أن لكل أجلٍ كتاب ولو دامت لغيرهم لما وصلت إليهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون !.
وهل آفة الأخبار إلا رواتها؟
عجبتُ أن تسكت سلطات الولاية الشمالية عن نفي الخبر الكاذب الذي ملأ مانشيتات الصحافة المحلية وربما تناقلته وكالات الأنباء العالمية والذي استدعى عدداً من المقالات في صحفنا كان من بينها زفرة حرى مني لطمتُ فيها الخدود وشققتُ فيها الجيوب منبهاً إلى خطر متوهّم تشكله العمالة الإثيوبية على أمننا الصحي!
الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم تحدث عن ترحيل (2000) إثيوبي من محلية الدبة جراء اكتشاف (66) حالة من التهاب الكبد الوبائي وعدد من حالات الإصابة بالإيدز من بين عدد قليل من عينة عشوائية أُجريت عليها فحوصات طبيَّة والعجب العجاب أن الخبر المضروب نُسب إلى معتمد المحلية وإلى الهيئة الشعبية لتطوير الدبة واتضح أن الجهتين لم تصرحا البتَّة بل نفتا الخبر فيما بعد، وأكد المعتمد عصام علي عبد الرحمن أن عدد اللاجئين الإثيوبيين لا يتجاوز (320) شخصاً وأن من تم إبعادهم لا يتجاوز الستة وأن الإبعاد تم بأمر قضائي حيث تم تسليمهم لإدارة الجوازات بالمحلية!
من الملوم على انتشار الخبر وعلى التعليقات الظالمة التي صاحبته وهل هناك جهة ينبغي أن تحاسب من تسبب في تشويه صورة الجالية الأثيوبية بغير ذنب جنته؟
لا أملك إلا أن أعتذر عن نقل خبر مثخن بالجراح وأُحمّل سلطات الولاية الشمالية المسؤولية عن عدم نفيه من خلال مؤتمر صحفي أو أية وسيلة أخرى ولولا عمود الأستاذ الطاهر ساتي لما عرفت الحقيقة وكتبت هذه الأسطر فالشكر له على التوضيح علماً بأنه نسب الخبر إلى قناة الشروق الفضائية!
الطيب مصطفى-الصيحة