نبيل غالي

الوطن.. الدومة

[JUSTIFY][SIZE=5] [CENTER]الوطن.. الدومة
[/CENTER]

*في قصته ذائعة الصيت (دومة ودحامد).

*تلك البلدة لو جئتها شتاء فإن أسراب (النمتي) لن تعتقك.

*وإن حضرت إليها صيفاً يحاصرك (ذباب البقر).

*وذاك الذباب قام (بتطفيش) الواعظ الذي أرسلته الحكومة إلى البلدة.

*لأن وجهه قد تورم من اللسعات وانسدت عيناه وصار الوجه مثل (الفشفاش).

*وللتخفيف عن مصيبته نُصح بزيارة (دومة ود حامد)..

*ولكنه رفض حتى لو كانت الدومة (دومة الجندل) وأرسل مستجيراً بالحكومة لإقالة عثرته ورحل بعد ذلك.

*وفي عهد الحكم الأجنبي قررت الحكومة إقامة مشروع وتكون مكنة الماء في موضع (الدومة) التي أمرت بقطعها..

*فقاوم أهل البلدة مفتش المركز وأعانهم (الذباب).

*فارتحل المفتش ولم يقم المشروع وبقيت (الدومة).

*ما من أحد زرع تلك الدومة.. وخاصة أن الأرض التي نبتت عليها كانت حجرية..

*كل جيل في البلدة يجيء (يجد الدومة كأنما ولدت مع مولده ونمت معه).

*وصارت جزءاً لا يتجزأ من نسيج أحلام أهل البلدة وحكاويهم..

*فما من رجل أو امرأة أو طفل بالبلدة إلا وكانت (الدومة) تجري في أوصاله مجرى الدم في العروق.

*وفي العهد الوطني أرسلت الحكومة موظفاً إلى البلدة لإقامة محطة باخرة واختارت موقع (الدومة)..

*وأن الباخرة سوف ترسو في الموقع عند العصر.

*وهذا الوقت تتم فيه زيارة الأهالي ضريح ود حامد عند الدومة.

*فنصح الموظف أهل البلدة (بتغيير) يوم الزيارة.

* (لو أن ذلك الموظف قال لأولئك الرجال في تلك اللحظة أن كل منهم ابن حرام لما أغضبهم كما أغضبتهم عبارته تلك).

*وكادوا يفتكون بالرجل لو لا التدخل فهرب بجلده..

*وبقيت زيارة الضريح وذبح النذور كل أربعاء.

*وعند المرض لا يسارع أهل البلدة إلى المستشفيات (إلا في الشديد القوي) بل يلجأون إلى (الدومة)..

*يقال إن ود حامد كان في زمن سالف مملوكاً لرجل فاسق.

*ود حامد الذي كان من أولياء الله الصالحين حينما ضاق ذرعاً بالفاسق أخذ مصلاته وفرشها على الماء حتى استقر به الوضع عند (الدومة)..

*لا أحد يذكر كيف قامت البلدة وكيف نمت مثل (الدومة)..

*ولم تستطع الحكومة الجديدة التي حلت بعد ذلك أن تستأصل (الدومة من مكانها وإزالة الضريح..

*لن تكون ثمة ضرورة لقطع الدومة.. ليس ثمة داع لإزالة الضريح.. الأمر الذي فات على هؤلاء الناس جميعاً أن المكان يتسع لكل الأشياء يتسع للدومة والضريح ومكنة الماء ومحطة الباخرة).

*ألا رحم الله حكيمنا الشامخ المبدع الطيب صالح..

*لقد قال حكمته الرمزية ومضى..

*إن هذا الوطن يتسع للجميع.. للمؤتمر الوطني.. وأحزاب المعارضة وللحركات المسلحة وأسراب النمتي وذباب البقر

صورة وسهم: صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]