الوطن.. الدومة

[/CENTER]
*في قصته ذائعة الصيت (دومة ودحامد).
*تلك البلدة لو جئتها شتاء فإن أسراب (النمتي) لن تعتقك.
*وإن حضرت إليها صيفاً يحاصرك (ذباب البقر).
*وذاك الذباب قام (بتطفيش) الواعظ الذي أرسلته الحكومة إلى البلدة.
*لأن وجهه قد تورم من اللسعات وانسدت عيناه وصار الوجه مثل (الفشفاش).
*وللتخفيف عن مصيبته نُصح بزيارة (دومة ود حامد)..
*ولكنه رفض حتى لو كانت الدومة (دومة الجندل) وأرسل مستجيراً بالحكومة لإقالة عثرته ورحل بعد ذلك.
*وفي عهد الحكم الأجنبي قررت الحكومة إقامة مشروع وتكون مكنة الماء في موضع (الدومة) التي أمرت بقطعها..
*فقاوم أهل البلدة مفتش المركز وأعانهم (الذباب).
*فارتحل المفتش ولم يقم المشروع وبقيت (الدومة).
*ما من أحد زرع تلك الدومة.. وخاصة أن الأرض التي نبتت عليها كانت حجرية..
*كل جيل في البلدة يجيء (يجد الدومة كأنما ولدت مع مولده ونمت معه).
*وصارت جزءاً لا يتجزأ من نسيج أحلام أهل البلدة وحكاويهم..
*فما من رجل أو امرأة أو طفل بالبلدة إلا وكانت (الدومة) تجري في أوصاله مجرى الدم في العروق.
*وفي العهد الوطني أرسلت الحكومة موظفاً إلى البلدة لإقامة محطة باخرة واختارت موقع (الدومة)..
*وأن الباخرة سوف ترسو في الموقع عند العصر.
*وهذا الوقت تتم فيه زيارة الأهالي ضريح ود حامد عند الدومة.
*فنصح الموظف أهل البلدة (بتغيير) يوم الزيارة.
* (لو أن ذلك الموظف قال لأولئك الرجال في تلك اللحظة أن كل منهم ابن حرام لما أغضبهم كما أغضبتهم عبارته تلك).
*وكادوا يفتكون بالرجل لو لا التدخل فهرب بجلده..
*وبقيت زيارة الضريح وذبح النذور كل أربعاء.
*وعند المرض لا يسارع أهل البلدة إلى المستشفيات (إلا في الشديد القوي) بل يلجأون إلى (الدومة)..
*يقال إن ود حامد كان في زمن سالف مملوكاً لرجل فاسق.
*ود حامد الذي كان من أولياء الله الصالحين حينما ضاق ذرعاً بالفاسق أخذ مصلاته وفرشها على الماء حتى استقر به الوضع عند (الدومة)..
*لا أحد يذكر كيف قامت البلدة وكيف نمت مثل (الدومة)..
*ولم تستطع الحكومة الجديدة التي حلت بعد ذلك أن تستأصل (الدومة من مكانها وإزالة الضريح..
*لن تكون ثمة ضرورة لقطع الدومة.. ليس ثمة داع لإزالة الضريح.. الأمر الذي فات على هؤلاء الناس جميعاً أن المكان يتسع لكل الأشياء يتسع للدومة والضريح ومكنة الماء ومحطة الباخرة).
*ألا رحم الله حكيمنا الشامخ المبدع الطيب صالح..
*لقد قال حكمته الرمزية ومضى..
*إن هذا الوطن يتسع للجميع.. للمؤتمر الوطني.. وأحزاب المعارضة وللحركات المسلحة وأسراب النمتي وذباب البقر
صورة وسهم: صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]




