خالد حسن كسلا : «الصادق المهدي» لن يعود متهماً!!
إن حزبه يقول إنه سيعود بعد الفراغ من مهمة معينة غادر البلاد من أجلها. إذن ليست عودته كمثل عودة نميري في «22 يوليو 1971م» بعد فشل الانقلاب الشيوعي رغم ما سفكه من دماء وسط الضباط العزَّل في بيت الضيافة.
والمهمة التي غادر من أجلها الصادق المهدي هي تنفيذ برنامج محدد يهدف إلى حوار وطني جاد يؤمه الجميع دون إقصاء أو تمييز أو وصاية من جهة محددة، إذن الصادق وحزبه يسعيان إلى إنشاء حوار وطني موازٍ للحوار الوطني المعروف بـ «7 + 7».
وحينما يقول حزب الأمة «حوار وطني يؤمه الجميع» فالمقصود هو حركات التمرد.. وهذا غريب. لأن هذه الحركات إذا كانت تراوغ وتتمنع حيال المفاوضات التي يمكن أن تجني منها المناصب والامتيازات وغيرها، فبماذا يفيدها «الحوار الوطني» الموازي الذي يقوده الصادق المهدي ومريم الصادق المهدي؟!
وهل الصادق المهدي يريد أن يحضِّر لبرنامج تحالف سياسي بعد أن تعود كل الحركات مضطرة ببوابة المفاوضات هاربة من جحيم الميدان بعد أن درست الحكومة كيف يمكن أن تدحرها حالياً رغم ما تتلقاه من دعم؟! مثل هذا قد حدث حينما عادت الحركة الشعبية بباقانها وعرمانها. فكان تعاملها في الساحة مزدوجاً.. فقد كانت مشاركة في الحكومة بأعلى مستوى حيث منها النائب الأول للرئيس ووزير الخارجية وغيرهما، ومع ذلك كانت تسبح بحمد القوى المعارضة.
ورغم أن نائب رئيس البرلمان كان منها وهو أتيم قرنق، فلم يسعه التصدي لبعض مخالفات أعضائها في الجهاز التنفيذي مثل باقان، ولم يراجع ميزانية الجنوب أو يطلب ذلك من عائدات النفط ليطمئن إلى أن المواطن هناك يتمتع بحقوقه.
فهل هذا هو الوضع الذي ينتظر إعادته وتكراره الصادق المهدي، ولذلك يعد له العدَّة من الآن باللقاءات مع المتمردين قبل أن يجتازوا مرحلة المفاوضات التي تضمن لهم حتى الامتيازات الشخصية لتكون فعلاً تجارة الحرب التي يمارسوها رابحة؟! فعلاً هي تجارة حرب، وإلا ما معناها بعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا؟!
أما بالنسبة لحركات دارفور فإن الأمر ليس أكثر من أن تمردهم تطور لأنشطة عصابات النهب المسلح.. فهم لا يقودون ثورة الريف التي قادها في الصين قبل عشرات السنين ماوتسي. وهم يعيشون رد الفعل لشعور ينتابهم من أبناء مناطق أخرى. وإقليم مثل دارفور لكي ينعم أهله بخيراته وطيباته غير الملوثة بالزيت المكرر والإسفنج، يحتاج منهم إلى الحفاظ على بسط الأمن والاستقرار طبعاً، لكن القوى الأجنبية ترفض ذلك تماماً، ورفضها تغلفه بإثارة النعرات وإبداء الاستعداد لدعم أي تمرد ضد الحكومة، والمخدوعون يركبون الموجة. وهذه الموجة حملتهم إلى سواحل الضياع. فكم من أطفال دارفور خارج النظام التعليمي؟! وكم من نسائها المحبوبات واللَّه العظيم لنجاحاتهن في الحياة الزوجية.. كم منهن يعانين من تردي الخدمات الصحية خاصة للحواصل؟! المرأة الدارفورية داخل بيت الزوجية معناه أن الحياة الزوجية ناجحة بهمتها وصبرها وتفكيرها الإيجابي، وأقل نسبة طلاق في العالم في إقليم دارفور. والآن الصادق المهدي بدلاً من أن ينادي المتمردين بأن يلحقوا بقاعات التفاوض ثم من بعد ذلك يأتون للحوار الوطني، إلا أنه يتعامل بالتنكيس، فهو يريد أن يسبق الحوار الوطني مع المتمردين بالمفاوضات. هذا إما غريب، وإما فيه خدمة سياسية وإعلامية لأسرة الصادق المهدي وعلى رأسها الصادق ومريم. والآن الحكومة تتحدث عن محاكمة الصادق، وحزبه يتحدَّث عن مهمة ذهب إليها. إن هذه المهمة بين السياسة التنظيمية للحزب والمحاكمة الجنائية.
صحيفة الإنتباهة
ت.أ