رأي ومقالات

د.ربيع عبد العاطي عبيد : التشكيل الأفضل للحكومة

[JUSTIFY]٭ من الملاحظ أن الشخص الذى ينوى إنشاء منزل أو إقامة مشروع مميز، لا يسند أمر تنفيذه إلا لمهندسين شقت سمعتهم الآفاق، وحظيت سيرتهم العملية بالإشادة، ونالوا نياشين الإنجاز، وشهادات الخبرة من أرقى المؤسسات، ومن لهم صلاحية التقويم، وتقدير الدرجات العلا فى هذا المجال.
٭ وتشكيل أية حكومة ناجحة، لا بّد أن يستصحب مقاييس التأهيل والتميز فيمن وقع عليهم الاختيار، ولا يكفى أن يقذف هذا الحزب أو ذاك بمن يمثله فى الحكومة لتخرج التشكيلة الوزارية معبرة عن تمثيل لكيانات، وليست تشكيلة يعول عليها لحكم البلاد وإدارة شؤونها.
٭ ففى الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى الدول العربية، لا يكلف وزير بمهمة إلا إذا كان كفؤاً، ومقتدراً، ومشهوداً له بالدراية، وحسن الإدارة، والمعرفة بكيفية سياسة الوزارة التى أنيطت به قياداتها.
٭ ولئن استهدف القائمون بأمر هذه البلاد واستغلال مواردها، وتحسين علاقاتها الخارجية، والتعبير عن رغبة الجماهير لحدوث النهضة التنموية، وتخفيف المعاناة، والسير فى ركب المنافسة الحرة إقليمياً ودولياً، لما ترددوا فى وضع أسس وقواعد عليها يكون الاختيار لمنصب الوزير وغيره من المواقع الحساسة، والرئيسة بالدولة، ولما فتحت الآذان لسماع قولٍ يتجه نحو تقسيم الوزارات على نحوٍ جهوى، أو قبلى، أو السير فى اتجاه ترضية هذه الجهة وتلك الجهة، وهذه الجماعة، وتلك الجماعة.

٭ وقد تنشط فئات شبابية وشرائح تمثل مجموعات ضغط، لتنال قسمة فى السلطة باعتبار أن السلطة غنيمة لا بّد من توزيعها كالأسهم والأنصبة بمثل ما تؤسس بموجبه شركات القطاع العام، أو الخاص وبالتالى يتحقق النفع، ويأخذ الكل نصيبه من الفوائد والأرباح. والحكومة القوية التى يؤمل فى وزرائها والأحزاب المشكلة لها يجب أن تتواءم وحجم التحديات، وتستجيب لما هو عاجل وما ينبغى أن يكون فى المستقبل، والذى يزال من عثرات للماضى وسلبياته. وقد شهد السودان من ذى قبل حكومات اشتجر فيها الوزراء، واضطربت ساعتئذٍ حركة الدولة، بسبب معايير الاختيار المختلة وغياب المنهج القويم، عندما يضطر رئيس الوزراء لملء شواغر الوزارة بكيفية عشوائية لا تنسجم إلا مع ائتلافات حزبية عمادها قسمة الغنائم، وركنها المكسب الرخيص، وقوامها إرضاء زيدٍ وخطب ود عمرو. والآن، ما عادت الدولة ألعوبة بين نخب، ولا الإنابة عن الشعب عبثاً فى البرلمان، وإنما تغير الظرف، وارتفع مستوى الوعى، وعلم المواطن أين تكمن حقوقه، وكيف يدافع عنها، ويحمل من رضى بحملها الوفاء بما توجبه من استحقاقات، إذ لا ينفع بعدئذٍ، الضحك على الذقون، أو إخفاء الرأس فى الرمال كما تفعل النعامة ظناً بأن النّاس لا تراها. فالوزارات التى نرنو إليها فى مستقيل الأيام، لا يريد المواطن أن يعتلى منصتها إلا من ترسخت فى أذهانهم واجباتها، وعلموا بعمق مطلوباتها، ولا فرق بين من هو كفؤ للقيام بالواجب ممن ينتسب لهذا الحزب أو ذاك، ذلك لأن مناط التركيز قد اختلف، ومواصفات الوزير قد اتضحت، ولا مجال لقطٍ مهما انتفخ ليصبح أسداً، ولا لثعلب مهما مكر ليتحول إلى نمرٍ، ولقد ذهب أوان الوزير المصنوع، والمدير الذى يأتى بالاعتبارات الشخصية بينما هو لا يعرف الألف ولا يميزه من اللام ألف.

٭ وتعقيدات العصر وتراكم علومه وتنوع فنونه، قد ألزمت من ينبري للقيادة والوزارة، بأن يكون راسخاً فى علمه وعملاقاً فى معرفته، إذ لا ينتصر فريق لا يكون لاعبوه من الذين خاضوا أشرس المنافسات والمباريات، وألا مني بالهزيمة وأصبح نيله كأس البطولة من سابع المستحيلات وليس رابعها، كما أتفقت بذلك بعض الأقوال والأمثال.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]