رأي ومقالات

د. عابدين بكري احمد: الدوري الممتاز بين التجارة وحق المشاهدة

[JUSTIFY]الدوري الممتاز بين التجارة وحق المشاهدة
للحديث عن موضوع الساعة في الرياضة السودانية والذي يتعلق بالبث التلفزيوني , يجب اولا معرفة الخلفية التاريخية لهذا الموضوع .
فقد أنشأ الاتحاد الدولي قبل فترة ليست بالقصيرة مؤسسة خاصة به تقوم بتوزيع الحصص على المؤسسات الإعلامية حول العالم وبمبالغ معينة تراعي فيها الكثير من الشروط كالوضع الاقتصادي للبلد والإقبال الجماهيري المتوقع ومستوى معيشة الفرد وعدد آخر من الشروط ، فمثلا ما ستطالب به في أوروبا لن يكون هو نفسه في افريقيا. ,ومن هنا جاءت هذه الأرقام الفلكية لعائدات البث كنتيجة منطقية لتزايد الإقبال على مشاهدة مباريات كرة القدم باعتبارها اللعبة الجماعية الاولى في العالم
وبالتالي لن تكون مشاهدة مباريات كرة القدم أمرا سهلا، ولا بالمجان، بعد ظهور تجارة البث الرياضي الذي ابتدعته شبكة تليفزيون العرب ART، ومن بعدها قناة الجزيرة (bean sports) التي صارت تحتكر حقوق بث معظم الدوريات حاليا
في السابق كان الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” يقوم بتوزيع حقوق البث علي المنطقة العربية وافريقيا وآسيا من خلال اتحاد اذاعات الدول العربية، والاتحادات الإذاعية المماثلة في إفريقيا، وآسيا، ويقوم اتحاد اذاعات المنطقة العربية ببيع هذه الحقوق للدول العربية , التي تقوم اتحاداتها ببثها داخليا وبالمجان للمشاهدين ، وكان المبلغ المدفوع من قبل هذه الدول في نقل المباريات معقولا وغير مبالغ فيه ، وكانت الأسعار في متناول كل الدول .
وفجأة تغيرت الصورة , فقد بدا الاتحاد الدولي لكرة القدم ببيع هذه الحقوق لبعض شبكات البث التجارية ، فانتقل امر مشاهدة اللعبة من المتعة الى التجارة ونشأت تجارة ” التشفير الرياضي، الذي يتسم بقواعد جديدة، تجعل المحتكر يفرض شروطه، وأصبح الربح هو القاعدة الحاكمة، بغض النظر عن أخلاقيات الإعلام، والحق في المشاهدة .
ولكن ما هو السبب الذي بموجبه اتجهت الفيفا والدول لبيع حقوق نقل المباريات الرياضية لشبكات البث التجارية وهل للاندية الرياضية دور في ذلك ؟
الاجابة نعم حيث ان الاتحادات الرياضية لكرة القدم ، وفي مقدمتها الفيفا، قد استجابت لضغوط الأندية التي شكت مرات عديدة من ارتفاع أسعار شراء اللاعبين في صفقات الأندية ، فضلا عن القيمة المالية المرتفعة لعقود احتراف اللاعبين ، وبالتالي فإن بيع حقوق البث للمباريات هو الذي سوف يمكن الأندية من الاستمرار في ممارسة النشاط الرياضي الكروي ، وإلا فسوف تندثر كرة القدم في العالم ، ومن هنا قرر الفيفا، والاتحادات القارية الرضوخ لضغوط الأندية ، لتدخل حقوق بث مباريات كرة القدم عالم التجار, وهكذا بدأت فكرة بيع حقوق البث بالمزاد لمن يدفع أكثر، ويصبح من حق الفائز بالمزاد أن يفرض شروطه على الاتحادات الوطنية .
اذا وطالما ان تسيير عمل الاتحادات الرياضية الوطنية للدول ايضا يحتاج الى تمويل , بالتالي فان المبالغ التي تتحصل عليها هذه الاتحادات نتيجة لبيع حقوق البث التلفزيوني تستفيد منها الاندية والاتحادات الرياضية ،وعليه فان الاتحاد السوداني لكرة القدم واندية الدوري الممتاز هي المستفيدة من بيع حقوق البث

ورغما عن كل ذلك فقد اتفقت معظم الاراء على ان الاحتكارات الفضائية ظاهرة سلبية، وان المبالغة في رسوم المشاهدة للمباريات المشفرة قد يؤدي الى التاثير سلبا على ممارسة كرة القدم ، و أن ما يحدث من احتكار يتنافي مع أخلاقيات الإعلام، الذي يجب ألا يكون هدفه الربح فقط، وإنما هناك أهداف اخرى لا يجوز حرمان المشاهد منها .
لكل ذلك فان مسألة بيع حقوق بث الدوري السوداني لكرة القدم يجب ان تراعى فيها امور كثيرة محورها هو معرفة متوسط دخل الفرد في السودان وقدرته على دفع الحقوق التي سوف تطالب بها القنوات الناقلة ، واثر ذلك على نسبة المشاهدة التي تعتبر المعيار الاول لتقييم لعبة كرة القدم ، وبالتالي فان القنوات السودانية الناقلة يجب ان تعطى الاولوية في حق البث دون غيرها التي سوف لن تسمح بالبث المجاني

د/ عابدين بكري احمد عمر
[email]abdeen330@hotmail.com[/email][/JUSTIFY]