منوعات

يفوق عددهم (14329) طفلاً بالخرطوم … تشرد الأطفال.. حينما تغفل الدولة عن دورها!

[JUSTIFY]كشفت موجة البرد التي تضرب البلاد هذه الأيام عن أزمة كبيرة يعانيها المجتمع ولا تثير انتباه الدولة، وهي انتشار ظاهرة التشرد والتي باتت لا تحرك ساكن أحد رغم إفرازاتها السالبة، وبلغت أعداد المتشردين 60 ألف طفل مشرد، كما تقول الإحصاءات، لكن ظهرت تقارير حديثة شبه حكومية تشير إلى أن عدد الأطفال المشردين في السودان يفوق 80 ألف طفل مشرد، غير أنه – ووفقاً لمسح أجرته منظمة اليونسيف لرعاية الأمومة والطفولة – أن ما يقدر بـ 36930 هم عدد الأطفال المشردين في جميع مدن السودان، وتحتضن الخرطوم منهم ما لا يقل عن 14329 طفلاً.

تداعيات الظاهرة كثيرة وخطيرة حيث أشارت إحصائية إلى أن النظام التعليمي يبقي نحو 45% من الأطفال في سن الدراسة خارج أسوار المدارس، ويلحق بهم 18% لعدم مواصلة التعليم إلى المرحلة الثانوية لأسباب اقتصادية أو إفرازات الحرب، فيما يعرف بـ”التسرب المدرسي”، وترسم هذه الإحصائيات صورة قاتمة لوضع الطفل في السودان، وتدق أجراس الخطر الذي يهدد مضاجع المجتمع.

ورغم النشاط المكثف للمنظمات الطوعية الوطنية والأجنبية لمعالجة الظاهرة.. ومع الازدياد المحقق لأسباب الظاهرة الاقتصادية والأمنية… يكون هذا المجال في حاجة ماسة الى العمل الشاق والطويل، ورغم ذلك يطل الفشل والإجراءات الروتينية والديوانية التي تطل برأسها لتعيق عمل هذه المنظمات التي لا تجد بداً من الاستسلام.

تقول مجموعة من هؤلاء “الشماسة” الذين التقيناهم أنهم يعيشون على فضلات أماكن بيع الطعام داخل أسواق الخرطوم المختلفة، وغالباً ما يتم ذلك خلسة دون الدخول في مشادات مع أصحاب هذه المحلات، وعندما يستعصي ذلك يكون طعامهم من بقايا المأكولات التي ترمى في براميل “النفايات”. ويجيب احدهم لا يتجاوز عمره الـ 10سنوات رداً على سؤال من اين اتيت؟ إنه جاء من مدينة سنار وسط السودان.. ويواصل “تركت المدرسة لأني لا أحبها.. ولا أرغب بتاتاً في العودة إليها”…

ويجيب كل من نسأله عن المدرسة من هؤلاء الشماسة ويعبر عن سعادته بهذه الحياة المشردة وعدم رغبته في الدخول للمدرسة .. !! بينما يتحدث آخر 15 سنة: أنا لا أدري من أين أتيتُ ولا أين ولدتُ.. فقط وجدتُ نفسي في هذا السوق ولا أتذكر فرداً من عائلتي.. وأنا داخل المجاري مع صديق.

ويجمع الكثير من هؤلاء الأطفال “الشماسة” على الحب المفرط “للسينما الهندية” وأبطال الأفلام الهندية، وكذلك أجمعوا على عدم زيارتهم للطبيب طوال وجودهم بالشارع والعيش فيه. غير أن هذا الواقع البائس جداً يُخفي تحته، تنظيماً فائق الدقة، يضم في طياته زعيماً، بأركان دولته ولغة رسمية معتمدة، وواقعا اجتماعياً يصل إلى حد تنظيم الزيجات.. والزعيم هو واحد من هؤلاء “الشماسة” أكبرهم سناً وأقواهم بنياناً.. وأكثرهم جسارة.. وهو من يتزعم هؤلاء الأطفال المتشردين ويقودهم في معاركهم مع الجماعات المتنافسة، كما أنه – وهو المسؤول عن توزيع الطعام على تلك الجماعة بالكيفية التي يراها… وهم جميعاً تحت إمرته وتصرفه .. ولا أحد يستطيع العصيان.

ويوجد لكل جماعة من “الشماسة” زعيم معروف – هو على الأغلب كبير في السن نسبياً وقوي الجسم و”يفهمها وهي طايرة”. وأكثر ما يميز فصيل “الشماسة” هي لغتهم الخاصة بهم التي تعرف في اوساطهم بلغة “الراندوق”. وهي لغة لا يفهمها سواهم.. تتبادل بينهم.. وهي ذات رموز ودلالات يفهمها “الشماسة” فقط ومن أبرز مصطلحات تلك اللغة.. التي تضج بالكثير المدهش.. مثل كلمة “المفك” وتطلق على رجل الأمن والفتاة الجميلة بـ “القنبلة”، والشخص الغريب على منطقتهم بـ”اللوز” والمشاكل التي يواجهونها بـ “طلايب” وهكذا.

صحيفة التغيير
ت.أ[/JUSTIFY]