منوعات

يوم لنصرة «النبي» في بيت أُسرة «عصرية»

قالت الطفلة «لُدَن» -4 سنوات – لأبيها:
– «يا أبوي المعلمة في الروضة قالت لينا، أنا مش قلت ليكم تغسلوا ايدينكم بالصابون؟ أنا مش وريتكم في يوم غسيل الايدين»؟
صمت الأب الذي كان يجلس وافراد الأسرة حول مائدة الغداء برهةً.. وسرح بعيداً، ولم يكترث لالحاح طفلته (الدلوعة) الصغيرة وهي تكرر السؤال قائلة: يعني شنو يا أبوي؟ ولاحظت الأم (فاطمة) صمت الأب وإنشغاله بالاكل دون إجابة.. لكنها أدركت ان في صمته كلاماً يمور بدواخله… هذا (بحدسها) ومعرفتها العميقة لزوجها.
وإزاء اصرار الطفلة «الخمجانة وثرثرتها» تناولت البنت الكبيرة (سحر) ـ 15 سنة – عبء الرد على أُختها الصغيرة قائلة:
– «يا لُدَن.. غسيل اليد بالصابون ده يوم عالمي، عملتو الامم المتحدة.. عشان الغسيل مهم بطلع الجراثيم وبمنع الأمراض… فهمتي يا لدن»؟
في هذه الاثناء كان الأب (احمد) مشغولاً بصحن المكرونة الذي وسط السفرة.. كان ينهل منه ويخلطه بالسلطة ويتناوله بالملعقة، وتلك دائما وجبته المفضلة.
قالت له زوجته فاطمة:- «يعني ما عاجباك الشوربة دي؟ .. أن عاملاها مخصوص عشانك. هنا تدخلت (لُدن) في (همجية) وهي تصيح:
– ماما.. ماما.. … انا بحب الشوربة.. يا ماما..
فانتهرها خالد أخوها الاكبر (21 سنة):
– يا بت انتي خمجانة كدي مالك.. ما علموك آداب الطعام في الروضة.. بس علموكم غسيل اليدين؟
فردت عليه «لُدَن» وهي تقرب عليها صحن الكسرة جانباً وقالت:
– «آآآي يا خالد علمونا.. وقالوا لينا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل بيمينك وكل مما يليك».
هنا ابتسم الأب، ورمق (خالد) بنظرة ماكرة وقال له:
– «أدتك درس يا خالد»
– زعل خالد ورد سريعاً على أبيه:
-«يا أبوي البت دي مدلعنها… انت قبيل ما عجبك كلام الغسيل ليه»؟
قالت فاطمة رداً على ابنها خالد:
– «معقول يا خالد؟… لازم تتعلم كيف تخاطب أبوك.. يا ولدي الموضوع ما (دلع) … بالعكس «لُدَن» ذكية وبتحفظ كويس.. لكن انت الما فاهم ابوك بفكر في شنو.. أبوك…..»
وقبل ان تكمل فاطمة حديثها تناول (احمد) الرد مقاطعاً وموجهاً السؤال لابنه خالد:
– «أنت امبارح كنت وين يا خالد»؟
– «امبارح مشينا أنا وصاحبي عمر عشان نشارك في الحشد بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم).
– ورأيك شنو في الحسد؟
– من ياتو ناحية؟
– هل اسلوب الحشود والتظاهرات و(الصرف عليها) صحيحة يا ابني وهل أدت الغرض؟
صمت خالد مدة قبل الاجابة.. ثم قال:
– «أنا في رأيي الخاص نصرة النبي بتكون بالاقتداء بالنبي في كل مناحي حياتنا و….
– و… شنو تاني يا خالد؟
– انا لاحظت ملاحظات في الحشد يا ابوي؟
– زي شنو؟
– في صرف على الحشد.. يعني في عربات ترحيلات خاصة مستأجرة للغرض ده… حقو كان الاموال دي الخصصت للتظاهرة دي تصرف على المحتاجين.. أو على الاقل تدخل في برامج تثقيفية عملية وتوعية.. مثلاً يعني.
وفي هذا الاثناء كانت الطفلة «لُدَن» تتمطى وتتثاءب ففرقعت وقطعت تسلسل الحوار بصيحة قوية:
– «ما خلااااص ياماما جيبو لينا التحلية».
هنا تدخل الأب ضاحكاً قبل ان تحضر (فاطمة) طبق البطيخ والكاسترد وقال:
– طبق التحلية في رأيي يا (خالد) حقو يكون فهمنا الصحيح والمخلص لمعنى نصرة (النبي صلى الله عليه وسلم .. حواركم ده مفيد لكن ينقصه التركيز.
معروف ان غسيل الايدي هو هدى نبوي شريف بل والنظافة وآداب الطعام وحتى آداب قضاء الحاجة ثم الحوار نفسه يا (احمد) و(سحر) ومخاطبة الوالدين وبرهما.. علاقاتنا ببعضنا البعض والارحام والجيران وآداب الطريق واماطة الاذى.. لا ابالغ ان قلت ان حياتنا اليومية منذ ان تصبح وحتى تمسي علمنا فيها الحبيب المصطفى وارشدنا لما ينفعنا ويحفظنا ويدفعنا ويقوينا ويعزنا.. لكن هناك بون شاسع بين المنهج والتطبيق.، وزي ما انتو شايفين يا أولاد نحن في حياتنا (العصرية) دي نستمتع بمعينات ووسائل وفنون حديثة اكتشفها الانسان وطورها. لماذا لا نستصحب كل ذلك في نصرة النبي؟
وجاء سؤال عفوي موحد من الابناء قائلين: كيف يعني يا بابا؟
رد الأب:
– أقول ليكم… انتو عندكم واتساب؟
– وبصوت جماعي) نعم..
– عندكم (قروبات) واصحاب واحباب واهل وقرايب وجيران؟
– (بصوت جماعي): نعم.
– ممكن تدخلوا على النت وكتب السيرة النبوية العطرة وتمحصوا منها ما هو متفق عليه؟
– بصوت جماعي: ممكن يا بابا.
– قاعدين تطلعوا رحلات يا شباب؟
– بصوت واحد: أكيد يا بابا.
– طيب اذا انتو مكفول ليكم كل الوسائط والامكانات العلمية المتاحة علشان تكونوا مع الحبيب المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام.. ومتاح ليكم في عصركم هذا افضل امكانات التواصل يا شباب مع كل افراد الاسرة والمجتمع والعالم الخارجي.
عاوزين تنصروا الرسول متيييين؟؟
ومنتظرين شنو.. سيبكم من حكاية الحشود والتظاهرات و(الصرف عليها) وما أدراك.. (ما ادراك على الصرف)!!
ثم يلتفت احمد لزوجته فاطمة قائلاً:
– يا فاطمة.. الحقي البت «لُدَن» دي يظهر عليها نامت شيليها من الكرسي.. رقديها في السرير.

الانتباهة