عالمية

تركيا والقرن الإفريقي.. تهديد الأمن العربي

اختتم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نهاية الشهر الماضي، جولة إفريقية بزيارة الصومال التي تعتبرها حكومة أنقرة بوابة استراتيجية تسمح لها بالسيطرة على مضيق باب المندب، وهضبة إثيوبيا، الأمر الذي يؤثر بدوره على مصالح خليجية وعربية.

وحمل الرئيس التركي في أول زيارة إلى دول قرن إفريقيا استراتيجيات لدول القرن الإفريقي، المنعزلة نسبيا، قد تتعارض مع مصالح اقتصادية وسياسية واستراتيجية لدول الخليج والدول العربية بشكل عام.

إثيوبيا وسد النهضة

اختار أردوغان أن يبدأ جولته الشرق إفريقية من إثيوبيا، حسب الأهمية، حيث ركز لقاءه مع رئيس الوزراء الإثيوبي هيلى ماريام ديسالين، منتصف يناير الجاري، على مجال الطاقة، إذ أبدت تركيا استعدادها للتعاون في إنتاج الطاقة الصديقة للبيئة وبيعها لدول الجوار مثل جيبوتي وكينيا.

وبدأت الحكومة الإيثوبية تدشين مشروع سد النهضة، لتوليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق بمنطقة بني شنقول، على بعد نحو 40 كيلومترا من حدود إثيوبيا مع السودان، بتكلفة تبلغ نحو 4.8 مليار دولار، على أن يولد 5250 ميغاوات من الكهرباء، وأن يحجز خلفه 63 مليار متر مكعب من المياه.

ووقع الرئيس التركي مع نظيره الإثيوبي اتفاقية تعاون في مجال الطاقة ستتمثل في توليد الكهرباء، وتوصيلها إلى بلدان الجوار، مما يجعل تركيا أكبر المستفيذين من بناء سد النهضة.

وكان رئيس قسم السياسات الاستراتيجية والاستثمار في هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية، مكوريا ليما، قال الشهر الماضي إن بلاده ستنفق 20 مليار دولار على مشروعات توليد الطاقة الكهربائية، خلال المرحلة الثانية من خطتها للنمو والتحول التي تمتد من 2015 إلى 2020، وفق ما ذكره مركز والتا الإثيوبي.

ويقول المعارض الإيثوبي في جبهة تحرير منطقة أوغادين، أحمد عبدالحميد، أن الأتراك “يمثلون الوجهة الصهيونية في إفريقيا، خاصة في قضية بناء السد التي تدعمها إسرائيل لمحاربة مصر والسودان”، مضيفا “نعرف جميعا تحسن العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل رغم تظاهر السلطات التركية بعدائها ضد إسرائيل”.

وأشار عبدالحميد إلى أن الأتراك يساعدون الإثيوبيين على التحكم بالمنطقة عسكريا أولا ثم اقتصاديا ثانيا، لتنفيذ غرض إسرائيلي في السيطرة على المنطقة للحصار على المنطقة العربية.

وبحسب رئيس الوزراء الإيثوبي ديسالين عقب لقاء أردوغان، فإن حجم التبادل التجاري بين بلاده وتركيا وصل إلى 400 مليون دولار سنويا، مشيرا إلى أن كلا البلدين يتطلعان قريبا لزيادته إلى 500 مليون دولار، حيث تنفذ شركة “يابي ميركيزي”، التركية خط السكك الحديدية الذي يتم بناؤه من مدينة “أواش” إلي مدينة “ولديا” (شمال شرقي) إثيوبيا.

جيبوتي ومصادرة الموانئ

وشهد لقاء أردوغان مع نظيرة الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، في العاصمة الجيبوتية جيبوتي، توقيع سبعة اتفاقيات تعاون في مجالات الموانئ والنقل والإعلام والزراعة والصحة إضافة إلى المجال العسكري، ما يثير شكوكا حول مواصلة شركة دبي للموانئ عملها في ميناء جيبوتي في الفترة المقبلة.

وتتمثل اتفاقية النقل البحري والموانئ الموقعة بين الجانبين التركي والجيبوتي في تقديم معدات حديثة لموانئ جيبوتي وتبادل الخبرات بين الجانبين، ولم يستبعد المحللون مصادرة شركات تركية لميناء جيبوتي إضافة إلى إدارتها الحالية لميناء مقديشو.

ويرى المحلل الاقتصادي الصومالي محمد عبدالله نيشن أن الأتراك يهدفون إلى التحكم في جميع مرافئ باب المندب بما فيها موانئ جيبوتي، وبربرا في جمهورية أرض الصومال على غرار ميناء مقديشو ما يسهل لهم بالتحكم في الواردات والصادرات من القرن الإفريقي.

وزار رجال أعمال أتراك، كانوا برفقة الرئيس التركي، ميناء جيبوتي لرصد الإمكانيات والفرص المتاحة في استثمار مجال النقل البحري الذي يعتبر من أهم اقتصاديات جيبوتي.

الاستثمارات في الصومال

تعهدت تركيا ببناء 10آلاف شقة سكنية في العاصمة الصومالية مقديشو، لتحسين مظهر المدينة وإزالة العشوائيات التي تشكلت بسبب وصول حوالي نصف مليون نازح تضرروا من الجفاف الذي ضرب مناطق واسعة من الجنوب والوسط، لكنه لم يوضح أن التكلفة ستكون منحة أم أنها بداية الاستثمار العقاري التركي في الصومال.

وقال الرئيس التركي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، عقب زيارته إلى مقديشو إنه سيتم بناء عشرة آلاف وحدة سكنية للفقراء في مقديشو، وأضاف أن التخطيط العمراني للمدينة مهم قبل تنفيذ هذا المشروع.

كما تعهدت تركيا بزيادة رحلات الطيران التركي إلى مقديشو، وجعلها يومية بدلا من أربعة رحلات في الأسبوع، لربط الصوماليين المغتربين ببلادهم، إضافة إلى ربط العالم بمقديشو، وذلك رغم أن أسعار تذاكر الطيران التركي من مقديشو إلى إسطنبول هي الأغلى في جميع الخطوط التي تتجه من الصومال.

أيضا تعهدت تركيا بفتح أكبر سفاراتها في مقديشو، رغم أن نشاطات السفارة التركية في الصومال تختصر في التنسيق مع الشركات الاستثمارية التركية التي تعمل في الصومال.

وكذلك تعهدت تركيا بتوسعة ميناء مقديشو الذي يديره شركة البيرق التركية.

وتقدر التكلفة الكلية للمشاريع التي نفذتها تركيا في الصومال خلال السنوات الثلاثة الماضية بحوالي 200 مليون دولار، تتمثل في إعادة بناء الطرق الرئيسية في العاصمة بما فيها شارعي المطار والقصر، إضافة إلى أربعة ملايين دولار تدفعها تركيا للحكومة الصومالية نقديا في كل شهر منذ عام 2011.

أما الاستثمارات التركية في الصومال فتصل إلى نحو 400 مليون دولار، تتمثل 200 مليون دولار في قطاع الصحة، 153 منها في مستشفى ديكفير الحكومي، التي ستديرها شركة تيكا التركية خلال السنوات الخمسة المقبلة، ومستشفيات أخرى خاصة تديرها شركات تركية.

ويعتبر قطاع التعليم من أهم القطاعات التي استثمرت فيها الشركات التركية، بعد مصادرتهم 13 مدرسة ومعسكر جامعي في مقديشو تم تحويلها بعضها إلى مدارس تركية، كما تم استئجار بعض المعسكرات الجامعية الحكومية من قبل جامعات صومالية خاصة.

أما شركتي البيرق وفافوري التركيتين فتديران ميناء ومطار مقديشو، أكبر مصدري دخل للحكومة الصومالية، ووسعت شركة فايفوري المطار في عقد سيستمر 5 سنوات، وفضلت حجب التكلفة الرسمية لتوسعة البوابة الجديدة للمطار.

سكاي نيوز عربية