منوعات

جفاف الرجل.. الدراما التركية.. رومانسية تشغل بال المرأة السودانية

لا شك أن وسائل الاتصال الحديثة المرئية منها والمسموعة تعد محركاً رئيسياً لسلوك الفرد، حيث أن السلوك يشمل كافة الأنشطة التي يقوم بها الكائن البشري من أفعال وأقوال تشبع الغرائز والحاجات النفسية، لذلك فإن مشاهدة البث الفضائي بما في ذلك المسلسلات التركية المدبلجة تعد سلوكاً مدفوعاً ببعض المحركات.

وهي تستعرض علاقات اجتماعية وأحداثاً مثيرة تمتد بين الحب والوفاء، الخيانة والأمانة، الأنانية والقناعة، وغيرها من المتناقضات السلوكية التي تشد انتباه المشاهد وتقدح غرائزه ليحب شخصية ويكره الأخرى، لاسيما النساء اللائي يكنّ أكثر جذباً لمثل هذا النوع من الدراما لأنها تحمل الكثير من الرومانسية والوفاء، فهل تشبع تلك المشاهد رغبة ظلت مفقودة لديهنّ سنوات خلت؟ أما أن هناك سبباً آخر يدفع النساء الى مشاهدة تلك الدراما بشغف؟

يوم سعيد

أجمعت العديد من النساء على مشاهدة الدراما وخاصة التركية المحمومة بالمشاعر، والأحاسيس الجياشة المليئة بالحب والرمانسية ومن الحديث أعذبه وأجمله، وتساعدهنّ على قضاء يومهنّ بسعادة، غير أنها تعطيهم دفعة لاستمرار في الحياة التي امتلأت بكدر العيش، خاصة مع غلاء المعيشة الذي كاد أن يهلك الأسر.

دفعة للحياة

وأرجعت ماجدولين عبدالخالق – ربة منزل – مشاهدة المرأة السودانية للمسلسلات التركية إلى أنه يدفعها نحو الحياة بتفاؤل وأمل بأن القادم أفضل، في انتظار أن يتحول زوجها من مستهلك إلى منتج، بالإضافة إلى أن تلك المسلسلات تعكس لهم ما حدث من تطور في عالم البناء والأثاث الذي اتجهت إليه معظم البيوت السودانية، فيتحدث أفقها ويتقد ذهنها، ويصبح مستعداً لاستقبال المزيد في الجانبين.

رومانسية مفقودة

أكدت الباحثة النفسية زينب حسن علي أن المجتمع السوداني يفتقد الرومانسية، ويعتمد الجمود والجفاء العاطفي أساساً للحياة، وتعود على ذلك. وأضافت: لكن ما أن دخلت الفضائيات منازلنا وكثرت مشاهدت المسلسلات خاصة التركية، حدث تغير بيولوجي ونفسي للمجتمع، سيما المجتمعي النسائي، وقالت زينب أرى حاجة النساء إلى العاطفة وسماع معسول الحديث والغزل من زوجها من الأشياء الإيجابية، غير أنها محفذة للحياة واستمرارها، لكن ما تنصدم بالواقع المرير وتجد مردودا سلبيا من زوجها تصاب بالإحباط وتعيش حالة من الاكتئاب، لذلك إن صح بمشاهد تلك المسلسلات لكن بقدر، وعلى المرأة السودانية عدم العشم في ما هو بعيد عن واقعها لأنها هي أكثر الناس دراية بزوجها وحالته العاطفية.

رغبات مكبوته

استطاعت الدراما بشكل عام والتركية بصفة خاصة إحداث ضجة كبيرة في وسط المجتمع السوداني خاصة المجتمع الانثوي، هكذا ابتدرت الباحثة الاجتماعية سامية أحمد حديثها. وأوضحت أن هناك جملة أسباب جعلت المرأة أكثر الفئات حرصاً على مشاهدتها بصورة مفرطة، ومنها الحاجة إلى الحب والقبول من الآخر فضلاً عن رغبتها في حرية الاختيار وتحقيق الذات، وإشباع الميول والاتجاهات التي يكتسبها الفرد خلال مراحل نموه.

ظروف صعبة

وأشارت سامية إلى الظروف الحياتية الجافة التي تعيشها المرأة. وقالت إن الفقر والحرمان العاطفي الذي تعاني منه النساء السودانيات هو ما يدفعهنّ لإشباع تلك الرغبات المكبوتة عبر المسلسلات، التي تساهم بصورة كبيرة في انخفاض نسبة التوتر الناتج من الفشل والإحباط، لافتة إلى أن المرأة في مجتمعنا دائماً تنتظر المبادرة من الرجل الذي لا يحرك ساكناً.

رؤية مختلفة

ونبهت الباحثة الاجتماعية إلى أن المجتمع السوداني عموماً لا يجنح إلى العاطفة ونجد أن الأسر تقوم على تربية أبنائها بما هو حلال وحرام وأيضاً العيب والمقبول من الأفعال، وعندما تكبر الفتاة أو الصبي يُحذران من الوقوع في الحب أو الدخول في مثل تلك العلاقات، لأن لغة التخاطب معهم اختلفت وتحولت كلمات “لا يا حبيبي، نور عيني” التي تعودوا عليها إلى أشياء لا يجب أن يقولها لأحد.

ونصحت بالتقليل من مشاهدة تلك المسلسلات المدمرة لأنها لا تشبه مجتمعنا، وأفرزت العديد من الظواهر السالبة والمشكلات الاجتماعية بين الأسر، فارتفعت قضايا الطلاق التي تشهد المحاكم نسب عالية منها، وتفكك أسري وتشرد الأبناء، وقالت سامية إن ما يزيد الأمر تعقيداً متابعت الأطفال لتلك المشاهد الساخنة التي لا تناسبهم، وحذرت من ذلك لأنه على حد قولها يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، وعلى الأسر انتقاء ما هو أفضل ومفيد لأطفالهم بدلاً من ترك الحبل على الغارب

زهرة عكاشة: صحيفة اليوم التالي