رأي ومقالات

عمر الشريف : السودان الافقر والاغلى


المفارقات التى تجدها فى السودان لم تكن مفارقات متوازية حسب العرض والطلب او الدخل والصرف او الامكانيات او الوضع الاقتصادى و السياسى . دولة مثل السودان بها إمكانيات ومقومات كبيرة وكثيرة تجعلها الارخص او الاوسط بين الدول اذا وجدت الادارة والوطنية المخلصة . أسعار السلع التموينية مرتفعه جدا مقارنة بالدخل وفى الكثير منها ندرة او أزمة مؤقته يحكمها سعر الدولار والتصريحات الحكومية و التجار والازمات العالمية . لكن عندما أتسأل عن سعر الذرة الذى يستخدم للاستهلاك الحيوانى فى دول العالم الاخرى بينما هو قوت السودان الرئيسى ورغم انتاجه مطريا ومرويا لكن يرتفع سعره بعد موسم حصاده حتى اذا أوقف التصديره ، وسعر الطماطم والخضروات الموسمية التى تنعدم فى فترة ما نجد احيانا اسعارها خيالية ، ناهيك عن اللحوم التى نعتبر نحن من الدول الكبرى فى انتاجها وتربيتها وتسويقها .
أسعار الاراضى التى طالت المدن والقرى حتى اصبح يضرب بها المثل فى الغلاء ونافست بل فاقت طوكيو ولندن ونيويورك والرياض وغيرها من مدن العالم المشهورة ليس لوجود معالم سياحية او استقرار سياسى او أمنى أو إقتصادى أو تجارى أو مناخ ربيعى أو طبيعة خلابة لكن لوجود طمع وفساد وغسيل أموال أوحملة منظمة ، وكيف نبرهن إرتفاع الاراضى فى مناطق وقرى ليس بها مقومات الحياة الرئيسية . هناك أحياء فى العاصمة لكنها هى خارج السودان لان بيعها بالدولار واسعارها خرافية فاقت أسعار أراضى مكة المكرمة بالقرب من الحرم المكى وساكنيها حياتهم تختلف عن الحياة السودانية والعادات والتقاليد التى اشتهر بها أهل السودان وعندما يذكر لك حى الطائف والرياض والمنشية والأزهرى وكافورى وغيرها من الاحياء التى تعتبر راقية وغالية تتوقع نفسك أنت فى أرقى الاحياء العالمية التى تتميز بكل الخدمات وناطحات السحاب حتى وصل الحال باراضى الحيازة التى فاق سعر المتر 15 جنية اى ما يعادل دولارين فى حين أن دخل الفرد العادى اليومى لا يتجاوز هذا المبلغ . تلك الكارثة لم تكن فى العاصمة فقط التى تمددت حتى حدود الجزيرة وولاية شرق النيل وولاية النيل الابيض وولاية كردفان رغم المساحة الشاسعة وكل هذا التمدد لم تصله الخدمات مثل المياة والكهرباء ولا الصحة والتعليم لكن وصلته الاتصالات والضرائب . وساعد على ارتفاع الاراضى فى المدن والقرى الاخرى بيع الحكومة للمخططات وتوزيع بعضها حسب الفئات الحزبية .
أسباب هذا الغلاء هو البعد عن أمر وشرع الله و سوء الإدارة وعدم الوطنية والجشع والفساد والخيانة والطمع . لان الإنتاج المحلى اذا استثمر ودعم بشكل صحيح يكفى حاجة البلاد ويزيد وإذا تم توفير الخدمات الاساسية فى المناطق الريفية وتم تثقيف الشعب على البناء الرأسى لما كان هناك غلاء فى الاراضى وأذا تم محاربة الفساد والطمع لقلل من الغلاء أما إذا أهتم بالادارة ومحاسبتها لساعد فى زيادة الانتاج والاداء وقلل من الغلاء وأهم من ذلك الوطنية التى تجعل الشخص يحافظ على وطنة وممتلكاته ويعمل على تطويره وتقدمه . إذا ليست مشكلة الغلاء ناتجه عن الوضع الاقتصادى العالمى او قلة النقد الاجنبى أو تراكم الديون الخارجية فقط ولكن مشكلة الإدارة والفساد وطمع التجار والحالة السياسية والآمنية التى تمثل أكبر قدر فى الغلاء والاحتكار .