تحقيقات وتقارير

دعوة واشنطن لغندور… ليس حباً في المؤتمر لكن خوفاً من داعش


لماذا تبدو واشنطن وكأنها لا ترغب في ذهاب حكم المؤتمر الوطني؟ سؤال يدور كثيراً في مجالس الخرطوم، مع أن العلاقة بين الاثنين لم تعرف التطبيع منذ أن كانت الخرطوم تتغنى يومياً بـ (أمريكا روسيا قد دنا عذابها.. علي إن لاقيتها ضرابها). البعض فسر الأمر بأن أمريكا لا ترغب في استقرار الأوضاع في السودان حتى لا يتم استخراج الموارد الطبيعية الضخمة الموجودة فيه، انتظارًا لزمن آخر قد يأتي، بمعنى مختصر أنّ استراتيجية الولايات المتحدة في استمرار حالة عدم التطبيع مع السودان ناتجة من منطلق اقتصادي.

لكن في الكف الآخر هناك من يدفع برأي مخالف تماماً لذلك ويؤكد أن واشنطن ترى في استقرار السودان عاملاً مهماً جداً للأمن والسلم إقليمياً ودولياً، بل يذهبون لأكثر من ذلك ويقولون إن واشنطن ترى في بقاء البشير رئيسا للسودان الركيزة الأساسية لأمن البحر الأحمر، شريان التجارة العالمية. وربما الأفضل استصحاب نشاط الجماعات الإسلامية المتشددة في ليبيا، مالي، بينما تهدد جماعة بوكو حرام نيجيريا والكاميرون وطرقت الحدود الغربية لتشاد. بينما أعلنت الأمم المتحدة في شهر يناير المنصرم أنّ منطقة دارفور قد تصبح منطقة لجذب لعناصر الجماعات الإسلامية المتشددة.

كرتي وغندور
في الأسبوع المنصرم زار واشنطن وزير الخارجية علي كرتي ثم تبعه مساعد الرئيس ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، بروفيسور إبراهيم غندور. وعلى الرغم من أهمية زيارة كرتي، التي واجهت مظاهرات رافضة لها، إلا أن زيارة غندور تبدو هي الأهم لجهة أنه يلبس طاقيتين، فهو مساعد الرئيس، وهذه يعني أنه قريب جداً من البشير من الناحية التنفيذية، ثم أنه نائب البشير على مستوى حزب المؤتمر الوطني. لذلك ربما الأفضل التركيز على زيارة غندور أكثر من كرتي.

مصالح أمنية وليست اقتصادية
درج المسؤولون الحكوميون ووسائط الإعلام السوداني على ترديد أن الولايات المتحدة تنظر إلى السودان باعتباره فرصة اقتصادية، من حيث الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية الأخرى مثل البترول والمعادن الاستراتيجية، كاليورانيوم.
لكن صحفي سوداني أتيحت الفرصة له للقاء مسؤولين بالخارجية الأمريكية، قال إنهم أوضحوا بصورة قاطعة أن الثروات السودانية هذه لا تمثل شيئاً بالنسبة للولايات المتحدة، وولاية كاليفورنيا وحدها تملك مقومات السودان الزراعية مجتمعة. وكيف أنهم أشاروا إلى نقطة مهمة جدًا يغفل عنها السودانيون، هي أن السودان وإثيوبيا هما الدولتان الوحيدتان في كل إقليم شرق ووسط إفريقيا اللتان تنعمان باستقرار وأمن نسبي في المنطقة بحسب الخريطة المرفقة، وأن الولايات المتحدة تدرك بصورة قاطعة أنّ انهيار السودان يعني وصول المنظمات المتطرفة إلى قلب إفريقيا وتهديد أمن وسلام البحر الأحمر الممر الحيوي لكل العالم تقريباً. ويجعل المملكة العربية السعودية محصورة بين الخطر الشيعي في إيران والبحرين شرقاً، واليمن جنوباً والسودان، حال انهياره، غرباً.

السودان جزء من كل
نائب رئيس المؤتمر الوطني، إبراهيم غندور اجتمع على يومين بمسؤولين في الخارجية الأمريكية وبحث العلاقات بين البلدين، لكن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية أصدر بياناً قصيراً عن هذه الاجتماعات قال فيه (إن الحوار شمل طرق تطوير تحقيق المصالح المشتركة والاهتمامات في الإقليم، بما في ذلك طرق تحقيق سلام دائم في السودان).
والملاحظ أن البيان تحدث عن تحقيق مصالح واهتمامات مشتركة في الإقليم يكون من ضمنها تحقيق السلام المستدام في السودان، أي أن السودان يأتي ضمن المصالح الأمريكية في الإقليم. لكن دعونا ننظر إلى إقليم، شرق ووسط إفريقيا من ناحية أمنية.

خارطة الطريق الأمريكية
تقوم خارطة الطريق الأمريكية على التوافق على فترة حكم انتقالي في السودان برئاسة البشير، لكن بصلاحيات أقل، تمهد لانتخابات تعددية حرة ونزيهة. على أن يتم في هذه الفترة وضع دستور دائم للبلاد. وربما تعضد هذه الفرضية زيارة غندور الحالية إلى واشنطن واجتماعه بمسؤولي وزارة الخارجية هناك. وربما المقصود من دعوة غندور لزيارة واشنطن التباحث مع أقرب شخص للمشير البشير من موقع منصبه التنفيذي والسياسي.

تعضيد سوداني
ذهبت إلى بروفيسور عمر محمد علي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، وأكاديمية الأمن القومي، وسألته عن ماذا تريد الولايات المتحدة من السودان، أجاب بأن الأقرب هو الناحية الأمنية في الإقليم وليس الموارد الاقتصادية. ويشرح ذلك في أنّ استمرار الرئيس البشير في منصبه لفترة انتقالية هو الطريق الأوحد للحفاظ على استقرار السودان وعدم انهياره. ويضيف بروفيسور عمر أنّ الفترة الانتقالية يجب ألا تكون سنة واحدة، مستشهداً بالفترة الانتقالية الخاصة بحكومة المشير عبد الرحمن سوار الذهب التي استمرت سنة واحدة لم تتمكن خلالها الأحزاب من توفيق أوضاعها قبل دخول العملية الانتخابية.
ورجح أن الأفضل أن تكون ثلاث سنوات بحكومة تكنوقراط، وليست قومية تهتم بتمثيل الأحزاب، التي طالب أن تقوم باصلاحات ديمقراطية داخلها، تجعلها قادرة ومستعدة لدفع استحقاقات خوض انتخابات ديمقراطية قبل أن تبحث عن حقوقها، كما دعا لتوحيد الأحزاب وتقليل عددها إذ ليس من المنطقي تشتيت الجهود على أكثر من (83) حزباً، بحسب تصريح بروفيسور عمر محمد علي.
على اختلاف وجهات القوى السياسية حول التمديد للرئيس البشير لفترة رئاسية انتقالية، أو كاملة، لكن يبدو أن قوى دولية وإقليمية تدفع في هذا الاتجاه لضمان الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأحمر أهم مجرى مائي للتجارة العالمية، وشمال إفريقيا المطلة على أوروبا الغربية. وربما مخرجات زيارة غندور لواشنطن ترسم ملامح المشهد السوداني في الشهور المقبلة.

صحيفة التيار


تعليق واحد

  1. ده كلو كلام فاضي امريكا شافت الحصل في الجنوب والصومال والعراق واليمن وسوريا وليبيا وهي دائما خسرانه وشافو الصين عندهاعلاقة كويسه مع السودان والسودان ممكن يحل مشكلة الجنوب ومشكلة ليبيا والصومال اذا السودان مهم لي امريكا ابقو تقال شويه ياناس الحكومة وخلو امريكا تفتش لي رضاكم وبطلو الخفه والله ناس الانقاذ بقو مهمين