مصطفى عثمان (1-2) تناقص النوافذ المصرفية في ظل الحصار أثر على الاستثمار
** يلبس عددا من العباءات المختلفة حزبية وتنفيذية.. فهو رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني والوزير بالجهاز القومي للاستثمار.. د. مصطفى عثمان إسماعيل إذن رجل يتقلب بين ناري السياسة والاقتصاد دون أن تطال إحداهما إحدى عباءاته.. قصدناه في مكتبه بالمؤتمر الوطني، حاملين معنا قضايا الاستثمار الشائكة في ظل وضع اقتصادي يعول على الشأن الاستثماري بشكل كبير.. وفي الوقت ذاته فإن قضايا الحوار الوطني والمعتقلين والحوار مع واشنطون تفرض نفسها كقضايا الساعة التي لا يمكن تجاوزها، فادهشنا بمهارته الفائقه في الإجابات وبدبلوماسيته في الردود.. (اليوم التالي) جلست إلى د. مصطفى عثمان إسماعيل للتنقيب عن عدد من القضايا المتنوعة فإلى إفاداته:
* رغم ما تبذلونه ثمة من يقول بأن الموقف لازال ضبابيا في الشأن الاستثماري؟
– لدينا رؤية نعمل على إنزالها إلى أرض الواقع من خلال خطوات ومراحل، بدأت بتحديث التشريعات وسن القوانين واللوائح التي تنظم العمل الاستثماري، وهذا تم الفراغ منه وقد يخضع لمراجعات وتحديثات وفقا لما يتضح لنا من خلال الممارسة، ثم تأتي مرحلة بناء الهياكل العامة والفرعية للاستثمار والأجهزة المساعدة، ثم عمدنا إلى بناء بنك معلومات من خلال جمع البيانات المتعلقة بالاستثمارات وتحليلها وتحويلها إلى معلومات سهل الوصول إليها خاصة وأن الاستثمار في السنوات الماضية لم يكن له قواعد بيانات أو إحصاءات مكتملة يتم الرجوع إليها، وبالتوازي يجري عمل كبير في مجال الترويج الداخلي والخارجي من خلال الملتقيات والمشاركات في الفعاليات الاستثمارية محليا ودوليا، الأمر الذي انعكس إيجابا لكن ليس بالحجم المأمول، كما أن هناك بعض المعوقات ذات الصلة بالبنية التحتية وتطور البلد ومواكبتها من حيث التقانة وغيرها، بالإضافة إلى بعض المعوقات التنسيقية بين الأجهزة ذات الصلة.
* الوضع الاقتصادي غير المستقر يجعل من الصعب جذب استثمارات خارجية بشكل كبير.. ألا تتفق معنا؟
– نعم رغم الانفراج النسبي في الوضع الاقتصادي، إلا أنه لم يفلح في جذب الاستثمارات بالحجم المتوقع، ونعزو ذلك للتردد الذي يعتري المستثمر خاصة الأجنبي في هذه الحالات، فرأس المال جبان حسب العرف، بالإضافة إلى تناقص المنافذ المصرفية للتحويلات المالية من وإلى السودان في ظل العقوبات المفروضة من المؤسسات الدولية المتعاملة مع السودان، كل ذلك أثر في هذه الحالة.
* حسناً، يقال أن النظرية خضراء والتجربة رمادية.. بمعنىً آخر يبدو الفرق بائناً بين قانون الاستثمار على الورق وتطبيقه على أرض الواقع؟
– إنما سنت القوانين لتطبق، ولا أرى اختلافا في تطبيق القانون على أرض الواقع، قد تكون هناك بعض العقبات والصعوبات التي تصاحب عملية إنزال القوانين الجديدة، لكن مع مرور الأيام تمضي الأمور على أحسن الأحوال.
* هنالك حديث تتداوله الألسن عن الفساد والسماسرة في العمليات الاستثمارية، وقبل ذلك أعلنت في مؤتمر صحفي عن وجود صندوق للشكاوي والبلاغات في المجلس القومي للاستثمار للتبليغ عن هذه الحالات.. كم عدد الشكاوي التي وصلت للصندوق حتى الآن؟
– هنالك صندوقان أحدهما داخل وزارة الاستثمار، وهنالك لجنة مكونة من عدة جهات؛ يرأسها وزير الدولة بالاستثمار، وهذه نظرت الآن في أكثر من عشرين شكوى وعالجتها، هناك لجنة عليا برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية وفي عضويتها نائب رئيس الجمهورية ووزير العدل والمالية والاستثمار ووزير الصناعة وهذه اللجنة مهمتها النظر في القضايا والشكاوي الكبرى المتعلقة بالولايات والوزارات السيادية وغيرها، وأنا التقيت بالأخ النائب الأول الخميس الماضي وعرضت عليه مجموعة الشكاوي المرفوعة أمام اللجنة العليا ووعدني بأن اللجنة العليا ستجتمع في الأيام القادمة لتواصل معالجتها للشكاوي المختلفة.
* هل العشرون شكوى كلها تتعرض لقضايا الفساد والرشاوي؟
– لا العشرون شكوى عبارة عن شكاو وتضرر من بعض المستثمرين، إما من بعض المؤسسات الحكومية أو من بعض المواطنين أو من بعض ولاة الولايات أو من بعض المؤسسات العاملة في مجال الأراضي أو في مجال الضرائب أو الجمارك واللجنة تضم هذه الجهات المختلفة وتقوم بالمعالجات.
* إعادة هيكلة وزارة الاستثمار من وزارة إلى مجلس قومي أفرزت خللا في الكوادر الوظيفية.. وقد تنامى إلى سمعنا بأن هنالك موظفة متضررة من إعادة الهيكلة رفعت قضية ضد الوزارة.. ما صحة ذلك؟
– أول مرة أسمع هذا الحديث وأنا شخصيا لم أنقل أية موظفة من وزارة الاستثمار لأية جهة أخرى.
* ولكن هنالك كانت إعادة هيكلة للوزارة؟
– إعادة الهيكلة تمت بواسطة لجنة برئاسة الأمين العام للجهاز القومي للاستثمار.. لكن كما ذكرت لم أتلق أية شكوى أو تضرر من أي موظف أو أسمع بشكوى ضد ما تم.. لأننا نحن لم نشرد أي موظف، وإنما… ما يمكن أن نستوعبه في الهيكل الجديد تم استيعابه لأن الهيكل القديم كان مترهلا والجديد بسيط حتى نستطيع أن نحكم العمل وننشط الإجراءات وأن تكون هنالك هياكل موجودة في الولايات، ولذلك استوعبنا عددا من الموجودين في وزارة الاستثمار والآخر أحلناه إلى مجلس الوزراء الذي أحالهم لوزارات مختلفة.. إذن نحن لم نشرد موظفا في وزارة الاستثمار السابقة إنما إعادة الهيكلة اقتضت تقليص الوظائف وعلى إثرها شكلت هذه اللجنة واستوعبت ما تحتاج إليه والبقية تم نقلهم لوزارات أخرى هي في حاجة إليهم.
* هنالك هروب كبير من الاستثمار الوطني.. أي الاستثمار في الجارة إثيوبيا.. أليس هنالك إجراءات تقوم بها الوزارة للحد من هذه الهجرة العكسية؟
– الآن البعض منهم بدأ يعود إلى السودان مرة أخرى ونحن ليست لدينا مشكلة في أن يذهب بعض المستثمرين السودانيين للاستثمار في إثيوبيا لأنه في النهاية إثيوبيا جارة وسعينا أن نجذب مستثمرين إثيوبيين للاستثمار في السودان أو المستثمرين الأجانب المتواجدين في إثيوبيا للاستثمار في السودان، أنا عند زيارتي الأخيرة لإثيوبيا وجدت أن المستثمرين السودانيين أنفسهم في إثيوبيا بدأوا يواجهون بعض المشكلات ورفعتها للجانب الإثيوبي.. على كل حال حاليا توقفت الهجرة التي كانت موجودة في السابق، هذا لا يعني أنها توقفت بنسبة مئة بالمائة، لكنها ليست بذات النسبة والتسهيلات التي بدأنا نقدمها في الداخل، بدأت تجذب مزيدا من المستثمرين الوطنيين والأجانب.
* وفقا لآخر تقرير صادر من المجلس القومي للاستثمار، فإن حجم الاستثمارات العربية والخليجية المصدقة بلغ 21 مليار دولار، بينما بلغ المنفذ منها 5 مليارات دولار.. ألا ترون أن الفجوة واسعة بين حجم المصدق والمنفذ؟
– المصدقة هذه من زمن بداية الاستثمار العربي في كنانة، وهي أول استثمار عربي في السودان.. التصديقات بدأت منذ ذلك الوقت، نحن الآن نريد أن نحسم ذلك، مثلا نسمع عن الشركة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي والهيئات العربية هذه صدقت لها عشرات المشاريع وبالتالي نحن الآن نحصر في كل التصديقات الموجودة ونريد أن نقنن هذه التصديقات المستثمرة التي مضى على حيازتها للأرض أكثر من فترة معينة ولم يبدأ استثماره.. لابد من معالجة هذا الوضع، لذا فإن هذا الحصر يبدأ منذ ما بعد الاستقلال وحتى الآن .
* وماذا عن مشكلة الأراضي؟
– التعديل الذي جرى في الدستور سيعالج هذه المشكلة، نحن الآن بصدد تقديم مقترح لرئيس الجمهورية لتعديل في القوانين ومراسيم جمهورية تعالج مشاكل الأراضي كلها .
* لا يزال الأمن الغذائي العربي وتحقيقه حلما بعيد المنال؟
– الأمن الغذائي العربي فكرته بدأت قبل أقل من عامين في مؤتمر الرياض، والمبادرة طرحت وبعد ذلك عقد اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي بالخرطوم العام الماضي على مستوى الوزراء، وفيه تم تكليف استشاري للقيام بدراسة المشاريع المطروحة من قبل السودان، الاستشاري الآن هو في نهايات دراساته وقبل الاستشاري لا تستطيع أن تفعل شيئا، دراسة الاستشاري ستقدم إلى القمة العربية الاقتصادية القادمة المتوقع أن تنعقد في تونس في الربع الأول من هذا العام، وبالتالي ما الجديد في تلك المبادرة التي بدأت للتو، رغم ذلك المبادرات الثنائية لم تتوقف، نحن خلال هذا العام هنالك استثمارات لمواطنين سعوديين بما يقارب النصف مليون فدان بدأ العمل فيها.
* أين هذه المشاريع؟
– الشيخ الراجحي بدأ العام الماضي وصدق له في الولاية الشمالية وحدها بـ300 ألف فدان وبدأ بعمل الطرق والكهرباء والمعدات والمحاور، وهذا العام متوقع أن يزرع قمحا، هذا نموذج لما يجري بجواره مباشرة، قبل عامين صدق مشروعا بـ 130 ألف فدان بالولاية الشمالية لمحمد العتيبية زرع حتى الآن قرابة الـ 30 ألف فدان، قام بتركيب محاور وأقام مدينة صناعية متكاملة ووصل الكهرباء والمياه وزرع منذ العام الماضي، هذا الشهر وقعنا اتفاقية مع البحرين للاستثمار في 100 ألف فدان والآن الإمارات العربية المتحدة طلبت أيضا أرضا زراعية حتى تقوم باستثمارها ولقطر أيضا أرض زراعية في نهر النيل ما يقارب 350 ألف فدان، لكن البنية التحتية لم تكن موجودة خاصة الكهرباء ولذلك طلبنا من قطر قرضا لتوصيل الكهرباء وأعطتنا قرضا بحوالي 200 مليون دولار لتوصيل الكهرباء للمشروع القطري والمشاريع الأخرى، وبنهاية هذا العام يفترض أن ينتهي مشروع الكهرباء وتبدأ قطر في مشروعها، هنالك الاستثمار اللبناني في النقعة والمصورات وهنالك أيضا 60 ألف فدان بشمال كردفان لمستثمرين سعوديين، (نادك) وحدها صدق لها بـ60 ألف فدان وبدأت في عمل المحاور، هنالك مستثمرون صينيون تم التصديق لهم لزراعة قطن في منطقة سنار، وهناك مستثمرون سوريون يستثمرون الآن في النيل الأزرق.. في معدن الكروم وغيره دخل الاستثمار الروسي العام الماضي وامتد في عدد من المشاريع، وبالتالي الاستثمارات مستمرة رغم الظروف التي يمر بها السودان.
* هنالك شكاوي من المستثمرين خاصة في الولاية الشمالية بأنهم لا يزرعون في الأراضي إلا البرسيم.. وهو يقلل من خصوبة الأراضي على المدى البعيد؟
– “هم لسه في البدايات”، والمشاريع ما مشاريع فقط لإنتاج البرسيم، المشروع الذي ينتج البرسيم مرتبط بمشروع للثروة الحيوانية والألبان والأجبان واللحوم، يعني مشروعا متكاملا كونه في بداية زراعته زرع برسيما هذا ليس يعني أن المشروع فقط سيبقى على البرسيم ولا يوجد لدينا مشروع فقط مهمته زراعة البرسيم.
* د. مصطفى.. الاستثمار يحتاج لوزير متفرغ وأنت تمسك بعدد من الملفات المهمة بالدولة.. ألا تتفق معنا في ذلك؟
– أنا أحاول أن أوفق بين كل الملفات الموكلة إلي سواء من الحزب أو رئاسة الجمهورية.. لكنني أعطي ملف الاستثمار أولوية، خاصة وأن الجهاز القومي للاستثمار له هيكل نشط وكفاءات طيبة من الموظفين والعمال الذين يعتمد عليهم، وفي حالة غيابي وانشغالي فإن السيد وزير الدولة الدكتور علي موسى تاور والسيد الأمين العام السفير أحمد محجوب شاور يقومان بسد الفراغ على أكمل وجه، بالإضافة إلى أنشطتهم الموكلة إليهم، لذلك ليس هناك أي قصور في أداء المهام.
* هل أنت راض عن أدائك في وزارة الاستثمار؟
– أعتقد أنني إذا استطعت أن أعالج المشكلات، فالأداء سيكون أفضل من هذا.
اليوم التالي
ملكت أرض الودان للأجانب – ما استفاد محمد أحمد المسكين من البتسوي فيه ده ما هو مردود الاستثمار على أهل السودان الذين أفقرتموهم؟ في رأيي ساسة الإنقاذ لديهم فهم قاصر لما يسمى بالاستثمار الأجنبي وهو عندهم الإتيان بأجانب وتمليكهم أصول البلد دون نقاش لما يعود على البلد وأهلها من ذلك – وهو في النهاية بشيلوا دولاراتهم وبرسيمهم لبلادهم- ينبغي محاسبة هذا الرجل لو في حرص حقيقي على أمن البلاد الاقتصادي.